Monday, December 26, 2005

عــــام علــى تســونامـى


تقتضى ظروفى الشخصية التواجد فى آمريكا الشمالية بعض من السنة. و حينما وقعت كارثة التسونامى العام الفائت كنت فى القاهرة, وتابعت ما حدث فى شرق آسيا بمزيج من التعاطف الخافت مع الدهشة لحجم الدمار الهائل وأيضا لهذة الظاهرة التى لم أسمع عنها من قبل.
وبدت مشاهدة هذة الموجة العاتية و هى تكتسح فى طريقها كل شىء بطريقة أسطورية أشبة بأفلام الخيال العلمى منها للحقيقة,مشاهد تجعلك تظن للحظة أن طوفان نوح قد حدث فيما يقترب مما نراه.
لذلك لم أندهش تماما بل لعلى توقعت هذة الهجمة من الدعاة الجدد على الضحايا (لست أدرى لماذا يذكرنى هذا التعبير بالمحاقظين الجدد فى آمريكا و أيضا الفكر الجديد فى مصر, وكأنما أرتبط التجديد فى عصرنا الحالى بالتفكير الرجعى).
على أى حال بدأ الدعاة الجدد و بعض القدامى وعديد من خطباء المساجد فيما يشبة الأوركستراعزفا لكونشرتو الشماتة المكتوم فى الضحايا لمحاولة الإيعاز أن ما حدث فى شرق أسيا هو عقاب من السماء. صحيح أن ما حدث أضر فى أغلبة بأناس غاية فى الفقر بل أن أكثر بلد تضررت هى إندونيسيا المسلمة , ولكن لا يهم فالحدث فرصة لكى يثبت الدعاة أمام مريديهم المغيبين عن وعيهم تماما صدق تراهاتهم وأفكارهم الغيبية, وهى أيضا فرصة للتنفيس عن حقد لا داعى له ولا مكان له على الإطلاق فى الإسلام الحقيقى.
ولكن أى مكان للإسلام الحقيقى يمكن أن يتواجد مع هذة الجوقة الرديئه الى تزعمها الدكتور زغلول النجار متاجرين بأرواح أزهقت و ملايين شردوا جراء كارثة طبيعية, وبدلا أن نظهر روح الإسلام السمح و ندعوا الى مساعدة أخوة لنا فى الإنسانية أو الدين , إكتفينا كالعادة بالمشاهدة بل وللأسف بالتشفى.
بعد أسبوعين كنت فى كنــدا , حيث كانت الصورة مختلفة تماما, فالحديث عن التسونامى فى كل مكان و بين كل الناس إلا أنة حديث لا ينم عن التعاطف فحسب إنما يتخطى ذلك إلى كيفية المساعدة.
وحيثما كنت وفى أى من المتاجر الكبرى سواء سيرز ولمارت أو هدسون باى لا يمكنك إلا أن تسمع كلمة تسونامى من المذيع الداخلى فى دعوة للتبرع للضحايا. و كلما هممت بدفع أى فاتورة فى أى مكان حتى السوبرماركت, تبادرنى البائعة بالسؤال إذا ما كنت أرغب فى تحويل النقاط المجانية التى تمنح عادة فى المحال الكبرى إلى تبرع لضحايا التسونامى, تقول ذلك وهى تستعد بالفعل لتحويلها إلى تبرع , فذلك ما يفعلة الجميع.
حالة من الإثارة و محاولة المساعدة تجتاح الجميع, حتى أن إحدى معارفى أرسل إليها أبواها شيكا بخمسمائة دولار بمناسبة عيد مولدها , فقررت بعد تفكير قصير أن تتبرع بهم للضحايا بدلا من شراء أى شىء.
وأنا هنا لا أتحدث عن هؤلاء المتطوعين الذين يذهبون بأنفسهم الى أماكن الكوارث و الأوبئة و المجاعات مضحيين بوقتهم وجهدهم بل وسلامتهم الشخصية من أجل الأخريين و هم للأسف فى غالبيتهم من الغربيين , بل أتحدث عن التطوع بأى شى يجدى ولو كان مجرد التعاطف.
ولا أتكلم بالضرورة عن مجتمع غربى فالمنطقة التى أتحدث عنها فى كندا هى خليط متساوى من الغربيين والهنود السيخ والأسيويين والجميع يدين بعديد من الأديان ومنها بالطبع الإسلام.

ترى ما الذى حدث وجعلنا نبتعد عن روح الإسلام الحقيقية ونتمسك بقشور لا طائل منها نخفى وراءها إبتعادنا المخزى عن حقيقة الإسلام.
وسلاما الى شهداء التسونامى من جميع الأجناس والألوان والأعراق فى ذكراهم الأولى.

