تحتمس الثالث: فرعون مصر المحارب
بعد عقدين من الانتظار تحت حكم زوجة أبيه، ظهر "تحتمس الثالث" كأعظم فاتح فى تاريخ مصر.
عندما توفى الفرعون "تحتمس الثانى" عام 1479 قبل الميلاد، ترك وراءه فراغًا كبيرًا فى السلطة. إذ بينما أنجبت زوجته وأخته "حتشبسوت" ابنة، كان ابنه الوحيد من إحدى محظياته "تحتمس الثالث"، صغيرًا جدًا على تولى الحكم.
كان الصغير "تحتمس" يعمل ككاهن مبتدئ فى معبد "آمون-رع" الشهير فى "الكرنك"، حين تم تعيينه فرعونًا من قبل الكهنة. لكن فى الواقع، كانت السلطة والنفوذ الحقيقيان فى يد زوجة أبيه "حتشبسوت"، التى حكمت نيابة عنه لمدة سبع سنوات كوصية على العرش، قبل أن تقوم بجمع قوة كافية لتصبح فرعونًا مشاركًا.
ورثت "حتشبسوت" مملكة مزدهرة يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، ازدادت قوة خلال 60 عامًا من الاستقرار والنجاح.
كانت "مصر" تتمتع تحت حكم والدها، "تحتمس الأول"، بنوع من المجد العسكرى، حيث استولى على أراضى بعيدة وصلت حتى نهر الفرات، "النهر الذى يتدفق إلى الوراء".
وكانت "مصر" مجتمعًا زراعيًا ديناميكيًا يتكون من ملاك الأراضى والأقنان والعمال والعبيد، المنتشرين فى القرى الريفية والبلدات الصغيرة على طول وادى النيل. وعلى الرغم من أن "تحتمس الثالث" الشاب سيتحول فيما بعد إلى واحد من أبرز القادة الكاريزماتيين فى العالم القديم، إلا أن "حتشبسوت" فى البدايات كانت تهيمن على شراكتهما.
بالإضافة إلى صناعة التعدين فى سيناء، أعادت "حتشبسوت" إحياء طرق التجارة المصرية التى كانت قد دُمّرت منذ زمن طويل، فأرسلت أسطولًا عبر النيل إلى بلاد بونت، بالقرب من الصومال الحديثة، وحتى ساحل البحر الأحمر. عاد هذا الأسطول محملاً بالكنوز، مثل العاج النقى والبخور ومستحضرات التجميل والقرود وجلود النمور. وللاحتفاء بثرائها، قدمت 31 شجرة مرّ، ونمرًا حيًا، و3,300 رأس ماشية، وكنوزًا متنوعة للإله آمون، الإله الراعى لطيبة. تم تخليد هذه الرحلة فى معبدها الجنائزى، "دجسر-دجسرو"، الذى بُنى على المنحدرات الغربية للدير البحرى. كما بدأت في ترميم المعابد المُهملة، ونصبت مسلات بارتفاع 30 مترًا فى قاعة والدها الشرقية فى "الكرنك" – لدرجة أنه كان يجب إزالة السقف لاستيعابها.
وبعد 21 عامًا طويلة، توفيت "حتشبسوت"، وحان الوقت أخيرًا لتحتمس أن يخرج من ظل زوجة أبيه.
على الرغم من أنه كان قد قاد بعض الحملات فى الجنوب، إلا أن عدوه الشمالى، ملك قادش، كان قد أصبح جريئًا بعد عقدين من السلام، حيث أجبر ملوك فلسطين على تشكيل تحالف كبير تحت قيادته.
وبمجرد وفاة "حتشبسوت"، زحف قادش وحلفاؤه ضد "مصر"، واستولوا على مدينة "مجدو"، وهى نقطة حيوية على طريق التجارة بين "مصر" وبلاد ما بين النهرين. لقد كانوا مدعومين من قبل الميتانيين، فى مملكة الحوريين التى تمتد من بلاد الشام عبر حلب، شرق نهر الفرات.
بدلاً من التردد أمام هذا الغزو، رأى فيه "تحتمس الثالث" فرصة مثالية لبناء إرثه الخاص. ودون إضاعة الوقت، جمع 20,000 جندى وسار بهم مسافة 240 كيلومترًا عبر صحراء سيناء إلى غزة فى تسعة أيام فقط. ومن هناك، عبر سلسلة جبال الكرمل وألحق هزيمة ساحقة بتحالف قادش.
