شركات الخدمات المهنية
ظهر هذا النوع من شركات الخدمات المهنية فى أواخر القرن التاسع عشر مع الثورة الصناعية الثانية. حيث قامت بتقديم الاستشارات للهيئات الصناعية حول طرق جديدة لتنظيم العمليات الإدارية وتحسين الأداء، وتعزيز حوكمة الشركات الصناعية الكبيرة متعددة الأقسام، وتبسيط الهياكل التنظيمية، وتحسين تخطيط القدرات، وزيادة التنافسية.
ورغم أن هذه الشركات وُجدت فى الأساس لتحسين الكفاءة التشغيلية، فإنها اليوم تغطى جوانب عديدة من الأعمال مثل الاستراتيجية، والعمليات، والتمويل، وإدارة الموارد البشرية والعلاقات مع الموظفين، وتكنولوجيا المعلومات، والأنظمة التجارية، وإدارة المخاطر، والضرائب والمراجعة، والابتكار، وتطوير المنتجات، والهندسة، وغيرها.
وتخدم شركات الخدمات المهنية اليوم القطاعات الصناعية والحكومات والمؤسسات العامة.
تعتبر حركة "الإدارة العلمية" التى انبثقت فى أوائل القرن العشرين بداية ظهور مفهوم الاستشارات باعتبارها عمل تجارى. حيث ألهمت الدراسة العلمية للأعمال ظهور عمليات التسويق والاستثمارات لتحقيق المكاسب وزيادة احجام المؤسسات.
وفى كتابه "مبادئ الإدارة العلمية" (1913)، أكد "فريدريك تايلور" أن الإدارة هى "علم حقيقى يقوم على قواعد وقوانين ومبادئ واضحة".
اشتهر "تايلور" بدراسات الوقت والحركة وتأثير التغييرات فى الظروف المادية على الإنتاجية. وبالمصادفة، كانت "كلية هارفارد للأعمال"، التى تأسست عام 1908، من أولى المؤسسات الأكاديمية التى روّجت لفكرة الإدارة كتخصص منفصل، وأُطلقت عليه فى مناهجها إسم "السياسات التجارية".
التخصص التصميمى:
تُعتبر شركة "آرثر دى ليتل" (تأسست عام 1886) و"بووز ألين هاميلتون" (تأسست عام 1914) أولى الشركات الاستشارية التى أرست دعائم صناعة الاستشارات على نطاق واسع، وأصبحت نموذجًا للعديد من شركات الخدمات المهنية التي جاءت بعدهما.
كما تأسست شركات المحاسبة المعروفة اليوم مثل "ديلويت" و"برايس ووتر هاوس كوبرز" و"إرنست ويونج" فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كشركات أساسية خلال الثورة الصناعية الثانية. وقد وسعت هذه الشركات لاحقًا نطاق خدماتها ليشمل استشارات متكاملة للشركات والحكومات.
أما أول شركة استشارية إدارية واستراتيجية حديثة بحتة فهى "ماكينزى آند كومبانى".
تأسست الشركة على يد "مارفن باور" عام 1926، ونُسب إليها فضل تأسيس الاستشارات باعتبارها مهنة مستقلة، مع تركيزها على توظيف خريجى كليات الأعمال المتميزين من الجامعات النخبوية.
فى أواخر القرن التاسع عشر، برزت أيضًا شركات الهندسة، كنوع آخر من شركات الخدمات المهنية، تزامناً مع نضج التخصصات الهندسية بفضل التصنيع والميكنة.
حيث تأسست خلال هذه الفترة شركات رائدة مثل "بكتل" (1898) و"فلور" (1912)، بالإضافة إلى العديد من الشركات العريقة التى شكلت أساس أكبر الشركات الهندسية اليوم.
من هؤلاء الرواد فى أوائل القرن العشرين، نمت صناعة الخدمات المهنية لتصبح قطاعًا تصل قيمته إلى تريليونات الدولارات.
اليوم، تُعتبر آلاف الشركات جزءًا من هذا القطاع؛ ففى الولايات المتحدة وحدها، يوجد أكثر من 825 ألف شركة توظف قرابة 10 ملايين عامل فى هذا المجال.
تشترك جميع شركات الخدمات المهنية فى خاصية أنها تبيع المعرفة والخبرة والتجربة العملية لمساعدة الشركات الأخرى على إنجاز أنشطة حيوية وحل المشكلات.
فمنتجاتها هم الأفراد المدربون وفق معايير مهنية، بحيث يُنظمون فى فرق عمل يساهم كل عضو فيها بخبرته وتجربته الفريدة. ■
تعليقات