Wednesday, December 21, 2005

نسيـــم آيــار


آيار هو الإسم السوريالى لشهر مايو والمستخدم فى العديد من بلاد الشام, ونسيم آيار فى منطقتنا هو عادة نسيم حار خانق وغالبا ملىء بالأتربة الضارة.
لذلك كان من الموفق تماما أن يرأس اللجنة العليا للإنتخابات فى مصر "نسيم منتصر" ويرأسها فى العراق "فريد آيار" ليكونا معا "نسيم آيار
وكلما ظهر هذا النسيم على شاشات التليفزيون بوجهه المنتفخ و جسدة الممتلىء متحدثا فى ثقة عن نتائج يعلم أنها جاءت فى أغلبها بالتزوير والبلطجة والإجراءات البوليسية الهمجية, تعجبت فى نفسى "لماذا يفعل ذلك"؟؟!! من أجل الظهور على شاشات التليفزيون؟.
وهؤلاء المزورين الذين شهدوا زورا بإسم مئات الألاف من الناخبين ما الذى سيجنوه فى النهاية مقابل هذا الجرم؟
أما السيد "آيار" فلم يجد أى غضاضة فى التطوع بإعلان أن القائمة الشيعية فازت ب 58% من الأصوات فى بغداد فى حين نالت قائمة الوفاق السنية فقط 17% هكذا وبمنتهى البساطة ودون أن يطرف له جفن.
إن مهزلة الإنتخابات فى مصر والعراق هى جزء من مأساة الأوضاع فى هذا الجزء من العالم, حيث لا إحترام لأدمية أى شخص أو كرامتة وبالقطع لا إحترام لأراءة.
وطالما ظلت شعوبنا تحت وطأة أشخاص مثل مبارك فى مصر أو بشار فى سوريا أم دبليو بوش فى العراق فلا أمل لنا فى إستنشاق أى عبير للحرية بإستثناء نسيم آيار.

Wednesday, November 30, 2005

مرحبـــا بإسرائيل العربية




هل رأيتم عاميير بيريس رئيس حزب العمل الجديد؟؟
الرجل يبدو عربيا تماما, بل وأكثر عروبة من بعض الحكام العرب, الملك عبد الله فى الأردن مثلا...
و بيريس مثل العديد من اليهود فى إسرائيل أصلة مغربى.. واليهود الشرقيون يزدادون بإطراد وبطريقة أسرع بكثير من اليهود الأوربيين. السبب واضح بالطبع.. ,فاليهودى الشرقى عاداتة وتقاليدة مستمدة فى النهاية من المحيط العربى أو الشرقى الذى نشأ فيه بما فيها كثرة الأولاد.
لذلك يلجأ اليهود الغربيين الى محاولة تهجير أكبر عدد من اليهود الروس أو الأوكرانيين الشقر لتعويض هذة الفجوة حتى ولو لم يثبت أنهم يهود بالفعل.
وإذا كان وزير الدفاع الإسرائيلى إيرانى ووزير الخارجية تونسى ورئيس حزب العمل مغربى , فلا داعى للتعجب مثل
إيهاث عندما أستقلت الحافلة فى القدس وفوجئت بالركاب اليهود يستمتعون ويغنون مع أم كلثوم أغنية "إنت عمرى".
أما ما دفعنى الى الترحيب بإسرائيل كإحدى الدول العربية العتيدة, فهو ذلك التصريح الحنجورى الذى أدلى به زعيم حزب العمل السابق شيمون بيريز والذى لا يمكن له أن يصدر إلا من مسئول عربى عتيد وقال فية" أنة لا يوجد فى إسرائيل رجل يمكن لة أن يقود البلاد فى هذه المرحلة التاريخية الهامة سوى السيد شارون"
طبعا كان يجب أن يضيف أن شارون هو الزعيم الملهم, ولكن أعذروه فالرجل مايزال جديدا فى هذا المضمار.
و مرحبا بدولة إسرائيل العربية.

