عودة ذئب المروج: هل هو علم أم استعراض؟
هل أعادت شركة "كولوسال" الناشئة فى علم الوراثة إحياء "ذئب المروج" القديم بالفعل؟
فى أبريل 2025، أعلنت شركة "كولوسال بايوساينسز" (Colossal Biosciences) المتخصصة فى التكنولوجيا الحيوية ومقرها "دالاس"، فى "الولايات المتحدة" ولادة ثلاثة جراء من ذئاب المروج (Dire Wolf) أُطلق عليهم اسم "رومولوس" و"ريموس" و"خاليسى"، مدعية تحقيق أول عملية "إعادة إحياء" ناجحة لنوع انقرض منذ 12,500 عام.
استخدمت الشركة، التى شارك فى تأسيسها رجل الأعمال "بن لام" وعالم الوراثة بجامعة "هارفارد" "جورج تشرتش"، تقنية "كريسبر" (CRISPR) لتعديل الحمض النووى للذئب الرمادى، وإدخال صفات مستخلصة من جينومات ذئاب المروج القديمة التى تم استخراجها من سن يعود تاريخها إلى 13,000 عام وجمجمة عمرها 72,000 عام.
لكن هذا الإنجاز أثار جدلاً واسعًا. يرى النقاد أن هذه الجراء ليست ذئاب مروج حقيقية، بل مجرد ذئاب رمادية معدلة وراثيًا تشبهها شكليًا.
ويشبّه عالم الحفريات الجينية "نيك رولينس" العملية بـ"حل لغز مكون من تريليون قطعة مع فقدان نصف القطع"، مؤكدًا أن الحمض النووى القديم بحالته المتدهورة لا يمكنه إعادة إنشاء النوع المنقرض بدقة.
وبينما تعترف "بيث شابيرو"، كبيرة علماء الشركة، بهذه النقطة، إلا أنها تدافع عن المشروع باعتباره محاولة لاستعادة "الجوهر الوظيفى" لذئب المروج" – أى خصائصه الظاهرية، وليس جينومه المطابق تمامًا.
العلم وراء عملية الإحياء:
اعتمدت "كولوسال" فى عملها المنهجى على:
1. إعادة بناء الجينوم: تحليل الحمض النووى لذئاب المروج من الأحافير ومقارنته بالكلاب الحديثة، مما كشف عن تطابق بنسبة 99.5% مع الذئب الرمادى. [يعد ذلك فى علم الجينات فرقاً ضخماً للغاية].
2. التعديل الجينى باستخدام كريسبر: استهدفت 20 متغيرًا جينيًا رئيسيًا عبر 14 جينًا لمحاكاة صفات مثل الفراء الأبيض، والحجم الأكبر، والفكوك الأقوى.
3. الاستنساخ وبدائل الحمل: زرع الأجنة المعدلة فى كلاب مستأنسة، مما أدى إلى ولادة ثلاثة جراء بعملية قيصرية.
كما أسفر البحث عن اكتشافات غير متوقعة، منها أن ذئاب المروج ربما نشأت قبل 3.5 مليون سنة من سلالة هجينة من الكلبيات القديمة، مما يضيف تعقيدات على تاريخها التطورى.
المعضلات الأخلاقية والبيئية:
1. "إعادة الإحياء" أم التهجين؟
يرى علماء مثل "فينسنت لينش" (جامعة بافالو) أن الجراء هى مجرد "نسخ تقريبية" من الذئاب، وهى غير قادرة على لعب الدور البيئى الأصلى للنوع المنقرض. بينما ترد "كولوسال" بأن هدفها هو تحقيق "التكافؤ الوظيفى"، وليس النقاء الجينى.
2. الحفاظ على الأنواع أم التسويق التجارى؟
يتساءل النقاد عما إذا كانت عمليات الإحياء تنحرف بالموارد المتاحة عن مسألة حماية الأنواع المهددة بالانقراض، مثل الذئب الأحمر، الذى استنسخته الشركة أيضًا باستخدام تقنياتها الجديدة.
بينما يرى المؤيدون، وجود قيمة ثقافية وإمكانية لاستعادة التوازن البيئى.
3. ماذا عن العواقب غير المقصودة:
قد تؤدى عملية إعادة إدخال ذئاب المروج الطبيعية، إلى تعطيل النظم البيئية الحديثة، بينما تقول "كولوسال" انها تخطط لإيواء الذئاب فى محميات مُسيطر عليها، دون إطلاقها فى البرية.
الصورة الأكبر لمستقبل إعادة الإحياء:
يمثل مشروع ذئاب المروج لـ"كولوسال" خطوة نحو أهداف أكثر جرأة، مثل إحياء "الماموث الصوفى" و"طائر الدودو" و"النمر التسمانى". وتهدف جهود الشركة من إعادة "الماموث" بحلول 2028 إلى مكافحة ذوبان الجليد الدائم فى القطب الشمالى عبر إعادة توطين الحيوانات الضخمة التى ترعى النباتات. ومع ذلك، لا تزال الشكوك السابقة قائمة: "الانقراض نهائى. هذا يتعلق بإنشاء بدائل، وليس نسخًا طبق الأصل".
وكما قال "لام" لمجلة "تايم": "نحن قوة تطورية الآن". لكن يبقى السؤال الأهم: هل يمكن – أو ينبغي – لهذه القوة أن تعكس آلاف السنين من الانقراض؟
للمزيد من القراءة:
إعلان كولوسال:
https://crisprmedicinenews.com/press-release-service/card/colossal-announces-worlds-first-de-extinction-birth-of-dire-wolves
الانتقادات العلمية:
https://www.yahoo.com/news/experts-dispute-claims-dire-wolf-115520223.html
نقاشات أخلاقية:
https://www.newyorker.com/magazine/2025/04/14/the-dire-wolf-is-back
يجمع هذا المقال بين تقارير من "سى بى إس نيوز" و"سى إن إن" و"ذا نيويوركر" ومصادر أخرى.
تعليقات