قصة غروب نوع بشرى، انقراض النياندرتال

لأننا نعتبر أنفسنا أقرب أقربائه، أصبح إنسان نياندرتال (هومو نياندرتالينسيس) النوع البشرى الذى يحوز القدر الأكبر من الاهتمام. 

وعلى الرغم من ان اول حفرياته تم اكتشافها قبل عقود، إلا أنه لم يتم التعرف على حقيقتها إلا عام 1863. 

كان إنسان نياندرتال لفترة طويلة نموذجًا للحلقة المفقودة بين نوعنا، الإنسان العاقل، وأول أسلاف ما قبل الإنسان الشبيه بالقردة.

وهذه هى قصة انقراض إنسان نياندرتال:

في الماضى، كان يُعتقد أن إنسان نياندرتال هو نوع بشرى عاش فى أوروبا واختفى هناك دون أن يترك أثراً. وكان يُعتقد أن سبب انقراضه يرجع الى محدودية إمكاناته الجسدية والعقلية والتكنولوجية. بحيث حل محله إنسان كرومانيون،  (الإنسان العاقل المبكر)، الذى كان أيضًا وحسب اعتقادهم وقتها جنسا أوروبيًا. 

وقد تماشت هذه الفرضية مع الأفكار التطوريه السائدة خلال القرن العشرين، والتى نظرت إلى عمليات التطور البيولوجية باعتبارها سلسلة تصاعدية ادت فى نهايتها الى الوصول للإنسان العاقل.  

كان يُنظَر إلينا باعتبارنا النوع الذى أكمل بنجاح عملية التطور التى بدأت منذ ملايين السنين.

اليوم نعلم أن عملية التطور البشرى لم تحدث بهذه البساطة والمباشرة، ولكنها نتاج عمليات متنوعه أكثر تعقيدًا. 

لقد قلبت التطورات فى مجال البحث الكثير من النظريات القديمة التى نظرت بدونية للإنسان البدائى، وقوضت فكرة أن أوروبا كانت مفتاح التطور البشرى. 

نحن نعلم الآن أن البشر المعاصرين والنياندرتال كانوا يشتركون في سلف أفريقى مشترك منذ أقل من 500 ألف عام (وهو فى المصطلحات التطورية مجرد غمضة عين).

اثناء وجوده فى الحياة ، كانت هناك فروق جسدية ضئيلة للغاية بين الإنسان العاقل وإنسان نياندرتال، ومن الناحية الأثرية، كانت الفوارق الثقافية غير محسوسة. 

وقد وجدنا أن أبناء عمومتنا البعيدين هؤلاء كانوا معقدين إدراكياً مثلنا، بل لقد تزاوجنا لفترة من الزمن، وتكاثرنا بنجاح وأنجبنا أفراداً هجينين، والذين هم بدورهم تكاثروا أيضاً.

ويمكننا اليوم أن نرى آثار هذا التفاعل: فجميع البشر لديهم الآن ما بين 1% إلى 4% من الحمض النووى لإنسان نياندرتال في جينومهم.

ولقد أثارت أوجه التشابه تلك والقدرة على التزاوج العديد من المناقشات الجدلية لعقود من الزمن. حتى أن بعض الباحثين زعموا بأن الإنسان العاقل وإنسان نياندرتال ينتمون فى حقيقتهم إلى نوع واحد، لكونهما قادرين على التزاوج وإنتاج ذرية خصبة.

وبحسب هذه الرؤية، فإنسان نياندرتال سيكون فى هذه الحالة نوعًا فرعيًا تطور فى أوروبا قبل أن يتم استيعابه مرة أخرى من قبل السكان الذين وصلوا من أفريقيا فى نهاية العصر البلستوسينى (الفترة الطويلة التي استمرت ما يقرب من مليونى عام والتى انتهت عندما انتهت آخر الفترات الجليدية). 

على حين يزعم علماء آخرون أن الاختلافات الجسدية والوراثية بين إنسان نياندرتال (الذى عاش منذ 200 ألف عام حتى انقراضه) وبين الإنسان العاقل الذى وجد خلال نفس الفترة، هى اختلافات كافية تماماً لإبقاء كل نوع منهما داخل صندوق  تصنيفى مغاير.

ولكن ما يثير الدهشة، أن إنسان نياندرتال انقرض واختفى تماماً بصورة مفاجأة، وقام الإنسان العاقل بالاستيلاء على كل مكان سكنه من قبل، على مدى مئات الآلاف من السنين.

عملية طبيعية:

الانقراض هو جزء طبيعى من عملية التطور البيولوجى. وتشير التقديرات إلى أن 99.9 في المائة من جميع الأنواع التى كانت موجودة على الكرة الأرضية قد اختفت تماماً. لذلك يجب ألا ننظر إلى انقراض إنسان نياندرتال باعتباره امر استثنائى او نادر.

هناك العديد من العوامل المختلفة التى تؤدى إلى الانقراض، وأكثرها شيوعًا هو المنافسة بين الأنواع والتغيرات البيئية. قد تكون مثل هذه العوامل حاسمة فى انقراض الأصناف أو الأنواع عندما تواجه مجتمعاتها مشاكل ديموغرافية وجينية، أو قد لا تؤثر عليها على الإطلاق عندما تتمتع تلك المجتمعات بمزايا صحية جيدة.

من الصعب بشكلٍ عام الحصول على أرقام  دقيقه تتعلق بمراحل التطور البشرى. ولكن يمكن بشكلٍ تقديرى القول أن إنسان نياندرتال انقرض  منذ حوالى ٣٧ الف الى ٤٠ الف عام، ويمكننا القول أنه لا يوجد دليل قوى على أنهم استمروا بعد هذه الفترة. 

الآن دعونا ننتقل إلى الفروق الدقيقة:

 حتى وقت قريب كنا نعتقد ان بعضاً من انسان نياندرتال قد عاشوا فى أوقات قريبه إلى حد ما ــ مثل أولئك الذين عاشوا في فينديجا (كرواتيا) عند 28 ألف عام، أو أولئك الذين عاشوا في سباي (بلجيكا) عند 30 ألف عام. ولكن نتيجة للتحسينات التي أدخلت على تقنيات التأريخ بالكربون المشع، أصبحوا يؤرخون وفقاً للحد الفاصل بين 40 ألفاً و37 ألف عام. 

إلا أن بعض المجموعات المعزولة تمكنت من البقاء على قيد الحياة لعدة آلاف من السنين فى مناطق معينة. 

وعلى أية حال، فإن طبيعة التأريخ بالكربون المشع لن تعطينا أبداً تاريخاً ثابتاً لانقراض البشر البدائيين، بل مجرد نطاق من الاحتمالات.

من وجهة نظر علمى الأحياء والبيئة، يتم اعتبار النوع منقرضاً عندما يموت آخر فرد منه. 

الصورة الشائعة لموت إنسان نياندرتال هى عبارة عن مشهد درامى، حيث يتنفس فرد متجول حزين أنفاسه الأخيرة وحيداً داخل شق جبلى، بينما يتذكر رفاقه الذين ماتوا قبله. 

ورغم انه قد يبدو أن انقراض أى نوع يتطلب وجود فرد أخير، إلا أن الطبيعة تعمل بطريقة أكثر تعقيداً. 

فلعل القرابة بين إنسان نياندرتال والإنسان العاقل (سابينس) كانت سبباً فى ان اخر إنسان نياندرتال قد يكون قد اختفى أثناء اختلاطه ما بين المهاجرين الأفارقة الجدد بدلاً من اختفائه وحيداً.

عادةً ما تكون عملية انقراض أحد الأصنوفات أو الأنواع، هى نتاج لتغيير بيئى او مناخى يؤدى إلى تقلص كبير فى المناطق التى يمكنها الحياة فيها. وقد تكون الأنواع فى حالة انقراض من الجهة الوظيفية، حيث لا تكون التجمعات قابلة للاستمرار على الأمد البعيد بسبب صغر حجمها. 

ويكشف التحليل الأخير للحمض النووى من حفرية إنسان نياندرتال التي عُثر عليها في كهف ماندرين فى وادى الرون في فرنسا عن فرد ينتمى إلى سلالة نياندرتال غير معروفة حتى الآن، وهو جزء من مجتمع صغير ظل فى عزلة وراثية عن غيره من إنسان نياندرتال لمدة 50 ألف عام. 

