اللوحات الزيتيه ل"جيه لويس"
كما تقول "سارة ممتاز"، لوحات هذا الفنان الزيتية تُدخل المشاهد فى حوار عميق مع الموضوعات التى يطرحها.
"جيه لويس"، فنان أمريكى مقيم فى مدينة نيويورك، معروف بلوحاته الزيتية المذهلة، والتى تستكشف الأشكال الأنثوية بكثافة تجمع بين ما التقنيات الكلاسيكية والحس الحديث. فنه العميق الغنى بالملمس، يدعو المشاهد إلى عالم يتعايش فيه الجمال الخام للضوء مع تعقيد المشاعر الإنسانية.
بفضل أسلوبه المميز، لفت لويس الانتباه ليس فقط فى الولايات المتحدة، ولكن أيضًا على المستوى الدولى. حيث توازن صوره بين الواقعية والتجريد، وتلتقط اللحظات التى تصور مشاعر الاتصال الإنسانى.
أظهر "لويس" من صغره موهبة طبيعية. يقول الفنان مبتسمًا ومتذكرًا اللحظات الأولى التى شكلت فنه: "كنت أرسم منذ أن أمسك بيدى قلم تلوين". يتذكر طفولته حيث كان، حتى فى سن الثالثة أو الرابعة، قد طور فهمًا غريزيًا للمنظور والتقصير. ويوضح قائلًا: "لقد جاء ذلك بشكل طبيعى، لذا استمررت فى فعله".
اتخذت رحلته كفنان شكلاً أكثر تنظيماً عندما التحق بكلية سافانا للفنون والتصميم (SCAD). وفرت له هذه التجربة المهارات العملية اللازمة لتحقيق إبداعه.
يقول "لويس": "لقد منحتنى الأدوات اللازمة لتحقيق رؤيتى". فى SCAD، درس التصميم الصناعى، وهو تخصص عزز من إبداعه مع تقديم نهج عملى لفنه. ويضيف: "أسلوبى جاء بشكل طبيعى، فهو نتاج ساعات لا حصر لها من الرسم والمراقبة".
وبينما تكون الجوانب التقنية للفن ضرورية، فقد تعلم هذا الفنان سريعًا أن بناء مهنة فى مجال الفنون يتطلب ما هو أكثر من المهارة. يقول: "الترويج لعملك هو أمر صعب. فهناك العديد من التحديات على طول الطريق، وممارسة الفن بشكل احترافى هى واحدة من أصعب الأشياء التي قمت بها".
بالنسبة للويس، كان العثور على الجمهور المناسب لعمله عقبة كبيرة. فى البداية، بذل جهودًا كبيرة فى الترويج لفنه، وهى مهمة ضرورية غالبًا ما كانت تتم باستخدام أسلوب التجربة والخطأ.
يقول: "عليك فقط أن تستمر فى عرض أعمالك، وفى النهاية، سيراه الأشخاص المناسبون".
خلال هذه الرحلة، يعترف لويس بأن جزءًا كبيرًا من نجاحه يعود إلى دعم زوجته وعائلته.
يقول: "لقد كانوا عمودى الفقرى، وأبقونى متواضعًا"، وهى مشاعر تعكس الطبيعة الشخصية لفنه. لم تكن عائلته مصدرًا للدعم العاطفى فحسب، بل كانت أيضًا مصدر إلهام، خاصة زوجته، التى لا يمكن التقليل من تأثيرها على عمله. يقول بامتنان: "لم أكن لأكون حيث أنا الآن بدون دعمها".
في الاستوديو الواسع الخاص به فى نيويورك، خلق "لويس" بيئة مواتية لعملية إبداعه الفنى. يقول: "أنا محظوظ لأن لدى مساحة كبيرة. تسمح لى بإنجاز أعمالى والتقاط الصور والقيام بالإعداد اللازم".
يقع الاستوديو فى غرفة مستطيلة طويلة ذات أسقف عالية ونوافذ كبيرة تملأ المكان بالضوء الطبيعى. عند دخولك، تستقبلك منطقة مكتبة ومكتب فى أحد الأطراف، مع أرفف مليئة بكتب الفن والأدوات. يحتل مطبخ صغير وآلة إسبريسو فاخرة نفس المنطقة، مما يسمح للويس بتوفير الطاقة لساعات العمل الطويلة. خلف المكتب توجد وحدة تخزين منزلقة حيث يحتفظ بأعماله المكتملة، وبقية الاستوديو ملىء بمساحة مفتوحة. هذا يسمح للويس بتحريك أعماله، مما يوفر مرونة لالتقاط الصور وللمراحل المختلفة من العملية الفنية.
ويضيف: "المساحة تسمح لى بالعمل بحرية دون قيود". بينما توفر النوافذ الكبيرة وفرة من الضوء، تتطلبها الدراسة الدقيقة للتفاصيل. قام "لويس" بتثبيت حامل لوحاته فى منتصف الاستوديو، حتى لا يطغى الضوء الطبيعى على اللوحة. يقول: "الضوء هو مفتاح أعمالى، والأمر كله يتعلق بالرسم بصدق".
تعتبر معالجة الضوء والملمس هى صميم ممارسته الفنية. يقول: "كل ما نراه هو نتيجة للضوء. عندما يتعلق الأمر برسم الضوء بشكل جيد، فإن الأمر ببساطة يتعلق بالملاحظة والرسم بصدق".
لويس دقيق للغاية فى كيفية تصويره للضوء، مستخدمًا إياه لتشكيل الأشكال فى لوحاته وإعطائها بعدًا.
إلى جانب الضوء، يلعب الملمس أيضًا دورًا مهمًا. ويوضح: "الملمس يضيف عمقًا. إنه يعطى اللوحة المزيد من الشخصية ويجعلها تبدو أكثر واقعية".
غالبًا ما يقوم الفنان بإنشاء ملمس على القماش قبل تطبيق الطلاء، مما يبنى سطح اللوحة من أجل إضافة طبقات من الاهتمام البصرى. ويضيف: "أضيف شخصية إلى القماش قبل الرسم والملمس البصرى من خلال معالجة الألوان الشفافة بطريقة تخلق وهم الملمس".
تكون النتيجة مذهلة؛ حيث تتمتع أعماله تقريبًا بجودة نحتية.
من السمات المميزة الأخرى لأعمال لويس هى استكشافه للمشاعر الإنسانية. غالبًا ما تصور لوحاته نساءً فى لحظات هادئة وتأملية، بحيث تتعايش فيها القوة مع الضعف.
يقول: "أنا مفتون بفكرة الوجود المنعزل مع الرغبة فى الاتصال". هذه الثنائية – بين العزلة والاتصال – تشكل العمود الفقرى لفنه.
شخصيات "لويس" النسائية، رغم أنها غالبًا ما تكون منعزلة، تشع بقوة هادئة؛ فهى انعكاس لطبيعة التجربة الإنسانية المعقدة. ويوضح: "الأمر يتعلق بالتوتر بين ما هو مرئى وغير المرئى".
الوسيلة المفضلة لديه هى الرسم الزيتى، وهو يستخدم مجموعة من الأدوات لمعالجته بطرق مثيرة للاهتمام. إحدى الأدوات البارزة هى أداة مسح تستخدم فى الطباعة بالشاشة الحريرية، والتى يستخدمها لسحب الطلاء فوق القماش، مما يخلق تأثيرات ديناميكية فريدة لأسلوبه. على مر السنين، تطور أسلوبه، وتحول عمله إلى شىء أكثر دقة، ولكن مؤخرًا، عاد لويس إلى نهجه السابق الأكثر تعبيرًا.
يقول متأملاً هذا التطور فى عمله "يشعرنى ذلك بالدفء والعودة إلى البدايات".
كان لنيويورك تأثير عميق على فن "لويس"، سواء من حيث الإلهام أو المنظور. يقول: "العيش فى نيويورك يمنحنى نظرة أوسع، ولا أقلق بشأن كيفية انتشار اعمالى على مستوى العالم".
لقد تم عرض أعماله دوليًا، ويشعر "لويس" بالثقة فى جاذبيتها العالمية.
يقول: "بغض النظر عن مكان عرضها، أبقى دائماً مخلصًا لرؤيتى".
بالإضافة إلى ممارسته في الاستوديو، يشارك الفنان معرفته مع الآخرين من خلال ورش عمل عبر Zoom. يقول مبتسمًا: "أردت أن أفتح استوديوى للعالم". توفر هذه الجلسات الافتراضية فرصة للطلاب للتعلم مباشرة من "لويس". يقول: "إنها طريقة رائعة للتواصل مع الآخرين الذين يشاركوننى شغف الفن".
ورش العمل تلك تتميز بالحميمية، حيث يأخذ "لويس" الوقت للإجابة على الأسئلة ويحرص على أن يشعر كل مشارك بالانخراط.
بالنسبة للفنانين الناشئين، يقدم نصيحة بسيطة لكنها لا تقدر بثمن: "انظر إلى ما يلهمك، وطور مهاراتك الفنية واستمر فى الإبداع. الجهد والمثابرة هما ما يقودانك فى النهاية إلى اكتشاف صوتك الخاص".
أما بالنسبة للمستقبل، فإن "لويس" متحمس للتطوير المستمر لفنه. يقول: "أريد أن يتصل عملى بالناس على مستوى أعمق".
إنه يهدف إلى تقديم منظور جديد حول الموضوعات الخالدة، باستخدام التقنيات التقليدية، ولكن فى سياق حديث.
بتأمل رحلته، يعزو "لويس" جزءًا كبيرًا من نجاحه إلى دعم عائلته وتلك المساحة التى تسمح له بالإبداع.
ويختتم قائلاً: "الفن هو كيفية التواصل مع العالم"، مظهرًا أن العملية الإبداعية بالنسبة له ليست مجرد إنتاج أعمال؛ بل هى خلق اتصال دائم مع أولئك الذين يتفاعلون معها.
تعليقات