Monday, November 28, 2005

من الذى يحكم مصر الأن؟ - الجزء الثانى


هناك الكثير من التفسيرات التى حاولت حل لغز إختيار عبد الناصر للسادات خلفا له.. ودعونى أضيف تفسيرا أخر و هو أن عبد الناصر رأى فى السادات السياسى الحقيقى الوحيد الباقى فى دائرة الحكم العليا.
ولم يضع الرجل وقتا ففى أقل من عام بدأت تظهر مواهبة السياسية بوضوح .. تغلب بمنتهى السهولة على مناوئية السياسين و أطاح بهم الى السجون, وبدأت شخصية الفلاح الداهيه عميق الأغوار تتراءى للأنظار بالتدريج رجل واسع الحيلة حلو الحديث يملك مكر السياسى وقدراته على الإقناع شغل الناس و أجبرهم على اللهاث محاولين اللحاق بما يقولة ويفعلة. وإذا نظرنا الى الأحداث المتلاحقة على مدى إحدى عشر عاما من حكم الرجل بدءا من أحداث مايو 71 الى "حصل ضباب" ومظاهرات الطلبة و طرد الخبراء العسكريين السوفيت فى 72 ثم خطوة حرب أكتوبرالمهولة فى 73 و ما تبعها من أحداث سياسية و عسكرية وإقتصادية قلبت كثير من الموازيين المتعارف عليها فى مص
ر و المنطقة و العالم..... سياسات الأنفتاح و الإتجاه صراحة الى أحضان الولايات المتحدة فى 74 و 75 وماتبع حرب أكتوبر من وفره مادية و ثراء فى منطقة الخليج أدى إضافة لأوضاع مصر الإقتصادية الى نزوح أعداد غفيرة الى الخليج ليعودوا فيما بعد محملين بثروات شخصية كبرت أو قلت ولكن أيضا بأفكار بدويه وهابية ضاقت يما حملت وإتسعت لها مصر بمظاهر سطحية عديدة أدت مع الحراك الإجتماعى الحاد و أنتقال الثروة من الطبقات الوسطى الى طبقات قادمة بمفاهيمها المنغلقة و شبة المهمشة لتحتل الصدارة و تفرض أجندتها.
قام السادات فى نفس الفترة بتشجيع الأصوليين المتأسلمين و مصالحة جماعة الأخوان المسلمين كوسيلة لمجابهة الحركة الطلابية التاصرية و اليسارية القوية المناوءة لسياساتة بشدة.ويجب ألا ننسى فى هذا السياق أن السادات إتخذ فى 75 قرارا مفاجئا بتعين لواء طيار لم يكن معروفا على المستوى الشعبى فى منصب نائب رئيس الجمهورية وذلك بطريقتة المسرحية الشهيرة معلنا أنة قرر " أن يتحمل جيل أكتوبر المسئولية". طبعا كان ذلك هو اللواء طيار حسنى مبارك الرئيس محمد حسنى مبارك فيما بعد. وبنفس الطريقة المسرحية أعلن إنشاء ما أسماة بالمنابر السياسية مفسحا المجال لنفسة كى يعلن بطريقة مسرحية لطيفة فيما بعد عن مناورة عودة الحياة الحزبية الى مصر. الواقع إننا إزاء كل هذة الأحداث تجاة رجل سياسى, يمارس السياسة على طريقة سياسى أوروبا فى القرن التاسع عشر.. مناور ماكر ذكى وله رؤيته الخاصة للأمور وفى كل الأحوال يحرك الأحداث طبقا لمصالحة الشخصية. على أية حال مازلنا نلهث مع السادات حتى نصل الى العام 77 عام إنتفاضة يناير و أيضا عام زيارة القدس. وهاهو السياسى الماكر بهز العالم بخطوة جبارة وسواء إعتبرتها إلى الأمام أم إلى الخلف فلا يسعك إلا ان تعترف بأهميتها القصوى. وكما قام سلفة بتغيير التاريخ بل والجغرقيا أيضا بإضاقة أكبر بحيرة صنعها الإنسان وباتت تحمل إسمه فى شتى أنحاء العالم "بحيرة ناصر" فهاهو الخلف يقوم بتغيير تاريخ العالم بخطوة زيارة القدس. ويبدأ دون أن يدرى (أو ربما كان يدرى) مرحلة القطب الواحد متنبئا بإنهيار الأتحاد السوفببتى قبل حدوث ذلك بأكثر من عشرة أعوام.
على اننا فى الحالتين سواء إتفقنا أو إختلفنا أمام حالتين لرجلى سياسة. ربما كانا على طرفى نقيض إلا أنهما أتفقا على وجود رؤية سياسية , أساليب سياسية , لم يعوض ذلك بالطبع خطيئة غياب الديموقراطية , ولكنهما بما قاما به من أحداث إستطاعا أن يحولا هذه الخطيئة فى بعض الأحيان الى مجرد خطأ.
وكعبد الناصر إستعان السادات فى حكمة برجال من مختلف ألوان الطيف السياسى بل و غير السياسى بدءا من الدبلوماسى المخضرم محمود فوزى كأول رئيس وزارة فى عهده نهاية بالطبيب الطموح فؤاد محى الدبن مرورا بعزيز صدقى محمد عبد السلام الزيات , إسماعيل صبرى عبد اللة, ممدوح سالم, فكرى مكرم عبيد, سيد مرعى, عثمان أحمد عثمان, محمود جامع, منصور حسن ولا يمكنا أن نغفل دور زوجتة السيدة جيهان السادات.
وإنتهى فجأة دور السادات مفسحا لخلفة القيام بدور لم يتهيىء له وأشك أنه أراده حقيقة فى أى فترة من فترات حياتة . لم يعرف عن الرجل أى طموح أو موهبة سياسية من أى نوع , كان مثالا للموظف المصرى المجتهد والطموح وظيفيا مع موهبة إدارية أكيدة أهلتة لتولى مناصب إدارية هامة للغاية سواء فى الكلية الجويه أو فى سلاح الطيران المصرى حتى أنه تولى قيادة هذا السلاح فى سن مبكرة ,الأمر الذى جعله على رأس هذه القوات آثناء حرب أكتوبر. وكغيره من كبار الإداريي
ن تميز ببراجماتيه شديدة ظهرت آثارها بوضوح فيما بعد أثناء توليه الرئاسة.
ولكن لم يمتلك الرجل أى موهبة سياسية تذكر, كانت أقصى طموحاتة حين إستدعاه الرئيس السادات على وجة السرعة أن يقوم بتعيينه رئيسا لشركة مصر للطيران أو سفيرا إلى لندن وإن كان هو قد إعترف مؤخرا أنه كان يفضل لندن على مصر للطيران الا أنها فى النهاية أصبحت مصر نفسها. بل أننى أشعر أن الرجل حاول بحق التخلى عن هذه المسئولية فور إغتيال السادات ولو كانت الظروف تسمح لربما فعل ذلك بالفعل ولكن لحظه أو لحظنا (لست أدرى) لم تكن الظروف لتسمح على الإطلاق.
