الأربعاء، يناير 15، 2025

سوريا

ساهم فى إنشاء الحضارة الإسلامية اشخاص ينتمون الى اعراق واجناس وديانات مختلفة، وأيضا مفكرين وعلماء لادينيين، حتى انها امتدت على مساحات شاسعة من اسيا الصغرى حتى تخوم فرنسا فى أسبانيا.

قامت تلك الحضارة على اعمال العقل، والتفكير العلمى، وحرية الابداع والفكر الفلسفى.

إلا أن هذه الحضارة  بدأت فى الانهيار مع القرن الرابع عشر الميلادى، بالتزامن مع غزو المغول، وسيادة الفكر السلفى والبعد عن النموذج الاسلامى العقلانى. مع ذلك ظل الانتاج العلمى والفلسفى لتلك الحضارة مستمرا بشكل او باخر حتى القرن السادس عشر. 

بدءا من هذا التاريخ دخلت هذه المنطقة، وتحديدا مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عصراً من الظلام التام، وسادت المذاهب التقليدية الشكلية.

اكثر من ثلاث قرون من الاظلام، انسوها كل الانجازات الجبارة التى أسهموا بها فى مجالات العلوم والرياضيات والعمارة والطب والفلسفة والعلوم الانسانيه وكافة المجالات.

حتى بدأت ارهاصات العوده تتشكل مع  بدايات القرن التاسع عشر. 

فى نفس الوقت شهدت بقية مناطق العالم، وفى كثير من الأحيان على قواعد ما توقفت عنده تلك الحضارة، طفرات ثقافيه وفلسفية وعلمية تجاوزتها فيها بمراحل واسعة.

وهو ما قد يفسر هذا التفاوت العلمى والتقنى والحضارى المهول الذى تعيشه تلك المنطقة، الامر الذى مهد لاستعمارها وتنفيذ العديد من المخططات الإمبريالية والتى توجت بزرع الكيان الصهيونى.

إن حتمية سيادة التفكير العلمى وثقافة الحريات السياسية والاجتماعية والفكرية، اصبحت اكثر إلحاحا من اى وقت مضى لمحاولة اللحاق بركاب التقدم والازدهار.

ان ما تشهده مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من مظاهر الخرافة ومحاربة اعمال العقل والترويج للديكتاتوريات تحت اى مسمى، هى المعاول التى تهدم اى امل ممكن فى اللحاق بركب التقدم والحضارة.

انها تترك المنطقة كما هى، نهبا للفقر والتخلف والحكم غير الرشيد، و ارضا خصبة للهزائم المستمرة.

لذا فان اسقاط الانظمة الديكتاتورية فى المنطقة، طال عمرها او قصر، بما فيها الكيان الصهيونى، هو حتمية تاريخية وواجب انسانى قبل ان يكون وطنى. 

نعم قد تتفاوت الديكتاتوريات فى وحشيتها، ولكنها تبقى دائما عائق ضد الحداثة وضد التقدم، وقبلهما ضد الإنسانية.

نعم سقط نظام مستبد وحشى فى سوريا، ولكن هل من الممكن ان يصبح نظام سلفى ضيق الافق، قضى من قبل بمنتهى الاريحية على واحدة من اهم الحضارات الانسانية هو البديل.

هذا هو السؤال.

ليست هناك تعليقات: