"قدماء المصريين" و جراحات المخ
يقول "بول سماجليك" فى هذا المقال, أن الفتحات الجراحية المكتشفة حديثا، تظهر أن قدماء المصريين كانوا يمارسون الجراحة منذ أكثر من 4000 عام، ربما كوسيلة لعلاج سرطان المخ.
غالبًا يكون من المناسب ألا نطلق على ممارسةً ما، أنها "جراحة مخ"، إلا عندما تكون كذلك بالفعل.
ولكن وفقًا لدراسة نُشرت فى مجلة "فرونتيرز إن ميديسين" (Frontiers in Medicine) فى مايو 2024، قد يكون ذلك هو الحال مع تلك الفتحات والشقوق الموجودة فى جمجمة فرعونية قديمة، والتى تظهر علامات تدل على إجراء عملية جراحية.
فحص الباحثون فى الدراسة جمجمتين من مجموعة "دكوورث" بجامعة كامبريدج، بحثًا عن أدلة عن السرطان فى مصر القديمة.
فى الجمجمة رقم 236 (التي تعود إلى الفترة بين 2687 و2345 قبل الميلاد، وتخص ذكرًا)، كشفت الملاحظة المجهرية عن جرح كبير يتوافق مع تدمير نسيجى مفرط ناجم عن ورم، بالإضافة إلى نحو 30 آفة صغيرة تشبه علامات انتشار النقائل السرطانية.
لكن ما فاجأ العلماء هو وجود آثار شقوق وفتحات حول بعض الجروح.
يقول الباحث الرئيسى "إدجار كاماروس"، اختصاصى الأمراض القديمة بجامعة سانتياجو دى كومبوستيلا: "كان من المفاجئ رؤية علامات الجروح تحت المجهر، لأننا أدركنا على الفور أهمية هذا الاكتشاف وتداعياته: المصريون القدماء، منذ أكثر من 4000 عام، كانوا يجرون بالفعل تدخلات جراحية مرتبطة بالأورام".
لكن لا توجد طريقة قاطعة لتحديد ما إذا كانت الجراحة قد أُجريت قبل أو بعد وفاة الشخص.
يضيف "كاماروس": "هناك فترة زمنية ضيقة كان يمكن خلالها إجراء هذه الشقوق الجراحية". فقد يكون شخص ما قد شق الجمجمة إما فى محاولة لعلاج السرطان، أو كتشريح طبى استكشافى لتحديد سبب وفاة المريض. وفى كلتا الحالتين، يظل هذا الاكتشاف استثنائيًا.
ويوضح "كاماروس": "كلا الاحتمالين يكشفان عن تدخل جراحى مرتبط بالأورام، وهو ما يعد بحد ذاته اكتشاف مثير".
أما العينة الأخرى، الجمجمة E270 (التي تعود إلى الفترة بين 664 و343 قبل الميلاد، وتخص أنثى)، فلا تظهر علامات جراحة. لكنها تُظهر آفات، إحداها تتوافق مع ورم، والأخريان مع إصابات ناجمة عن صدمات.
وحقيقة أن هذه الآفات الأخيرة شُفيت فى النهاية، قد يعنى ذلك أن الإصابات عولجت بنجاح.
الأهم من ذلك، أن الجمجمة E270 تخص أنثى، ومن المعروف أن النساء المصريات لم يشاركن فى الحروب. ووجود علامات على إصابتها ثم علاجها وشفائها، ربما يؤدى إلى إعادة كتابة دور المرأة المصرية فى المعارك.
البديل عن ذلك هو أن تكون تلك الإصابات — التى يُحتمل أن إحداها ناجمة عن نصل حاد — نتيجة عقاب أو نزاع منزلى.
لقد أشارت الكثير من الكتابات المصرية القديمة إلى الطب. كما كشفت اكتشافات أثرية أخرى عن أدلة على حشوات الأسنان وعن أطراف صناعية. لكن هذا الاكتشاف يمثل علامة فارقة جديدة.
وكما يقول "كاماروس": "هذا أول تدخل جراحى معروف فى التاريخ ومرتبط بالأورام".
عن بول سماجليك
"الاكتشافات"
تعليقات