Sunday, March 20, 2011

المرحله التاليه


جميل أن يخرجوا للنور كى نراهم
هكذا علق الأستاذ نجيب محفوظ  على إمكانيه إنشاء الإخوان لتنظيم سياسى علنى. ورغم أن هذه الجماعه نشأت وعاشت لوقت طويل جدا فى أحضان الظلام. وتعد الدوائر العليا فيها سراديب محكمة الإغلاق ذات تركيبات معقده. إلا أن ما نراه من إيحاءات و تسريبات يعد كافيا لرسم صوره أقرب إلى حقيقة تفكير هذه الجماعه.
نظام داخلى شديد الإحكام يخضع لمعايير صارمه يجعل الإختلاف بين رؤى صانعى القرارداخل الجماعه منحصرا فى إختلاف الوسائل. الولاء الشديد والتام لمفكرى الجماعه ومنظريها وخاصه حسن البنا وسيد قطب. إستخدام أساليب المهادنه و التحالفات حينا والهجوم الشرس حينا مع الإحتفاظ دائما بنظرية توزيع الأدوار كقاعده ذهبيه سارت معلما للجماعه.
من أمثله ما سبق. أن إنتخابات مكتب الإرشاد الأخيره دفعت بشخصيات مجهوله إعلاميا إلى مراكز الصداره كالدكتور بديع المرشد العام والتلميذ المخلص لسيد قطب. حيث فوجىء كثيرون أن شخصيات شهيره إعلاميا من الجماعه لا يمثلوا فعليا أى ثقل حقيقي داخل هذه القياده. أما أساليب المهادنه والتحالفات الوقتيه فتاريخهم ملىء بالعديد من أمثلته. ولعل ما ذكره موقع الإخوان من أن معارضى التعديلات الدستوريه هم عملاء وأصحاب أجنده أمريكيه صهيونيه, ثم إعتذار المرشد عن ذلك لاحقا هو أحد أمثلة عملية توزيع الأدوار الشهيره.
المشكله التى تواجهها الجماعه الأن والتى أرجوا أن لا تواجهها مصر معهم, أن أفكار وأساليب وفلسفة الحكم لهذه الجماعه فى الوقت الحالى هى عينها أساليب وأفكار وفلسفة حكم الحزب الوطنى ولكن بغطاء دينى.
 هذه ببساطه طريقه حكم أى نظام شمولى يرفض الأخر أو بعض الأخر, ويتشدق بشعارات زائفه عن الحريه والديموفراطيه لا يؤمن فعليا بها, نظام يضع قياداته فى مرتبه التنزيه والقداسه معتقدا فى الوقت نفسه أنه يمتلك الحقيقه المطلقه.
ومثل هذه الأنظمه والجماعات تفقد مع الوقت القدره على رؤية الواقع خارج إطار عقائدهم وأيدلوجياتهم. والتاريخ متخم بالأمثله الموحيه بدءا من النظم الشيوعيه إلى الأحزاب النازيه والفاشيه مرورا بطالبان والقاعده وصولا إلى مبارك وبن على, وبالطبع العقيد القذافى.
فروق شاسعه بين الخلفيات الدينيه والمرجعيات العقائديه لهذه النظم ولكن يبقى القمع ووسائله أداة الحكم الوحيده.
إن أمام جماعة الإخوان فى مصر مثلين لفريقين خرجا فعليا من كنف فكر جماعة الإخوان المسلمين,
أولهما مثال حكومة حماس فى غزه. الوصول إلى الحكم عبر صناديق الإقتراع. تغيير قواعد اللعبه تماما بعد ذلك بما يجعل اللجوء إلى صناديق الإنتخاب مره أخرى عمليه مستحيله. التفرغ لوضع قواعد حكم شمولى كامل تحت قناع الدين وإتخاذ ذلك زريعه لتبرير الإعتقالات والتضييق الإعلامى الكامل. البدء فورا فى عملية إستبدال قوات الشرطه والأمن بالمليشيات الخاصه بالجماعه.
وهكذا نصل لوضع قطاع غزه, حيث تكثف حكومة حماس جهودها لمنع السيدات والفتيات من ركوب الدرجات البخاريه والإهتمام بضرورة ظهور المحاميات بالحجاب.  فى حين تحتل قضية الإحتلال الإسرائيلى للقدس أهميه ثانويه, فالقدس ظلت محتله من قبل بالفعل و لمدة ثمانمائه عام  ويمكنها  إذن الإنتظار قليلا!!....
المثال الثانى هو حزب العداله والتنميه فى تركيا بقيادة أردوغان ومن قبله نجم الدين أربكان. مثال لحزب مدنى ذو مرجعيه إسلاميه يؤمن بالحريات العامه والمساواه. يصل إلى السلطه بشكل سلمى ويتركها فى أى وقت طبقا لمبدأ تداول السلطه. يعتقد يقينا أن الديموقراطيه بكل مظاهرها وليس فقط صندوق الإقتراع هى الوسيله المثلى للحكم.
هذا هو المثال الذى نريد أن تصل إليه جماعة الإخوان المسلمين , ولكن الطريق للوصول بهم الى هذا الهدف يبدوا للأن عصيا عسيرا..
لقد صوت المصريون ب "نعم" للتعديلات الدستوريه الأخيره
إعتقدت الأغلبية من المصريين أن هذا هو طريقهم نحو الإستقرار, وهو إختيار يجب أن نحترمه جميعا وأن نتفهم دوافعه. كما أن الملايين التى طالبت برفض التعديلات, قد أوضحت رفضها التام لإحياء دستور 71 ورغيتها فى دستور جديد. ولا شك أن الإعلان عن وضع المواد المعدله ضمن إعلان دستورى جديد هو إدراك لموضوعية وعدالة مطالب الرافصين.
إن مصر وكالعاده فضلت أن تنطق بصوت واحد ضم كل أطيافها وطوائفها....
ولعل جماعة الإخوان تدرك كما لأى مراقب للأحداث أن يدرك, أن هذه الأغلبيه ضمت جميع فئات الشعب, المتدينين وغير المتدينين.. الرجال والنساء.. السلفيين والعلمانين .. المسلمين والمسيحيين ..
أما إذا إعتقدت الجماعه أن نسبة ال 78% المؤيده للتعديلات أو أغلبهم  هم من المؤيدين لها, فسيكون ذلك تأكيدا لما يظنه البعض, من أن قلب وعقل الجماعه موجود هناك فى غزه.
لقد إنتهى هذا الفصل من فصول الثوره المصريه, ونحن الأن نستعد لبدء مرحله تاليه من النضال لتحقيق أهداف الثوره. ولا يجب فى هذه المرحله أن نسمح لأى جماعه أو مجموعه أن تعرقل تقدمنا لأسباب ذاتيه أو أوهام عالقه بآذهانهم.
إن الملايين الذين شاركوا فى الإستفتاء وأيا كانت أراءهم قد شكلوا هم أنفسهم بالفعل إستفتاءا منفصلا على نجاح الثوره المصريه.
إن دماء الشهداء المقدسه تستصرخنا أن نواصل العمل بلا كلل وبكل جهد, وأن نواجه أى قوى تحاول دفعنا إلى الوراء بكل قوه وحسم.
ولن نكون جديرين بتضحياتهم قبل أن نحقق ما إستشهدوا من أجله..
كرامه, حريه وعداله إجتماعيه... فى دولة مدنيه يتم تداول السلطه فيها بطريقه سلميه...   

No comments: