أطباء يروون فظائع موجات الغارات الجوية الإرهابية الإسرائيلية
يقول "جيسون بيرك"، بعد أن أنهت الهجمات الإسرائيلية وقف إطلاق النار،، فإن المستشفيات تغص بالضحايا، وهناك نقص فى الإمدادات .
فى ساعات الصباح الأولى من يوم الثلاثاء الموافق 18 مارس، وبعد دقائق فقط من موجة الغارات الجوية الإسرائيلية التى أنهت الهدنة الهشة التى استمرت شهرين وأتاحت بعض الراحة لسكان غزة، امتلأت غرفة الطوارئ فى مستشفى الشهداء الأقصى ببلدة دير البلح وسط القطاع.
يقول "مارك بيرلموتر"، وهو جراح عظام متطوع: "لم يكن عدد مرضى غرفة الطوارئ فى أى لحظة، يقل عن 65 شخصًا جميعهم يعانون من جروح مفتوحة، معظمهم من النساء والأطفال... كانت الأرض غارقة فى الدماء".
تكررت المشاهد ذاتها على بعد بضعة كيلومترات فقط، فى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس جنوب القطاع.
قالت طبيبة العناية المركزة للأطفال "تانيا حج حسن": "كانت موجات ضحايا الغارات الهمجية تتوالى بلا توقف... بمجرد أن بتوفى بعض المصابين أو ننقلهم لمكان آخر ونفرغ بعض المساحة، كان المزيد يصلون. كانت الفوضى عارمة. أحد الأطباء وطء جثة على الأرض بينما كان يحاول إنقاذ حياة طفل".
ووفقًا لمسؤولين طبيين فلسطينيين، فقد قُتل أكثر من 200 شخص صباح ذلك الثلاثاء وحده فى مختلف أنحاء غزة، وأصيب المئات. وفى غضون خمسة أيام، مع استمرار الغارات والقصف، ارتفع عدد القتلى فى المجزرة التى دامت 18 شهرًا فى الأراضى الفلسطينية المدمرة إلى أكثر من 50 ألفًا، معظمهم من النساء والأطفال. وقالت وزارة الصحة إن إجمالى المصابين بلغ 113,274 شخصًا.
من جانبهم، قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون أنهم هاجموا 80 هدفًا فى غضون 10 دقائق صباح ذلك الثلاثاء.
وأدعى الجيش الإسرائيلى أن حركة حماس، هى المسؤولية عن ارتفاع عدد الضحايا المدنيين!!!. وتتهم إسرائيل حماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية، وهو ما تنفيه الحركة، وتنفيه من قبلها الحقائق على الأرض.
في مستشفى ناصر، خضع أكثر من نصف الضحايا البالغين الذين وصلوا ليل الثلاثاء لفحص سريع لمدة 20 ثانية من قبل الجراحين، ثم تم إبلاغ من أحضروهم بأنه لا يوجد ما يمكن فعله، وذلك لإعطاء الأولوية فقط لمن يمكن إنقاذ حياتهم. أما الأطفال فتم قبولهم جميعًا تقريبًا، حتى عندما كانت إصاباتهم قاتلة بوضوح.
قالت "حج حسن": "فى كثير من الأحيان، كان الجيران هم من يحضرون الأطفال لأن آباءهم قد قُتلوا. كان المشهد مروعًا. اضطررنا إلى التوقف عن إنعاش عدة أطفال للتركيز على طفل واحد لديه فرصة للنجاة".
أما "فيروز سيدهوا"، وهو جراح إصابات يبلغ من العمر 43 عامًا من كاليفورنيا، والمتطوع مع المنظمة الخيرية الطبية "ميد جلوبال" فى خان يونس، فقد وصف لحظة إخباره والد طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات أن ابنته لن تعيش أكثر من بضع دقائق. قال "سيدهوا": "نظرت إليها... كانت تعانى من إصابات خطيرة فى الرأس... أخبرت والدها أن يأخذها إلى الخارج ويكون معها ويصلى معها، ففعل ذلك".
لم ينجُ الكثير من بين ال 300 شخص الذين دخلوا مستشفى ناصر ذلك الثلاثاء. ويقزل "أحمد الفرا"، رئيس قسم الأطفال والتوليد، إن حوالى 85 شخصًا لقوا حتفهم، بينهم نحو 40 طفلًا تتراوح أعمارهم بين عام واحد و17 عامًا.
يقول "مورجان ماكوناجل"، جراح الأوعية الدموية والإصابات، وهو أيرلندى تطوع مع منظمة "المساعدات الطبية لفلسطين"، إن متوسط عمر الأطفال الذين أعلنت وفاتهم فى مستشفى ناصر كان يتراوح بين ستة وثمانية أعوام، وأن حوالى 35% من إجمالى الضحايا كانوا دون سن الرابعة عشرة.
ومن بين الضحايا، كان هناك صبى يبلغ من العمر 10 سنوات يعانى من قطع فى الحبل الشوكى مما أدى إلى شلل من الرقبة إلى الأسفل، وطفلة تبلغ من العمر خمس سنوات تعرضت لإصابات متعددة بشظايا، بما فى ذلك إصابة فى الدماغ، ومن غير المرجح أن تتمكن من الكلام مرة أخرى.
وفى بيان لها، قالت القوات الإسرائيلية إنها ملتزمة بتقليل الأضرار التى تلحق بالمدنيين خلال العمليات العسكرية، وأنها تبذل جهودًا كبيرة لتقدير ومراعاة "الأضرار الجانبية المدنية" المحتملة فى غاراتها. [الضحايا فى اغلبهم الاعم اطفال ونساء مدنيين].
انتهت فى أوائل مارس المرحلة الأولى من الهدنة التى استمرت ستة أسابيع والتى كان قد تم الاتفاق عليها فى يناير. واقترحت إسرائيل تمديد الهدنة لمدة 30 إلى 60 يومًا وإجراء المزيد من عمليات تبادل الرهائن مقابل السجناء، بدلاً من الانتقال إلى المرحلة الثانية المتفق عليها والتى كان من المفترض أن تؤدى إلى إنهاء دائم للأعمال العدائية.
لم يعد يعمل سوى 22 من أصل 35 منشأة صحية رئيسية فى غزة، وكل منها يقدم جزءًا بسيطًا من الخدمات التى كانت تقدمها قبل الحرب.
تقول "أولجا تشيريفكو"، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن جميع المنشآت الصحية "غارقة" وتعانى من نقص فى الإمدادات الأساسية، على الرغم من دخول بعض المخزونات خلال الهدنة التى استمرت ثمانية أسابيع.
وأضافت: "من الصعب قياس مستوى الإمدادات بالضبط... [لكن] لم نشهد إغلاقًا بهذه المدة من قبل. لم يدخل شىء حرفيًا".
وقال أطباء فى مستشفى الشهداء الأقصى إن المخزونات بدأت تنفد. وقال أحد الجراحين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "لدينا 10 أسرة فقط، ونعاني من نقص شديد فى الشاش الخاص بالحروق والقفزات ومواد التعقيم والضمادات".
وأشار الدكتور "خميس الإسى"، أخصائى الأعصاب والألم فى مستشفى الأهلى بمدينة غزة، إلى أنه لا يوجد لديه مسكنات ألم قوية كافية لمئات المرضى المصابين بالسرطان. وقال "الإسى": "لدينا مئات الآلاف فى غزة يعانون من أمراض مزمنة. إنهم يحتاجون إلى الرعاية المناسبة، لكن الظروف مروعة".
وأوضحت "تشيريفكو" أن إسرائيل ما زالت تسمح بإخلاء الحالات الطبية من غزة، لكن بضع عشرات فقط يغادرون يوميًا، بينما هناك أكثر من 14 ألفًا يحتاجون إلى علاج عاجل خارج القطاع.
وأصبح لمعظم المنشآت الصحية في غزة الآن بروتوكولات للتعامل مع الحوادث الجماعية، على الرغم من أن هذه البروتوكولات قد أثبتت عدم كفايتها الأسبوع الماضى.
يقول الدكتور "فهد حداد"، المدير الطبى لمستشفى ميدانى قرب مخيم النصيرات: "لدينا خطط، خطط جيدة، لكن المشكلة هى أن عدد الضحايا أكبر مما تتوقعه خططنا".
وأكبر تحد يواجه "حداد" البالغ من العمر 38 عامًا وزملاؤه هو الحفاظ على معنوياتهم. يقول "حداد": "كان الأمر بمثابة العودة إلى الوراء 18 شهرًا عندما بدأت الحرب... كنا سعداء جدًا بالهدنة. كانت الحياة صعبة للغاية، لكن على الأقل لم يكن هناك قتل".
■ عدد الضحايا الذين ماتوا فى مستشفى ناصر يوم الثلاثاء الماضى 85، أكثر من ثلثهم دون سن الرابعة عشرة
تعليقات