وتُظهر قدرة هذه التجمعات على البقاء معزولة لفترة طويلة مدى مرونتها غير العادية.

وقد نستخلص من ذلك ان هذه المجموعات وقبل انقراضها النهائى، ربما تم دفع تجمعاتها خارج معظم نطاقاتها الطبيعية، بحيث أصبحت معزولة داخل مجموعات منفصلة دون تدفق جينى فيما بينها.

وتُظهِر الدراسات الجينومية التي أجريت على إنسان نياندرتال من كهوف إل سيدرون (أستورياس بإسبانيا)، وفينديجا (كرواتيا)، وميزمايسكايا (القوقاز)، وألتاى (سيبيريا) أن آخر مجموعاته كانت تتسم بتنوع وراثى منخفض للغاية. 

هذا يعنى أنها أصبحت مجرد مجموعات صغيرة مغلقة على نفسها، مع حالات من التزاوج الداخلى. 

وعلى هذا، ورغم أن بعض الأفراد ربما تزاوجوا مع أنواع بشرية أخرى، فإنه فى النهاية فإن أغلب مجموعات إنسان نياندرتال الفرعية كانت معزولة جسدياً وجينياً، الأمر الذى أدى إلى انقرضها وظيفياً. وتشير التقديرات إلى أن هذه العملية ربما استغرقت ما يصل إلى خمسة آلاف عام، أى ما بين 42 ألفاً و37 ألف سنة مضت.

النهايات على شواطئ البحر الأبيض المتوسط:

على الرغم من الاعتقاد الذى ساد يوما بأن إنسان نياندرتال استوطن أوروبا بشكلٍ حصرى، فقد تم العثور على حفرياته فى أقاصى الشرق وحتى كهوف تشاجيرسكايا ودينيسوفا في ألتاى (سيبيريا) وفي ملجأ باوا ياوان فى جبال زاغروس (إيران).

وتشير بعض الأدوات الحجرية المكتشفة إلى أن إنسان نياندرتال ربما وصل إلى شرق آسيا وكان شائعًا جدًا فى آسيا الوسطى. 

لذلك، سيكون من الأصح التحدث عن تصنيفه كأوراسى.

ومع ذلك، فإن آخر حفريات إنسان نياندرتال أو المواقع الأثرية الموستيرية، كما يطلق عادة على ثقافة إنسان نياندرتال النموذجية، يأتينا من النصف الجنوبى من أوروبا. 

وتلعب شبه الجزيرة الأيبيرية دورًا أساسيًا هنا. حيث من الواضح أن إنسان نياندرتال أمضى قرونه الأخيرة تحت سماء الأندلس المشمسة.

وقد أسفرت الدراسات التي أجريت في كهف بوكيتى دى زافارايا (ملقة، إسبانيا) في عام 2003 وكهف جورهام (جبل طارق) في عام 2006 عن تواريخ حديثة للغاية، تتراوح بين 33 ألفًا و28 ألف عام. الا انه تم بعد ذلك التشكيك فى صحة هذه النتائج، بحيث لا يمكننا الجزم بأن عمر هذه المواقع يقل عن 40 ألف عام.

وما لاتزال المواقع الأيبيرية الأخرى الواقعة إلى الجنوب من نهر إيبرو ــ مثل كهف أنطون وسيما دى لاس بالوماس (مورسيا، إسبانيا)، وجروتا دا أوليفيرا (البرتغال)، وبعض مستويات كهف جورهام ــ  توفر لنا بيانات تؤكد أن شبه الجزيرة الأيبيرية إن لم تكن آخر مكان نجا فيه إنسان نياندرتال، فإنها على الأقل كانت آخر مكان له فى أوروبا الغربية. 

ومع ذلك، فلن يكون من المستغرب أن نجد فى المستقبل القريب آثار لمجموعات سكانية أخرى مثل تلك الموجودة في شبه الجزيرة الأيبيرية فى سيبيريا وحتى أبعد من ذلك إلى الشرق.

فوضوية التغير المناخى:

واحد من أهم الأسئلة فى علم الإنسان القديم هو لماذا انقرضت نياندرتال. والحقيقة أننا لا نعرف الأسباب على وجه اليقين، ولكن هناك عدة فرضيات. اقد مرت فترة زمنية هائلة منذ ظهور نياندرتال حتى انقراضه. 

فخلال 350 ألف سنة أو نحو ذلك من وجود هذا النوع البشرى، تغير مناخ الكرة الأرضية بشكل كبير عشرات المرات. وهذا يعنى أنه خلال أكثر من 13 ألف جيل من نياندرتال، تحولت أماكن مثل الجزر البريطانية من فصول صيف مشمسة وشتاء معتدل إلى أطنان من الجليد المتراكم.

إننا نعلم الأن أن إنسان نياندرتال اجتاز ما لا يقل عن عشرة تقلبات مناخية رئيسية تُعرف باسم الفترات الجليدية والفترات بين الجليدية، والتي كانت تتألف من فترات جليدية (تقدم ثانوى للأنهار الجليدية) وفترات بين جليدية (انحسار أو توقف للأنهار الجليدية). 

وكأن إنسان نياندرتال كان مجرد قطع شطرنج تتحرك على رقعة النظام البيئى المتقلب، بما أدى الى توسع نطاق وجوده او انكماشه بالتوازى مع تغير المناخ.

وتخبرنا الأثار البيئية الى أنه كانت هناك عدة اوقات مناسبة،استعمر فيها إنسان نياندرتال الأراضى الواقعة إلى الشمال والشرق، وربما امتدت حدوده إلى منغوليا والصين.  

بدأت احدى موجات الاتساع تلك منذ 130 ألف عام، وكانت هناك أخرى منذ 60 ألف عام. 

لكن موجة التوسع الثانية تلك كانت قصيرة العمر نسبيًا: فبدءًا من 55 ألف عام مضت، حدثت سلسلة من الأحداث المناخية المتطرفة غير المنتظمة والقصيرة جدًا، التى جعلت الظروف غير مواتية تمامًا. 

ويُعتقد أنها كانت لها تأثيرات رهيبة على مجموعات إنسان نياندرتال، التى دخلت فترة من عدم الاستقرار.

ولكن إذا كان فى استطاعة إنسان نياندرتال التكيف سابقا مع فترات مناخية أقسى من ذلك بعشرات المرات، فهل أدت التغيرات المناخية بالفعل إلى اختفائه؟ 

ربما لم يكن هذا هو السبب الوحيد، ومع ذلك، يُعتقد أن المناخ كان أحد العوامل الرئيسية التى أدت بهذا النوع الى الانقراض.

وبينما تكيفت مجموعات مختلفة من إنسان نياندرتال مع النظم البيئية المتوسطية - حيث قاموا بتنويع نظامهم الغذائى ليشمل الخضروات؛ والحيوانات الصغيرة، مثل الطيور والأرانب والسلاحف؛  وحتى الموارد البحرية ــ كانت الحياة فى شمال أوروبا تقتضى أسلوباً أكثر تقشفاً.

حيث اعتمدوا على الحيوانات العاشبة الضخمة، والتى تضاءل وجودها مع الدورات الجليدية. 

التعايش أم المواجهة؟

قبل حوالى 45000 سنة، ساد الارجاء مناخ غير منتظم، ويزداد سوءًا من وقت لآخر. 

حينها انقسمت مجموعات إنسان نياندرتال إلى مجموعات صغيرة معزولة، فى الوقت الذى بدأت فيه سلالة بشرية جديدة من أصل أفريقى الوصول بشكل تدريجى الى حوض نهر الدانوب السفلى، قادمة من أفريقيا أو آسيا.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعايش فيها إنسان نياندرتال والإنسان العاقل، حيث عاش النوعان جنبًا إلى جنب منذ ما بين 100000 و55000 سنة دون صراع واضح فى الشرق الأدنى.

 ورغم أن علماء الآثار لا يرون الكثير من الاختلافات بين إنسان نياندرتال وإنسان سابينس من حيث التكنولوجيا أو النظام الغذائى أو كيفية استعمارهم للأرضى، فإن أول المهاجرين من إنسان سابينس الذين وصلوا إلى أوروبا جلبوا معهم ثقافات العصر الحجرى القديم الأعلى. 