وفى الوقت الذى اعتمد فيه قادش وحلفاؤه على المركبات الحربية بشكل كبير، استخدم "تحتمس" مزيجًا فعالًا من المركبات والرماة بأقواس مركبة و"فتيان الأذرع القوية"، المسلحين بالرماح والسيوف البرونزية أو الفؤوس الطويلة – التى استُخدمت بفعالية قتالية، كما يتضح من عدد الأيدى المقطوعة التى أخذها رجاله كتذكارات.
على الرغم من هروب ملك قادش، فقد تم أخذ عائلته كرهائن، واستولى "تحتمس" على 924 مركبة حربية و2,238 حصانًا و200 درع – بالإضافة إلى الكنوز الملكية التى استولى عليها من الملك نفسه.
بتقدمه شمالاً، بنى "تحتمس" حصنًا أسماه "تحتمس-هو-الذى-يقيد-البرابرة"، لإنشاء حاجز ضد المزيد من الغزوات. ثم وبدلاً من المخاطرة بنشر قواته أكثر من اللازم، أعاد تنظيم ممتلكاته الجديدة – حيث استبدل الحكام المتمردين بآخرين موالين ومنحهم استقلالية نسبية مقابل دفع الجزية بانتظام. ولضمان ولائهم، تم أخذ أبنائهم البكر إلى "طيبة"، ليسوا كرهائن فحسب، بل لتعليمهم وجعلهم أصدقاء مستقبليين لمصر.
بحلول أكتوبر، كان "تحتمس" قد غزا فلسطين، واستولى على ثلاث مدن فى جنوب لبنان، وتقدم نحو دمشق، حيث استولى على ثروات المدن المتمردة، وعاد إلى "مصر" محملاً بـ193 كيلوجرامًا من الذهب والفضة، بالإضافة إلى الأعمال الفنية والغنائم الأخرى.
لقد أصبح جيشه آلة عسكرية مصقولة، قادرة على إعادة الانتشار إلى وحدات مختلفة الحجم مع حفاظها على خطوط الاتصال، وإذا لزم الأمر، إعادة التجمع لشن هجمات مركزة.
أقام أولى احتفالات النصر فى "طيبة"، حيث قدم عشرات من مشغولات المدن والكنوز والأراضى والأقنان والقطعان إلى معبد آمون.
بعد عامين، عند عودته إلى بلاد الشام، استقبله مبعوثون من الملك الآشورى، الذى كان يحكم أرضًا بعيدة على أعالى نهر دجلة، والذى أرسل له هدية سخية من اللازورد البابلى والخيول، والتى اعتبرها "تحتمس" كجزية.
فى العام التاسع والعشرين من حكمه، قرر "تحتمس" أنه إذا أراد تدمير قادش تمامًا، فإنه يحتاج إلى موطئ قدم على ساحل البحر المتوسط. فبنى أسطولًا في "برونفر" بالقرب من "ممفيس"، وأبحر إلى فينيقيا وسوريا، حيث أعاد تجميع قواته واستولى على مدينة ساحلية مقابل ميناء تونيب الثرى.
وعندها، توافد حكام المدن التجارية المجاورة من جميع أنحاء الساحل لتقديم فروض الولاء. بينما عاد "تحتمس" فى العام التالى إلى ميناء "سميرا" على نهر الليطانى، وسار عبر الوادى نحو قادش.
تقع عاصمة قادش على الضفة الغربية لنهر العاصى، وكانت أقوى حصون سوريا، حيث سيطرت على طريق برى رئيسى، محاطة بخندق فى الطرف الشمالى لوادى مرتفع. عندما حاصرها "تحتمس"، استغرق سقوط الجدران وقتًا طويلاً لدرجة أن مدينة أرواد الساحلية افترضت أن التقدم المصرى بدأ يتراجع، فثارت وامتنعت عن دفع الجزية.
ولكن عندما سقطت قادش أخيرًا، عاد "تحتمس" إلى الساحل، حيث أظهر قوة دموية فى أرواد قبل أن يبحر من ميناء إلى آخر، قمعًا للمقاومة.
بعد انتصاره على قادش فى عامه الثالث والثلاثين، اتجهت أنظار "تحتمس" شرقًا إلى عدوه الحقيقى، مملكة ميتانى. فأبحر مرة أخرى إلى "سميرا"، وسلك نفس الطريق، هذه المرة متجهًا صعودًا عبر نهر العاصى واستولى على مدينة "سنجار".
ثم قام باجتياح واحتلال الأرض، قرية تلو الأخرى، وهزم جيشًا ضخمًا للميتانيين، واستولى على حلب قبل أن يتجه شمالاً، حيث استولى على المستوطنات هناك ودمر الأرضى.
ولأول مرة منذ حكم جده، وعلى الرغم من رفض الميتانيين خوض معركة مفتوحة، عاد المصريون للاستيلاء على وادى الفرات.
فى جنوب شرق الأناضول، دمر "تحتمس" مدينة "كركميش" على الضفة الغربية لنهر الفرات. بعد العبور، وضع لوحة حدودية بجانب لوحة جده.
كان الإغراء باستمرار الضغط نحو عاصمة الميتانى قويًا، لكن تحتمس كان بالفعل متواجداً داخل عمق أراضى العدو. لقد كان صبورًا جدًا لدرجة أنه لم يرغب فى المخاطرة بفقدان كل شىء الآن.
بدلاً من ذلك، عاد غربًا، واستولى على مدينة "نى"، حيث شارك هو ورجاله فى رحلة صيد للفيلة.
جاء نبلاء الميتانى صاغرين لتقديم الجزية، حيث أدركوا جيدًا التهديد الكبير الماثل على عتبة أبوابهم. وفى طريق عودته، تلقى "تحتمس" أيضًا هدايا من البابليين، وحتى من الحيثيين الناشئين فى الأناضول.
بفضل قوته البحرية، أرسى "تحتمس" "مصر" كقوة بحرية عظمى – مع امتداد نفوذها ليس فقط على ملك قبرص، ولكن أيضًا على جزر بحر إيجه.
بعد أسر ابن زعيم "إيريم"، المجاورة لبلاد بونت، عاد "تحتمس" إلى ميتانى لسحق تحالف من الأمراء بقيادة ملك الميتانى.
وبعد سبع سنوات، فى العام الثانى والأربعين من حكمه، قمع تمردًا أكبر – حيث دمر الأرض حول قادش وعاد للمرة الأخيرة كفاتح الهكسوس.
على الرغم من تركيزه على الشمال الشرقى، واصل تحتمس التوسع فى اتجاهات أخرى، حيث استولى على منطقة الواحات الغربية ومنحها لقائده، كونت "ثونيس".
فى "طيبة"، استقبل مبعوثين من الجنوب، يحملون الجزية من النوبة، حيث غزا حوالى 115 مستوطنة على طول النيل – واستمر فى حملاته حتى عامه الخمسين فى السلطة.
قبل "تحتمس الثالث"، كان الحكام يشنون فى المتوسط، حملة عسكرية كل خمس سنوات – لكن "تحتمس" كان يقود حملة تقريبًا كل عام، محققًا أطول حملات التوسع والغزو فى تاريخ مصر.
في شيخوخته، وصل استياء "تحتمس" من زوجة أبيه إلى ذروته، فبدأ حملة واسعة النطاق لمحو ذكراها. فغطى اسمها على المسلات الكبيرة فى معبد الكرنك بطبقة من البناء، وحطم صورها من جدران المعبد، ودمر تماثيل مؤيديها – لمحوها ليس فقط من التاريخ، ولكن ربما أيضًا من الحياة الآخرة.
قضى "تحتمس الثالث" معظم فصول الشتاء فى السفر عبر مصر، حيث قمع الفساد فى السلطات المحلية وجمع الضرائب.
كان المصريون ينتظرون بفارغ الصبر شهر أكتوبر، عندما تصل السفن الحربية محملة بالحرف الأجنبية والأثاث والمنتجات. كما كان يتم تفريغ الذهب والفضة والعبيد الغريبين كجزية. كانت الخزانة تجمع أكثر من 350 كيلوجرامًا من الذهب سنويًا، وفى إحدى المرات، تم وزن 4,056 كيلوجرامًا من سبائك الذهب والفضة.
مع تدهور صحته، والمملكة فى أقوى حالاتها، عين "تحتمس" ابنه "أمنحتب الثانى" شريكًا فى الحكم، وتوفى أخيرًا عام 1447 قبل الميلاد.
دُفن "الملك تحتمس الثالث" فى وادى الملوك، وظل الآسيويين يخشون لقرون مجرد سماع اسمه.
وتزينت تمائم القوة المصرية بلقبه: "الثور القوى الذى ينهض فى طيبة".■
عن: هارث البستانى
معركة "مجدو" عام 1457 قبل الميلاد
اكتشف كيف سحق "تحتمس الثالث" هذا التمرد ضد الإمبراطورية المصرية.
تُعتبر معركة "مجدو" عام 1457 قبل الميلاد بشكل عام، هى أول معركة فى التاريخ يتم تسجيل تفاصيلها الدقيقة، لكن هذا ليس السبب الوحيد لأهميتها التاريخية. بفضل انتصار الفرعون "تحتمس الثالث"، مثلت هذه المعركة بداية عصر أكثر ازدهارًا للإمبراطورية المصرية.
خلال السنوات الـ22 الأولى من حكمه، شارك "تحتمس الثالث" لقب الفرعون مع زوجة أبيه وعمته، الملكة "حتشبسوت". ومع وفاتها عام 1457 قبل الميلاد وبدء حكمه المنفرد، ظهرت إمكانية حدوث فوضى. فالملك الكنعانى من قادش، الذى كان غير راضٍ منذ فترة طويلة عن سيطرة "مصر" عليه، قام بإثارة تمردًا علنيًا. فقام بتوحيد صفوفه مع الميتانيين وعدد من دول المدن الكنعانية، مثل مجدو، حيث شكلوا تحديًا مبكرًا لتحتمس.
كانت مجدو تتحكم في طريق "فياماريس"، وهو طريق تجارى حيوى للمصريين، كما كانت تشكل جزءًا من منطقة عازلة بين الإمبراطورية المصرية والإمبراطورية الحيثية. ولذلك أصبحت هذه المعركة حتمية.
مصر:
عدد القوات: 10,000-20,000
المركبات الحربية: 10,000
القائد: "تحتمس الثالث"، كفرعون لمصر، لم يكن فقط ملكًا، بل كان أيضًا القائد الأعلى للقوات العسكرية للإمبراطورية ورئيس الأركان.
كانت نقاط القوة لديه تتمثل فى قيادته الإمبراطورية المصرية العظيمة، وامتلاكه أعدادًا أكبر من الجنود والدعم من القادة العسكريين ذوى الخبرة.
بينما تمثلت نقاط ضعفه فى كونه فرعونًا حديث العهد، بحيث كانت صغر سنه وقلة خبرته هى السبب الرئيسى لتمرد الكنعانيين.
المعدات العسكرية للمصريين:
المركبات الحربية:
كانت هى الوحدة الرئيسية، وهى تعادل الدبابة فى العصور الحديثة، وكانت فعالة فى تنفيذ الهجمات المفاجئة والمدمرة على القوات المعادية. فهى سريعة وقوية، كما أنها توفر نقاط مراقبة ممتازة لإطلاق السهام على العدو. إلا أنها إفتقرت إلى المهارة والدقة حين استخدام الأقواس.
القوس المركب:
كان اختراعًا حديثًا، وتم تركيبه على المركبات الحربية، وأثبت فاعلية مدمرة ضد المشاة المعادين. ولكنه كان محددًا بسبب محدودية كمية الذخيرة فبمجرد انتهاء السهام، بصبح بلا فائدة.
قادش:
عدد القوات: 10,000-15,000
المركبات الحربية: 1,000
القائد: ملك قادش، كان الزعيم الفعلى لتحالف المتمردين ضد الإمبراطورية المصرية، والذى ضم الكنعانيين وقادش ومجدو والميتانيين. وتمثلت نقاط القوة عنده فى امتلاكه أعدادًا مشابهة للقوات المصرية، كما كانت لديه مدينة محصنة جيدًا لاستخدامها كقاعدة. بينما تمثلت نقاط الضعف، فى ارتكابه خطأ تكتيكيًا فادحًا بتقليله من شأن الذكاء العسكرى للفرعون الشاب.
المعدات العسكرية لقادش:
المشاة: وقد شكلوا الجزء الأكبر من جيش المتمردين. كانوا مسلحين جيدًا، وتمركزوا عند ثلاث ممرات – كل ما كان عليهم فعله هو حراسة هذه الطرق. لكن كانت القيادة مقسمة بين أمراء من فصائل مختلفة، وقد اختلفوا حول الاستراتيجيات التى يجب تنفيذها.
الرماح الطويلة: كانت السلاح المفضل للمشاة، ويمكنها أن تكون سلاحًا فعالًا إذا تم استخدامها بشكل صحيح. وهى سهلة الاستخدام نسبيًا، وكان لها مدى جيد كسلاح يدوى. لكنها ام تكن دائمًا فعالة فى الدفاع ضد سهام الرماة الموجودين على المركبات الحربية.
المعركة:
1. المسير إلى غزة:
بعد أن قام بتجميع قواته – التى كانت تتكون بشكل رئيسى من المشاة والمركبات الحربية – فى قلعة تارو الحدودية، بدأ "تحتمس" مسيره استمرت عشرة أيام إلى مدينة غزة قبل التوجه إلى "يهيم".
2. مجلس "تحتمس":
بين "يهيم" و"مجدو" يوجد هناك جبل الكرمل، الذى كان يحتوى على ثلاث طرق رئيسية: الطريق الشمالى عبر "جفتى"، الذى يصل إلى شمال "مجدو"؛ الطريق الجنوبى، الذة ينتهى عند "تعنك" جنوب "مجدو"؛ والممر الجبلى الأوسط بالقرب من "أرونا"، الذى كان يوفر أقصر طريق إلى المدينة.
كان هو الأقصر، ولكنه أيضًا الأسهل للدفاع عنه، وبالتالى الأكثر خطورة.
3. عبر الممر الضيق:
على عكس نصيحة جنرالاته – الذين أشارت تقاريرهم الاستخباراتية إلى أن الممر الأوسط كان محصنًا من قبل القوات الكنعانية – اختار "تحتمس" هذا الطريق. كانت تلك خطوة ذكية، لقد أدرك أن العدو كان يتوقع منه أن يتردد، فاختار الطريق المباشر.
4. مفاجأة المتمردين:
اتضح أن شكوك "تحتمس" كانت صحيحة. كانت قوات المشاة الكنعانية مقسمة إلى قسمين، تحرس الطرق عند "تعنك" و"جفتى"، بينما كانت مركباتهم الحربية فى الوسط، بالقرب من مدينة "مجدو" نفسها. لقد توقعوا أن يهاجم المصريون المشاة، الذين سيتراجعون بعد ذلك ويجذبون المصريين إلى فخ هجوم المركبات الحربية.
5. انتظار المؤخرة:
بعد وضع خطتهم، تقدم المصريون نحو "مجدو"، حيث تم تقسيم قواتهم إلى ثلاثة أقسام. تم نشر قسم واحد فى الشمال الغربى من "مجدو"، وقسم آخر من المشاة جنوب القناة، بينما بقى "تحتمس" مع المركبات الحربية فى بلدة "أرونا"، غرب "مجدو".
6. هجوم المركبات الحربية:
لكون تحالف الكنعانيين مكونًا من عدة قوات مختلفة، ذات قادة متنوعين وأفكار متباينة، أبلغ الكشافة "تحتمس" عن وجود انقسامات بينهم. مستغلًا هذه الفرصة، أمر الفرعون بشن هجوم استباقى، حيث هاجمت المركبات الحربية من الغرب والجنوب، مما تسبب فى خسائر فادحة للكنعانيين.
7. تراجع الكنعانيين:
بعد أن فوجئوا بالهجوم وانكسرت خطوطهم بسبب تفوق المركبات الحربية المصرية فى المناورة والتعاون، استسلم الكنعانيون بسرعة، وهربوا عائدين إلى المدينة – وكان من بينهم ملوك "مجدو" و"قادش" – وأغلقوا الأبواب خلفهم.
8. الإستيلاء على المعسكر:
مع عدم وجود أعداء لمواجهتهم، استولى المصريون على المعسكر المهجور. وشملت الغنائم 340 سجينًا، و38 ضابطًا، و84 طفلًا من العدو، و2,041 حصانًا، و924 مركبة حربية، و200 درع، و502 قوسًا، و1,796 عبدًا، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الماشية والأوانى والأسلحة وغيرها. وقد سجل "تانينى"، المؤرخ العسكرى لتحتمس، تفاصيل دقيقة عن الغنائم التى أخذها المصريون.
9. تحصين مجدو:
بينما كان المصريون منشغلين بجمع الغنائم، استغل الكنعانيون الفرصة لإنقاذ جيشهم الفار، وتحصين المدينة استعدادًا للغزو الوشيك.
10. الحصار:
صمد سكان "مجدو' لمدة سبعة أشهر تحت الحصار قبل أن يستسلموا، حيث أمر "تحتمس" ببناء خندق وسور حول المدينة.
وعلى الرغم من هروب ملك قادش خلال تلك الفترة، إلا أن ذلك كان مجرد انتكاسة بسيطة؛ فقد نجح "تحتمس" فى التصدى لتهديد خطير للإمبراطورية المصرية، معززًا قوته وممهّدًا الطريق لانتصارات مستقبلية.
تعليقات