Monday, July 03, 2006

*عكـرمة

زفـر "عكـرمة" بحنـق وهـو يضرب بكفـه بعوضة أتخمها دمـه فوق صلعته المتربـة
  • "سنصحـوا يومـا ونـجد إبـن اللئـيمة على رأس العربـجية"·          
    أشاح الجـد بوجهه مائلا برأسه إلى الجهـه الأخرى كأنما لا يريد أن يرى "عكـرمة" وهو لن يـراه على أية حال بعد أن كف بصره بالفعـل
    ·         المعتوه الذى كان يتسول منا التعلـق فى مؤخرة الكارو , أرسل اليوم من يطلب من العربجية أن يوقفـوا عرباتهـم إحتراما إذا ما صدف و كان مارا
    رفع "ميرزا" رأسه ببطء وهو يزم ما بين شفـتيه بينما تقلصت عضلات وجهه مـقطبا جبهته بألم
    ·         الحـق أقول لك يا جد أنه إن أتـى "حكشه" بغلامه هذا, فسأهجر الحارة دون ما عودة
    إتكأ "ميرزا" على عـصاه ونهض مـتثاقلا وهو يتمتم
    ·         أحمد الله أننى سأكون فى القبر حين تحـل بكم الكارثة
    ·         وصوله على رأس العربجيه كارثة وأيم الله وأى كارثة

    ·         بل هو رحيلك ما أقصد
    :صاح "عكـرمة" بألم
    ·         أو تقبل علينا المهانة ياجـد؟

    ·         وأليست حياتكم الأن بمهانة

    ·         حكشة" سيـد إبن أسيـاد ولكن أن يأتى بخادم ليخلفـه"

    ·         إستدرجكم للـدعة فإستـجبتـم بحبـور وهو الأن آمـن من مكركم
    ·          
    بل جنبنـا معارك ومواجهات لا طائل من وراءها وتحالف مع سيد الـبيت الكـبير فأمنـا من شرة
    ·          
    بل قـل جعلكم جمبعـا خدمـا للسيد الكبير فلم تستكبرون أن يسوقـكم خـادم, بـل أظنه هو الجزاء العادل
    ·          
    وماذا فعلت معاركك مع الحارات الأخرى ومنـاؤتك لصاحب البيت ياجـد, فقدنـا أبى ومعه بصرك وفقدت عائـلتنا رئاسـة العربكخانة
    ·          
    أردتكـم أسيـادا أولاد أسيـاد ولكنكم لم تستطيعوا معى صبرا
    قطـب "عكرمة" وتمتم بصوت ربما لم يسمعه "ميرزا"
    ·         بل أسيـاد للأبد ياجـد
    ترامـت من أطراف الحارة أصوات تهليـل تنادى بحيـاة "حكشه" وغلامه
    بينما بــدا "عكرمة" مستغرقا فى تفكير عميق,,,,
    ____________________________________
    مسـتوحـاة من عوالم وشخوص وأسماء وأماكن أستاذنا العظيم نجيب محفوظ *

Thursday, April 27, 2006

!من يعتـذر لمــن

رغم غرابة وعبث ما نشهده يوميا من أحداث بعيدة عن أى منطق , أجدنى مازلت أندهش لأمور لا يمكن أن تنسجم مع أى منطق للأشياء.
بدلا من أن يقوم مبارك بالشىء المنطقى الوحيد والممكن الأن وهو إقالة سكرتيره الخاص للشئون الداخلية "حبيب العادلى" وإحلالة بمستكبر فاسد أخر غالبا ما سيخدمة بنفس الطريقة وربما أفضل ولكن ليكون ذرا للرماد فى العيون , نجدة متمسكا بوجودة نكاية فى هؤلاء الوطنيين من كافة الإتجاهات الذين يطالبون بإقالتة , بعد أن تخطت الأمور الشأن الخاص وباتت تهديدا لأمن مصر ووحدتها الوطنية الحقة.
إننى أعجب لهؤلاء الذين يتشدقون بمقولة عنصرى الأمة لوصف أقباط ومسلمى مصر متناسين حقيقة تاريخية وأنثروبولوجية واضحة وهى أن أقباط ومسلمى مصر هم فى الحقيقة عنصر واحد متماثل الفرق الوحيد داخلة أن بعضه يعتنق المسيحية ويعتنق أغلبه الإسلام.
أما من يمكن أن نطلق عليهم وصف عناصر الأمة, والتى يجب أن نعمل بكل قوة للمحافظة على أواصر الوحدة الوطنية معها, فهم المصريون الذين ينحدرون من أصول عرقية متميزة كالقبائل العربية فى سيناء و الصحراء الغربية, وأهالى النوبة فى الجنوب.
إن الإنتماء القومى والوطنى المصرى الشديد لهذة العناصر ليس إلا تأصيلا حقيقيا لواقع تاريخى وإنسانى يمتد لألاف السنين. وهو إنتماء يجعل أى تشكيك فى وطنية وإنتماء هذة العناصر ذو مردود غاية فى الحساسية والعنف.
إننى أجد أن مجرد التدليل على وطنية أهل سيناء والتذكير ببطولاتهم وتضحياتهم إبان الإحتلال الإسرائيلى, هو أمر سخيف فى حد ذاتة , فسيناء البوابة الشرقية لمصر منذ عصور الأسر الفرعونية الأولى لا تحتاج لأى تدليل على إنتمائها ووطنيتها.
إن ما فعلة نظام حسنى مبارك وحبيبه العادلى من محاولة شق صف أبناء الوطن , ومعاملة أهالى سيناء بهذه الطريقة المهينة والمقيتة هى جريمة ترقى إلى درجة خيانة الوطن.
جريمة لن يغفرها لهم التاريخ أبدا.

إننى أعجب من نفسى لأننى أتعجب مما يفعله النظام اليوم من بطش وتنكيل بقضاة مصر الشرفاء و كل الوطنيين الذين يتخندقون معهم فى مواقع الدفاع الأخيرة عن الوطن وكرامته.
إن إلقاء القبض العشوائى المستمر وإعتقال المواطنيين المتصاعد, ومحاولة خنق الحريات وتكميم كل الأفواة لن يوقف هذا الزحف الذى بدأ ولا أظنه سيتوقف.

لقد أرسل رجل مصر المريض والمغتصب للسلطة والشرعية سكرتيرة الخاص لشئون العدل "أبو الليل" إلى القضاة المعتصمين ليفاوضهم. وظن الرجال المتجمعين أنهم سيسمعون كلاما به ولو القليل من المصداقية, وإذا بالصغير القادم إليهم يلوح بتهديدات جوفاء ويطالبهم بما أمره به سيده "أن يعتذر القضاة"!!!! أن يعتذروا على ما إعتبره مبارك مسا بذاته السامية , وكل ماطالبوا به هو التحقيق مع المزورين.

إن من يجب أن يعتذر للشعب المصرى عن كل خطاياه التى إرتكبها فى حقه والتى لم ولن تغتفر هو حسنى مبارك
هذا الرجل لن يعتذر أبدا
ولكن فليطمئن
لأننا لا ننتظر إعتذارا
إننا ننتظر ما هو أكثر بكثير من الإعتذار