على أية حال أصبح حسنى مبارك رئيسا لمصر فى أكتوبر 81 مدعوما بتأييد شعبى واضح لسببين, الأول الهلع الذى أصيبت به جموع عريضة فى ذلك الوقت من فكرة وصول الجماعات الإرهابية المسلحة الى السلطة والسبب الثانى أن السادات وقت إغتيالة كان فقد كل شعبيتة تقريبا و بات مكروها للغاية بل وإمتدت هذة الكراهيه الى زوجته السيدة جيهان السادات. لذا ظهر حسنى مبارك كبديل شاب نقى وتلقائى. أذكر فى هذة الأيام المبكرة حادثين جعلا الناس يتعاطفون معه تماما , فأثناء ظهورة الأول فى البرلمان كرئيس للجمهورية وبينما المصورين منهمكين فى تصوير الحدث إذا بالرئيس الجديد يخاطبهم بحزم طالبا الكف عن التصوير , لفتة اثارت تصفيق النواب وإعجاب الشعب فى إشارة الى أن الرئيس الجديد و على العكس من سلفة يكره المظاهر ولا يحب الظهور. أما الحادث الثانى وربما يثير الكثير من العجب الأن فكان طلبة من رئيس تحرير جريدة الجمهورية فى ذلك الوقت مجازاة أحد الصحفيين لأنة كتب موضوع تحت عنوان "السيدة سوزان مبارك تقول:كوب لبن لكل طفل" فى إشارة الى أنه وعلى عكس سلفة لن يسمح لزوجتة القيام بأدوار مرفوضة شعبيا و الظهور فى الحياة العامة. وكما يقول عمنا المتنبى "تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن" فها نحن بعد 25 عاما من حكمه أمام رجل مختلف كليا.
بدأ مبارك حكمه مدعوما كما أسلفنا بدعم شعبى آهله مع هدوء أعصابة الشهيرمن إجتياز الأشهر الأولى الخطرة بسلام وأيضا السنين الأولى محاطا ببعض السياسين الذين ورثهم عن الرئيس السادات ولم يقم بتغييرهم على الإطلاق ,إستعان فى النواحى الإدارية ببعض الأصدقاء كما فى حالة جارة القديم زكريا عزمى ولكن بقيت تلك حالات إستثنائية.
وإذا نظرنا بطريقة متفحصة لطريقة حكم مبارك سنجد أنها ترتكز على بعض المفاصل الهامة أولها أن الرجل و على عكس عبد الحكيم عامر لم يخدع نفسه ويوهمها بوجود مواهب سياسية لدية, على العكس لقد تصرف دائما من منطلق أنه رجل غير سياسى , وعلى ذلك حرص بشكل مبالغ فية على عدم القيام باى مبادرات أو تغيرات أو تعديلات هامه فى الحياة السياسية سواء داخليا أو خارجيا. إهتمامة الأول والأساسى هو أن تسير المركب بأقل قدر ممكن من الخسائر , وهو فى ذلك كان متسقا مع نفسة فهذة عادة سياسة الموظف التقليدى من أجل البقاء أطول مدة ممكنة فى منصبة وهو فى هذة الحالة منصب رئيس مجلس إدارة مصر. إلا أن السياسة تختلف كثيرا عن الوظيفة فوقود مركب السياسة هو المبادرات و الإبداع السياسى بل و الصدمات من حين لأخر . و هكذا تسببت نظرة مبارك الوظيفية للمنصب الى إبطاء حركة السفينة فتخطاها الكثيرون وضعف مجركها تدريجيا من قلة الإستخدام حتى بدأت تروسه بعد أكثر من عشرين عاما من الركود التام فى الصدأ. ومل الناس تواجد نفس الوجوه وإستمرارها لأول مرة فى تاريخ مصر المعاصر لعشرات السنين . بل أننى أزعم أن الدكتور فؤاد محى الدين لو لم يغيبة الموت لظل حتى هذة اللحظة رئيسا لوزراء مصر. ولكن إنتظروا ,, ألا يذكركم هذا بشىء؟ أين يمضى الناس غالبة حياتهم يعملون فى مكان واحد؟؟ نعم أنتم على حق فى الوظيفة.
ننتقل الأن الى المفصل الهام الأخر فى طريقة حكم مبارك وهى "الأمن" وربما كان ذلك طبيعيا فالرجل كان يجلس بجوار الرئيس السادات حين أمطره المتأسلمون الأصوليين بوابل من الطلقات وسط جيشه و بكامل حلته العسكرية. أظن أن مبارك قرر يومها أن يعتمد على الأمن أولا وثانيا و عاشرا خاصة مع عدم وجود أى تصور سياسى حقيقى لدية أو حتى معرفة بحركة التاريخ أو حسب إعترافه هو شخصبا بأنه لا يهتم مطلقا بهذا التاريخ أو حتى دورة فيه. وهكذا ومع الإنكماش الحاد لأىطبقة سياسية تمتلك ولو حتى قدر متواضع من الفهم الحقيقى للسياسة , وبروز طبقة من الطفيليين أدعوا كذبا أنهم رجال أعمال و هم ليسو إلا مقترضى بنوك متعثرون وإقتحموا الحياة السياية دون إستئذان. مع تنامى الدور المتعاظم لأجهزة الأمن وتدخلة فى كثير من مناحى الحياة السياسية طبقا لنظرية ملء الفراغ , وصلنا إضافة الى الركود السياسى الحاد الى مرحلة بالغة الخطورة.
نأتى الأن الى مفصل أخير ولكنة بالغ الأهمية والتأثير, إحدى هواياتى هى متابعة التفاصيل الصغيرة لتصرفات الأشخاص موقنا أن هذة التصرفات الصغيرة ربما تكون المفتاح لفهم الأحداث و الشخصيات. وحين كان مبارك نائبا للرئيس أوفدة السادات الى الصين لمق
ابلة ماوتسى تونج والقادة الصينيين. كان ماو فى آواخر حياتة ,بالغ الوهن والضعف وظل الرجل واقفا يسلم على مبارك و أعضاء الوفد فردا فردا ولفت نظرى وجود صبيين صغيرين يصافحان ماو الذى بدا غير واعيا لما يدور حوله. لم يكن هذان الصبيان سوى علاء وجمال مبارك. لم يكن حسنى مبارك يقضد من ذلك التخطيط لأى مستقبل سياسى لأيهما , ولكنه كان مجرد أب محب لولدية وربما بشكل زائد عن المعتاد أراد أن يصطحب أولادة معة فى زياراتة البعيدة ويشاهدوا أشخاص يروهم عادة على شاشات التليفزيون. وفى أحاديث صحفية متباعدة وقبل بزوغ إسم الولدين بالشكل الحادث الأن يمكنك أن ترصد هذا الشعور و كيف أنة يقوم مبكرا لإعداد ساندوينشات للأولاد والتأكد من أنهم تناولوا إفطارهم. أشياء صغيرة ولكنها تبعث على الإعجاب بوالد محب وعطوف.
الولدان مختلفان إختلافا كليا . فالكبير علاء محب للحياة, منطلق.إجتماعى أما الصغير جمال فعلى العكس غامض , غير إجتماعى. عرف فى صغرة بالإنطواء الشديد الى حد أثار الدهشة فى بعض الأحيان.
وللحديث بقية

Friday, October 14, 2005

من الذى يحكم مصر الأن؟- الجزء الأول



من سنوات عديدة قرأت كتاب جولدا مائير "حياتى" و الذى تروى فيه قصة حياتها منذ طفولتها المبكرة فى روسيا مرورا بهجرة عائلتها إلى الولايات المتحدة ثم نزوحها إلى فلسطين و عملها السياسى و الإجتماعى المكثف هناك. تحكى مائير عن العيش فى الكيبوتزات , زواجها وإنفصالها ,أولادها و إنخراطها فى العمل التنظيمى , علاقتها ببن جوريون , أشكول وديان وغيرهم و حتى وصولها لمنصب رئيسة الحكومة.
ورغم أننى قرأت الكتاب بروح العدو الذى يريد أن يفهم, إلا أننى أعترف أن بعض أجزاء الكتاب أثارت إعجابى الشديد, و بعض الأحداث أفهمتنى لماذا إستطاع الصهاينة الأوائل إقامة دولة تضمن لليهود الحد الأدنى من الحرية و العدالة و تداول السلطة.
ولعل ما لفت إنتباهى بشدة هو شخصية جولدا مائير نفسها. لقد ولدت سياسية , خلقها الله لتعمل بالسياسة. قدر لا فكاك منه حتى لو ارادت تغييرة. وهكذا أصبحت هذة السيدة التى لا تحمل أكثر من الشهادة الثانوية رئيسة لوزراء إحدى الديموقراطيات فى العالم.
وبدأت أتسآل, هل السياسة موهبة تولد مع الإنسان أم أنها تكتسب بالتجربة و الخبرة. وبنظرة سريعة الى التاريخ وإلى الحاضر, إلى الجفرافيا المحيطة بنا والى العالم يمكننا أن نلاحظ أن التجربة والخبرة والظروف المحيطة بل والحظ أيضا كلها عوامل هامة للغاية ولكن لا يمكن لها أن تخلق سياسى حقيقى ما لم توجد الموهبة سواء بشكل ظاهر او بصورة مستترة.
والأمثلة عديدة لا علاقة لها بالثقافة أو الجنس أو الخلفية الإجتماعية فونتسون تشرشل ينحدر من أسرة أرستقراطية على حين أتى كلينتون من أوساط الطبقات العاملة. وفى حين تحمل مارجريت تاتشر شهادة جامعية فى الكيمياء فإن خليفتها جون ماجور لم يدرس أكثر من ما يعادل دبلوم التجارة فى مصر ولكن ما يجمع الجميع هو وجود الموهبة السياسية.
وليس بالضرورة أن تكون هذة الموهبة السياسية نعمة, بل يمكن بسهولة أن تكون نقمة وخاصة فى الأنظمة السلطوية و المستبدة والأمثلة عديدة بدءا من لينين و هتلر وصولا إلى حافظ الأسد وصدام حسين.
إلا انه وفى كل الأحوال لابد أن يتمتع الحاكم (أى حاكم) بمثل هذة الموهبة.
وإذا نظرنا الى مصر سنجد أن فترات النهوض والحركة و الفوران السياسى سواء بشكل إيجابى أو حتى سلبى إرتبطت بوجه عام بوجود الموهبة السياسية , فى حين إرتبطت فترات الجمود و الإنحسار والتراجع بوجود حكام ذوى مواهب سياسية ضعيفة أو حتى منعدمى هذة الموهبة. وربما يفسر هذا إنحسار الدور المصرى الشديد التوهج عصر "محمد على" أثناء حكم أبناءة إذا إستثنينا الموهوب الأخر فى العائلة العلوية "إسماعيل باشا".
وإذا نظرنا الى حالة مصر بتعمق أكبر , خاصة فيما يطلق عليه المرحلة الليبرالية بين 1919 و 1952 سنجد أن هذة الفترة والتى تميزت بقدر ما من الحرية ليس فقط السياسية ولكن بشكل اهم الفكرية والعقلية كنتاج لحركة التنوير منذ الحملة الفرنسية مرورا بالبعثات التعليمية إلى الخارج وحتى تنامى الوعى الوطنى والتسامح الفكرى والدينى مع ثورة 19. سنجد أن هذة الفترة أنجبت عدد وافرمن السياسيين الحقيقيين فى كافة الأصعدة ومن مختلف المشارب.
فهل يست
طيع أن ينكر أحد الموهبة السياسية لدى "سعد زغلول" المنفتح ذهنيا و "مصطفى النحاس" الشديد الطيبة, لدى "النقراشى" التقليدى الهوى و "إسماعيل صدقى" الإدارى الفج , لدى الشيخ "حسن البنا" مؤسس الإخوان المسلمين و "أحمد حسنين" رجل القصر الماكر بل أنه حتى الملك فاروق نفسة بكل مهاتراتة لم يخلو من بعض هذة الموهبة .
حتى كانت ثورة 1952 وأتى الضباط الأحرار إلى الحكم, خليط من الشباب المتحمس و الوطنى. جمعتهم أهداف وطنية نبيلة أو على الأقل ذلك ما أرادوه وتخيلوه.
لقد قيل الكثير عن أزمة مارس 54 وخروج محمد نجيب من الحكم ولكن كان من الطبيعى ألا يس
تطيع اللواء نجيب الذى تخطى الخمسين والمحدود الموهبة الصمود أمام هذا الشاب المتفجر موهبة سياسية حتى ولو كان بكباشى فى الرابعة والثلاثين. لذلك خرج جمال عبد الناصرمن هذا النزاع منتصرا. الواقع أن قيادة الضباط الأحرار كانت خليط فى هذا المضمار , فبعضهم إمتلك حس سياسى عالى كعبد الناصر وزكريا محى الدين و البغدادى مرورا بأنور السادات وبعضهم تراجع عنده هذا الحس كحسن إبراهيم و جمال سالم على حين إفتقرالبعض الأخر لأى موهبة سياسية حقيقية كعبد الحكيم عامر. لذلك كان لتبوء هذا الرجل مناصب بالغة الأهمية أثار كارثية ليس فقط على مصر بل و المنطقة العربية ككل. فعبد الحكيم عامر لم يفتقد هذة الموهبة فحسب بل تصرف محاولا إيهام نفسة والأخرين أنه يمتلكها لذا كانت الكوارث دائما مضاعفة.
على أية حال فإنة مع تنامى شعبية "عبد الناصر" الكاريزمية وحسه الساسى و الأمنى العالى تراجع بشكل كبير تواجد سياسيين حقيقيين , إلا أنه ظل تراجع و ليس إنعدام. بالطبع قل عدد من أفرزتهم الحقبة الناصرية من سياسيين مقارنة بالحقبة الليبرالية إلا أن توجهات الثورة إنجازاتها فى مضمار الحراك الإجتماعى و دخول أعداد كبير إلى نطاق الطبقات الوسطى وصدام الثورة مع أعدائها أفرز أجيال سياسية ذات توجهات إشتركية وأخرى دينية أكثر من كونها توجهات ليبرالية.
ولعل عبد الناصر كان هو أول سياسى توسع فى الإعتماد على التكنوقراط وأساتذة الجامعة فى حكوماته -وليس فى حكمه-
ورغم أنه أختار اساتذة جامعة يمتلكون بعض الحس السياسى ك "القيسونى" و "عبد العزيز حجازى" و "مصطفى خليل" ورغم أن هذا الأختيار كان له ما يبرره فى بعض الأحيان كحالة المهندس صدقى سليمان فى مرحلة بناء السد و "عزيز صدقى" فى الصناعة إلا أن هذا التوجه والتوسع فيه كان من أكبر سلبيات المرحلة الناصرية و التى لا نزال نعانى منها حتى الأن. ودعونى هنا احاول أن اشرح وجهة نظرى , فالسياسة موهبة تماما مثل الفن وبهذا المقياس فإننا نجد أن أفضل أفلام عرفتها مصر و العالم أخرجها مخرجين عاديين و ليس أساتذة أكاديميات السينما فى مصر أو العالم. هؤلاء غالبا تنحسر مهمتهم فى التنظير و البحث و التدريس وعادة لا يستطيعون إخراج فيلم واحد ذو قيمة فنية عالية. مثال أخر أساتذة العلوم السياسية سواء فى مصر أو العالم ليسوا فى الأغلب الأعم سياسين محنكين بل هم فى النهاية أكاديميون يضطلعون بدور هام فى تحليل الأحداث و التنظير لها عوضا عن صنعها, وقس على ذلك فى كافة المجالات.
على أية حال توفى عبد الناصر وأركان حكمة خليط من السياسيين والتكنوقراط, إلا أنه ترك رجل سياسى فى قمة الحكم "أنور السادات" الذى حار الكثيرون لماذا أختاره عبد الناصر
وللحديث بقية

Wednesday, October 12, 2005

الوراثــة و التليـفزيـــون


عادة أتجنب مشاهدة التليفزيون المصرى حتى أتفادى إرتفاع ضغط الدم أو الأصابة بزهايمر مبكر.. ولكن لفت نظرى أثناء تجوالى بين القنوات رجل قعيد على كرسى متحرك يتحدث لغة عربية سليمة للغاية ,, إسمه على ماأذكر هو الدكتور سامى الليثى و هو معتقل سابق فى السجن النازى الأمريكى جوانتانمو,,, ورغم أن المذيع كان للأسف المدعو تامر بسيونى ...الا أن أسلوب الرجل الراقى و حديثه عن ظروف أعتقالة فى جوانتانمو دفعانى لمواصلة المشاهدة... تحدث الرجل عن إعتقالة والطريقة المهينة التى عومل بها و كيف تنقل بطريقة غير أدمية بين باكستان وأفغانستان حتى وصل بدون أى جريرة وبعد رحلة عذاب طويلة الى جوانتانمو ... ثم بدأ فى سرد أحداث استقبالة هو وأقرانة فى المعتقل الشهير حيث قاموا بخلع ملابسهم عن أخرها وبدأوا فى ممارسة جميع أصناف التعذيب و التى اكد الدكتور الليثى أن السجانين الأمريكيين كانوا يمارسونها بمنتهى الأستمتاع و اللذة ,,,, كل ذلك والأخ تامر يقاطعه بين الحين والأخر صائحا بصوته العجيب الذى يذكرنى بصوت الضفدعةا: "تمـام"!! تمـام؟؟؟ ماهو التمـام بالضبط فيما يحكيه الرجل من صنوف التعذيب البدنى والنفسى التى تعرض لها على مدى أربع اعوام؟؟..
حتى وصل الرجل الى رواية كيفية إصابته بعجز تام عن الحركة نتيجة ما تعرض له وهو لايعرف تماما ماذا أصابه من الناحية الطبية فإذا بالأخ تامر يتحفنا بتعليقة العبقرى على ذلك "كويس قوى"... هو أيه اللى كويس قوى؟؟
المهم إستطرد الرجل فى شرح أن التقارير الطبية الأمريكية التى أرسلت معه غير صحيحة ولا تذكر أى شىء عن أثار التعذيب أو اصاباته المختلفة والرجل لا يستغرب ذلك حيث تعود من فترة بقائه مع الأمريكان أنهم مخادعون ولا يقولون الحقيقة ,,, فإذا بالأخ تامر يتحفنا بسؤال ذكى جاء فى وقته تماما "المهم نريد جميعا أن نطمئن أنه لا توجد لدى أمريكا أى أتهامات ضدك؟"
ياسلام
المصريون جميعا لا توجد فى قصة الدكتور الليثى المصرى المختطف فى جوانتانمو ما يعنيهم سوى ان يطمئنوا الى رضاء ماما أمريكا عنه وعنا
على أية حال أفهمه الرجل بطريقة مهذبه أن هذا الأمر لا يعنيه فى قليل أو كثير
ثم تطوع الأخ تامر بسيونى نجل رئيس أتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق أمين بسيونى "والله كان ألطف كتير من إبنه" تطوع بمناشدة السيد وزير الصحه رغم أنه أثقل عليه كثيرا من قبل أن ينظر بعين الرعايه لحالة الدكتور الليثى
وكأن هذة ليست إحدى مسئوليات وزير الصحة
وهكذا جاءت الوراثة إلى التليفزيون بأحد أثقل الأشخاص ظلا وهو الأخ تامر بسيونى والذى ربما لا يتفوق عليه فى ثقل الظل فى مصر سوى شخص واحد وهو
بالطبع الأخ جمال مبارك
مصر بلدى
ماذا فعلوا بك؟

Monday, October 03, 2005

لماذا غزت أمريكا العراق؟


أحيانا أتعجب ممن يعتقدون أن غزو أمريكا للعراق كان بسبب البترول العراقى... البترول العراقى!!! كأنما البترول العراقى أو السعودى و الليبى والنيجيرى ليس تحت سيطرة الولايات المتحدة بالفعل... وأخرون فى الغرب يتحدثون عن إسقاط نظام صدام حسين كهدف الغزو.. وطبعا هذا هدف مضحك للغاية .. فكل جرائم صدام فى العراق بل وكل جرائم الحكام العرب داخل بلادهم تتم بمباركة أمريكية تامه ويمكنكم يسهولة العودة إلى أنظمة أمريكا اللاتينية العسكرية المستبدة التى أتت عبر أروقة المخابرات الأمريكية ...
أما أكثر تفسيرات الغزو مدعاة للضحك فهى أن أمريكا غزت العراق بحثا عن أسلحة الدمار الشامل!! و هو ليس أكثر التفسيرات إضحاكا فقط بل وأسخفها أيضا ...
إذا لماذا غزت الولايات المتحدة العراق؟
ببساطة ودون سفسطة أو محاولة للتفلسف ... لقد غزت الولايات المتحدة العراق لسبب وحيد... واضح ومحدد وهو " تقسيــــم العــراق" لا أكثر ولا أقل...
والغريب انه رغم الوضوح التام لهذا الهدف إلا أننى لا أجد الكثير من المعلقين يتوقفون عندة بالتحليل... دعونى لا أضيع وقتكم بالحديث عن دعم بقاء صدام فى السلطة بعد عاصفة الصحراء بواسطة بوش الأب وكان أحد أسباب هذا الدعم إضافة الى إستخدامة كفزاعة لدول أو بالأحرىلحكام دول الخليج المجاورة هو الخوف من تقسيم العراق... ولكن ببساطة قامت الولايات الأمريكية بتغيير أهدافها بعد ما يقرب من العشر سنوات..
هذا التغيير فى السياسة الأمريكية أرتبط بشكل كامل بصعود المحافظين الجدد الى الحكم مع دبيليو بوش و المحافظين الجدد لمن لم يبلغه نبأهم بعد هم مجموعة من الليبراليين اليهود القدامى قاموا بتحويل فكرهم نحو اليمين منتحلين صفة أمريكيين متعصبين فى حين أن أولياتهم تنحصر فى خدمة إسرائيل ومصالحها فى المقام الأول...
على أية حال قام هذا الفريق بالتخطيط و التمهيد بل و الكثير من التأمر لتنفيذ هذا الغزو ... بل أن هذا الفريق نفسه حاول بيع هذه الفكرة الى كلينتون الليبرالى (حسب المقاييس الأمريكية) إبان حكمه دون أى نجاح يذكر...
أما مع بوش الأبن فالعملية غاية فى السهولة.. رئيس جاء تقريبا بالوراثة ( وما ادراك ما الوراثة) ربع أو ثمن مؤهل ... أعتمد على أغلبية من المهوسيين دينيا (هناك أيضا يوجد مهوسوون) يؤمن أنه يتلقى النصح من الله مباشرة ,و ربما من خلال شينى و رامسيفيلد (صديق صدام السابق).
ولكن ما جعل التآمر عملية سهلة والغزو ممهد له الطريق هو وجود مثل هذه الأنظمة الموغلة فى الفساد والعبث و التخلف .. آنظمة مثل البعث فى العراق... و آل الأسد فى سوريا و كارثة آل مبارك فى مصر....
وتمت الخطة فى منتهى السهولة... الهدف الواضح للمخططين تقسيم العراق ... عملية الغزو هى فتيلة الأشعال وبعدها ستمضى الأمور فى طريقها بشكل تلقائى.. سينتفض الأكراد فى الشمال مطالبين بتكوين كيان مستقل ( وبالمناسبة كان ذلك السبب فى أعتراض تركيا عضو الأطلنطى عن أستخدام آراضيها للغزو ). الشيعة بالطبع لن يتأخروا عن المطالبة بوطن كونفيدرالى فى الجنوب بل ولما لا فى الوسط أيضا إن أمكنا!!!! وليذهب السنة الى الجحيم أوليكونوا دولتهم الخاصة إن أرادوا.
لذلك لا أش
ك أن العصابة التى خططت للغزو قد أستهانت فى سخرية من هؤلاء الذين أدعوا أنة كانت توجد خطة للحرب ولكن لم توجد خطة لما بعد الحرب ... فالخطة غاية فى الوضوح..
وعندما يتم تقسيم العراق الى دويلات ,مع وجود نظام فى مثل غباء نظام بشار الأسد فى سوريا , ومبارك فى القاهرة يدفع بلادة الى كارثة التوريث لينهى أى أمل فى مجرد بدايات لتقدم مصر, وملوك وأمراء الخليج يرفلون فى أنظمتهم القبلية , وبلاد المغرب البعيدة تزداد بعدا وتنحصر طموحات إبتلاء ليبيا المسمى بالقذافى فى هدفين : توريث أبنة و الحج إلى البيت الأبيض.
و يتحقق الهدف النهائى: إسرائيل دوله حرة ديموقراطية وسط محيط من الدويلات اللاتى لا يفوقونها حتى حجما فى أغلب الأحوال , يعيشون تحت أكثر النظم السياسية تخلفا وفسادا فى العالم.. ويسهل فى النهايه وضعهم جميعا فى عربة تقطرها إسرائيل وتسوقها الى حيث ما تشاء......
ولكن هل تحقق الهدف؟
حتى الأن لا... فالعراقيين مازالوا متمسكين بوحدتهم.. ولكن الى متى؟ فالمؤامرة مستمرة .. والدفع بالأطراف نحو المواجهة بمنتهى الخبث حثيث... آمريكا وبريطانيا يريدون إنجاز المهمة والخروج فى أسرع وقت من المستنقع العراقى... لذا يدفعون بكل قوة لمزيد من العمليات المتبادلة بين الشيعة والسنة.. الأكراد و السنة.. الشيعة والشيعة.. الأكراد والشيعة.. فالوقت يمضى والخطة لا تبدو مقبلة على التنفيذ فورا...
لكنهم لن ييأسوا ...
ولكن يبدوا أن الرياح تأتى بما لا تشتهى آساطيلهم... فالمنتصر الأكبر مما يحدث حتى الأن ليس إسرائيل.. بل إيران!... إيران الأن بعد هذا المد الشيعى المتنامى فى الخليج وإضعاف العراق المذل أصبحت فى عنفوان قوتها .. تتهيأ لتبوء مركز القوة المهيمنة فى الخليج... وهى جاهزة ومستعدة لإحتلال هذا الموقع فى ظل التقهقر الغبى للدول العربية المحورية و فى مقدمتها مصر تحت إحتلال آل مبارك نصف الإنجليز لها. السعودية ذات الوجهين والحكم الوهابى القبلى والأقليه الشيعية المتحفزة. أما سوريا فلا داعى للحديث عنها , فنظامها أسخف من حتى محاولة تحليله!