وقد شملت هذه الثقافات جوانب ربما كانت ذات أهمية كبيرة فى التكيف مع الأزمات الحياتية: الإبر لخياطة الملابس المعقدة، والحراب لصيد الأسماك وصيد الحيوانات المائية، ورماة الرماح للصيد لمسافات طويلة، وفوق كل شيء، تشير الآثار إلى وجود شبكات معقدة للتبادل لمسافات طويلة بين المجموعات.

وقد تم بالفعل توثيق التعايش بين النوعين من خلال الحفريات الهجينة. كما يعتقد البعض أن الثقافات الانتقالية ما بين العصور الحجرية الوسطى والقديمة ربما كانت نتاجًا لتبادل الأفكار بين المجموعتين البشريتين، اللتين تعايشتا لمدة ثلاثة آلاف عام على الأقل في معظم أنحاء أوروبا.

ربما يكون إنسان نياندرتال قد كرس الكثير من الجهد لتربية عدد قليل من الأطفال، وهي استراتيجية بيئية تفضلها  عادة الحيوانات المفترسة التى تعيش في توازن مع البيئة. وعلى النقيض من ذلك، تبنى الإنسان العاقل الذى وصل حديثاً استراتيجيات بيئية أكثر انتهازية، حيث لم يبذل سوى القليل من الجهد في تربية أعداد كبيرة من النسل، حتى ولو كانت احتمالات بقائهم على قيد الحياة إلى مرحلة البلوغ ضئيلة نسبياً. 

ولأن الاختلافات الطفيفة في معدلات الوفيات بين السكان المتنافسين أدت إلى انقراض السكان الأقل قدرة على المنافسة، فقد كان الإنسان العاقل قادراً على إزاحة البشر الآخرين أثناء توسعه العالمى.

ولكن ما يبدو مستبعداً هو المواجهة العدوانية: فلا يوجد أي دليل على أن الإنسان العاقل "أباد" عمداً إنسان نياندرتال، فهما لم يختلفا كثيراً. 

ومع ذلك، فمن المرجح أن الاتصال بين النوعين في أوروبا كان أيضا اتصالاً متقطعاً.

يبدو أن عملية انقراض إنسان نياندرتال الأوروبى حدثت على مدى فترة طويلة تجاوزت 5000 عام. 

لقد تضافرت مجموعة عوامل لحدوث ذلك: منها استراتيجياتها الإنجابية، ومكانتها داخل النظم البيئية، والفوضى المناخية، وانخفاض أعداد فرائسها الرئيسية، وحتى الانفجارات البركانية الضخمة واصطدامات النيازك، كل ذلك أدى إلى تعقيد الأمور بالنسبة لهم.

ولعل مجموعات إنسان نياندرتال كانت لتنجح فى إعادة استعمار أوراسيا بأكملها بعد الفترة الجليدية التالية من ملاجئها في جنوب أوروبا، لو لم يكن الإنسان العاقل قد توسع خارج أفريقيا. 

وربما كانت لتستمر لآلاف السنين. ولكننا لن نعرف ذلك أبداً.

لقد توسع جنسنا البشرى حول العالم بسرعة غير مسبوقة، ووصل إلى مناطق لم يسبق أن زارها أى إنسان آخر من البشر.  

بالإضافة إلى إنسان نياندرتال، التقى الإنسان العاقل ببشر آخرين من أنواع مختلفة على طول الطريق: إنسان دينيسوفا في آسيا الوسطى، وإنسان لوزون في المحيط الهادئ، وإنسان فلوريس في جنوب شرق آسيا، ومن المؤكد أن هناك آخرين لم يتم اكتشافهم بعد.


إذا لم يكن لدينا بعد 160 عامًا من دراسة إنسان نياندرتال إجابة قاطعة حول انقراضه، فإن الطريق إلى فهم اختفاء الأنواع البشرية الأخرى يبدو طويلًا بنفس القدر، ولا يقل إثارة للاهتمام.

عن الناشونال جيوجرافيك 

أنطونيو رودريغيز هيدالغو باحث في معهد الآثار ميريدا (CSIC-JUNTA DE EXTREMADURA)، المجلس الوطني الإسباني للبحوث.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل نحن اذكى مما ينبغى؟

حوار عن "الوعى" مع الذكاء الاصطناعى

مصر والنوبة : قصة الكوشيون، الأسرة الخامسة والعشرون