Saturday, April 22, 2006

مذبحــة القضــاء المنتظــره


لم أكن انوى الكتابة فى موضوع أحداث القضاء لأكثر من سبب, أولهم أننى أعلم أن كثيرون أقدر منى على الكتابة فى هذا الموضوع. لقد قرأت بالفعل العديد من المدونات التى تحدثت بشكل رائع عن هذا الموضوع مثل بهية.
ثانى الأسباب أن تناول الحكومة أو بمعنى أصح مبارك وولده لهذا الموضوع – حيث لم تعد هناك حكومة أو سلطة تنفيذية بل مجرد إدارة سكرتارية- هو تناول لا يتميز بالحقارة والغباء فحسب , بل تخطى ذلك إلى الإستفزاز الموجع الذى يحول الكتابة أحيانا إلى وسيلة للتعذيب النفسى.
وأخيرا فإننى أومن أن وظيفة القضاء تتميز بقدسية خاصة تجعلنى أتهيب الكتابة عنها , فأنت تختار أن تمتهن مهنة تحكم فيها بين الناس بالعدل, أحكاما قد تصل الى حد الإقتصاص بالنفس. إننا جميعا نتمنى على مدار حياتنا أن نمتهن مهن معينة , إلا أننى دائما ما شكرت الله أننى لم أمتهن مهنة القضاء, فهى مسئولية وأى مسئولية , أمام الله والعباد وأمام الضمير الشخصى. إن إشفاقى من تحمل مثل هذة المسئولية يجعلنى أثمن عاليا ضمائر من أرتضوا أن يتحملوا ثقل هذا التكليف المقدس, بنزاهة وإباء وعدل. ولست بالطبع غريرا لا أدرى أن بعض من حملوا هذة الأمانة إستهانوا بها على خطورتها , باعوا ضمائرهم بأثمان مهما كبرت بخست, إذا ما عرفوا أن العدل الذى إرتضوا بيعة هو أثمن من أن يقدر بمال أو متاع. إلا أننى هنا أتحدث عن الأغلبية الساحقة من شرفاء هذة المهنة.

لقد تلقيت دعوة كريمة للكتابة عن هذا الموضوع من شرفاء آلوا على أنفسهم أن يدعوا حياة الراحة والدعة جانبا من أجل الدفاع عن مبادىء الحق والعدل والحرية. وإنه شرف لى أن أشارك ولو بكلمة فى الدفاع عن رجال فى مثل صلابة و شجاعة المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي.

إنه من المؤسف والمبكى فى أن يقوم قزم مثل أبو الليل –ولكل نصيب من إسمه!- كممثل لسلطة تنفيذية هزيلة تعمل سكرتارية خاصة لأخرق مثل جمال مبارك بإحالة هامتين عظيمتين كمكى والبسطويسى للتحقيق وبحث صلاحيتهما! ودعونى هنا أضع عشرات علامات التعجب.
من يبحث صلاحية من؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الأخرق يبحث صلاحية العاقل
أشباة الرجال يبحثون صلاحية الرجال الكاملون
منعدم الضمير واللص يبحث صلاحية المخلصين و الأمناء
أم أن المزورين قرروا أن يبحثوا فى صلاحية هؤلاء الذين إختاروا العدل نبراسا والحق طريقا.
أيها السادة
إن حتى محاولة تشبية ما تعد له العصبة المغتصبة للسلطة بأنة مذبحة للقضاة لا يستقيم مع الواقع, فهذة العصبة لا تروم مذبحة للقضاة إنما مذبحة للقضاء نفسة, تريد أن تجتث روحه الوثابة وتخنق جذوة الضمير المشتعلة داخله.
والهدف تحويلة هو أيضا إلى مجرد سكرتارية خرقاء أخرى.
ولكن هيهات أن ينجحوا , لأنهم إن فعلوا, أطفؤا شعلة الأمل الأخيرة.
فهل نتركهم يفعلونها....
موعدنا جميعا الخامس والعشرين من مايو

Tuesday, March 21, 2006

عودة إلى التدوين

مضى وقت طويل لم أدون فيه أى شىء
ومضى وقت طويل لم أطالع فيه وكما تعودت العديد من المدونات التى أتابع بعضها بشغف وأتابع أغلبها بإعجاب وأمل متجدد فى قدرة هذا الشعب على أن يظل مبدعا متجددا محتفظا بحيويته مهما كانت الظروف. حيوية أحاول دائما أن أتلمس ولو بعض من ملامحها داخل واقعنا الأليم دون جدوى, فغالبا ما أفشل وسط هذا الكم الصاخب من حكاوى الفساد والحقارة والإستبداد والإدعاء.
مازال المخرف الكبير مغتصبا لقمة السلطة ومازال المدعى الأبلة الصغير يعبث بالبلاد ويعيث بها فسادا. مازال الساقطون المنافقين يحملون مزامبرهم الصدئة ليؤذوا أذاننا ومن قبلها أفئدتنا بهذة المدائح الرديئة للأب و الأبن ومن قبلهما الأم. ومازال نفر ممن علمتهم مصر وأرسلتهم الى بعض أقضل الجامعات الأجنبية يبيعون أنفسهم ببساطة شديدة ويرتضون لعب أدوار لم يخلقوا لها ولم تكن لتصلهم إلا فى هذا الزمن الردىء . ينتحلون مناصب مثل رئيس الوزراء , وزير المالية ملتحمين مع أفاقين ولصوص عتاة ينتحلون أدوار رجال صناعة وأعمال فى ملحمة هابطة لبيع كل ما هو قابل للبيع أو حتى غير قابل للبيع فى هذة البلاد بأبخس ثمن ممكن. وياليتنا كنا نتحدث عن أصول وممتلكات مادية فقط.
إنهم يرغبون فى بيع روح هذة البلاد والتى لا تقدر بأى ثمن دون أى مقابل.
لكننى أظنهم لن ينجحوا
إن هذا الشعب تعود أن يولد من جديد أبدا
وحينما يظنه الناظرون ميتا أو فى سبات لن ينتهى ,
ينهض
دونما إستئذان
ويخلق خلقا جديدا
أعذرونى إذا كانت مدونتى هذة المرة عاطفية وربما بعيدة عن الموضوعيةلذا أرجوا أن تسامحونى وتعتبروها مجرد إستئذانا فى العودة إلى التدوين

Thursday, February 23, 2006

مــرة أخـرى- لماذا غزت أمريكا العراق

مــرة أخـرى أجدنى مضطرا لإعادة نشر "لماذا غزت أمريكا العراق" لعدة أسباب أهمها ما يحدث الأن فى العراق. إن ما أشرت اليه من رغبة أمريكا أو بالأحرى عصابة " المحافظين الجدد" فيها الذين يمثلون المصالح الصهيونية فى تقسيم العراق تنفذ الأن. فمع إزدياد المأزق الأمريكى وتعقدة الحالى, يبدو أن خطة تفجير العداءات بين كل الطوائف تمهيدا للتقسيم بدأ إنطلاقها بالفعل. إن عملية تفجير مرقد الإمامين على الهادى ومحمد العسكرى فى سامراء هى عملية لا يوجد أدنى شك فى ضلوع أمريكا فى تفيذها تحقيقا لهذا الهدف.
السبب الثانى هو إنهماكنا الغريب فى الدفاع عن نظام هزيل فى سورية يحتقر شعبة فى الداخل ويسومه رهقة الذل بينما يرسل فرق الموت إلى لبنان متوهما قوة وبأس لا يمتلك أبهما.
إن محاولة إقناعنا أن عمليات إغتيال أومحاولة إغتيال رفيق الحريرى , جورج حاوى, سمير قصير, مى شدياق, جبران توينى, مروان حمادة وغيرهم تمت بواسطة أمريكا أو إسرائيل للإيقاع بالنظام السورى هى إلى حد بعيد إهانة لذكائنا. إنها تذكرنى بهذة النكتة السمجة عن الرجل الذى إستأجر قاتلا محترفا للتخلص من غريمه , وبينما كان يشير للقاتل الى غريمة المتواجد بين عدد من الأشخاص لم يستطع القاتل تميزه , فأخرج الرجل مسدسا وقتل كل الواقفين عدا الغريم ثم أشار إليه قائلا"هذا هو المقصود.
إن النظام السورى الذى يفتقد لأى شرعية أو تأييد شعبى هو أتفه من أن تحاك علية كل هذه المؤمرات المزعومة, ببساطة لأنه هو الذى يتأمر على نفسه وعلى شعبه. إن حليفا قريبا من النظام السورى هو من يبث الذعر فعلا فى قلوب إسرائيل لمصداقيتة الداخلية وتواضعه وإعتمادة الحقيقى على جماهيرة وليس على أجهزة أمن إرهابية, أقصد بالقطع حزب الله والشيخ حسن نصر الله – أقر بذلك رغم موقفى الشخصى المناهض تماما للحكم الدينى
إن المؤامرة الكبرى تحاك الأن فى العراق وبعدها سيتم التفرغ لبقى الأنظمة , وأخشى أن بقاء أنظمة مثل آل الأسد, آل مبارك, آل القذافى, آل سعود وكل الآلات الأخرى ستجعل مهمتهم غاية فى السهولة
ولهذا غزت أمريكا العراق-
وصلة إلى المقالة