الأمل الأن منحصر فى إمكانية واحدة: "الشعب"
وفى بلد واحد:" مصر"
إن الحراك السياسى الحادث فى مصر الأن هو الأمل الوحيد فى التغيير
وهو تغيير لن يطول مصر فقط.. بل سينتقل بطبيعة الأشياء الى كل بلاد المنطقة...
إن القضاء على طغمة مبارك الفاسدة وإرساء دعائم نظام جديد يقوم على العدل و الحرية و المساواة هو فى الحقيقة الطريق الى وحدة العراق وتحرر سوريا و خلاص لبنان..
وإذا لم تقتنعوا .... عودوا الى التاريخ
...

Friday, September 23, 2005

خليها ع الله


ذلك الكتاب كان بوابة لعالم جديد
عالم عرفت دوما أنه موجود ، لكنى لم أجد أبدا سبيلا للولوج اليه
عالم أبى وأجدادى
مرتع أحلامه وطموحاته التى لم تحدها أرض ولم تقيدها امكانيات أو ظروف
عالم الصعيد
يرويه كاتب أحسست منذ أول لحظه أنه يشترك معى فى نفس الروح
ذلك لأنى أومن أن للأرواح أشقاء
ولدوا من رحم روح واحده وتفرقوا فى الأجساد والأمصار والأزمان و الأمكنه
ولكن ظل سر دفين يجمعهم يعرفون بعض من خلاله حتى ولم يبوحوا بذلك –
سيماهم على وجوههم ….
أما الكتاب فهو "خليها ع الله" وأما الكاتب فهو "يحي حقى"
وهو كتاب شيق يمتلك صاحبه موهبة حقيقيه تجعلك تغوص فى أعماق ما يروي وتتوحد معه فترى ما يرويه بعينيك أو لعلى أقول أنه يجعلك ترى بعينيه هو فتشعر أن ما مر به من تجارب وحكايات هى خبراتك أنت الشخصيه مررت بها وجربتها ..أحسست بمكنوناتها وأكتويت بعذاباتها..
والكتاب ينقلك الى عالم الصعيد فى العشرنيات من القرن الفائت … ولا أحسب أنه توجد فروق جمة بين هذا الصعيد والصعيد الذى يفصله عن عشرنيات هذا القرن بضع سنوات!
والكتاب حرى أن يقرأ ففيه فوائد جمه ومتعة أكيده..