Monday, February 20, 2006

عــام على مقتـل الحريــرى



من أعوام عديدة روت لى والدة أحد أصدقائى السورية كيف تزوجت من رجل أعمال سعودى يكبرها بأكثر من عشرين عاما. فبعد طول تمنع منها إستطاع ببساطة شديدة أن يقنعها بإستخدام حيلة بسيطة للغاية, "حسنا, سأصطحبك الى القاهرة, ومن يدرى فربما تستطعين رؤية جمال عبد الناصر وجها لوجه". ونجحت الحيلة نجاحا ساحقا , حيث وافقت على الزواج فورا لمجرد إحتمال رؤية عبد الناصر.
ومن حسن الحظ أنة كان زواجا سعيدا موفقا نتج عنة أبناء وبنات ناجحون والا إنقلب الموضوع الى مأساة خاصة أنها لم تنجح فى رؤية عبد الناصر خلال زياراتها العديدة للقاهرة!
أما صديقى لاعب كرة اليد والذى زار سورية فى أوائل السبعينيات لأداء بعض المباريات الودية فمازال يذكر كيف حملة الجمهور السورى بحماسة شديدة على الأعناق وهم يهتفون وسط ذهوله التام "مصرى" "مصرى"
والشعب السورى شعب مثقف واع محب للعروبة وعاشق لمصر بشكل خاص. كما أن لدية حس تاريخى عال , ووعى لدور مصر عبر التاريخ وإرتباط هذا الدور بسورية أكثر من أى مكان أخر فى العالم العربى.
هذا الشعب للأسف الشديد يرزح ومنذ أكثر من ثلاثين عاما تحت وطأة أكثر أحد الأنظمة الشمولية تخلفا وتعنتا فى العالم.
إن طاقات هذا الشعب العظيم و إبداعاتة وإسهاماتة التاريخية مرتهنة فى يد حفنة شديدة التخلف, أخذت الشعب السورى رهينة . عطلت النمو الإقتصادى والإجتماعى للبلاد وخنقت منافذ التقدم والحرية.

سوريــة
منذ قاد حافظ الأسد إنقلابة المشئوم فى 71 أدخل بلادة وشعبة الى نفق مظلم لا تبدو له نهاية. .
فسورية الدولة ذات الأغلبة السنية الواضحة ,ودمشق عاصمة الأمويين العتيدة , تحكم بواسطة مجموعة من الأقلية الشيعية العلوية فى البلاد.
والشيعة فى سورية أقلية تحوى فى داخلها أقلية أخرى تعتنق مذهب متطرف فى تشيعه ل"على إبن أبى طالب" هم العلويين.
وعند تسلمة سدة الرئاسة ظهر حافظ الأسد على شاشات التلفزة السورية معلنا تبرأة من المذهب العلوى وإعتناقة المذهب السنى, وأتبع ذلك بالطبع بتسليم جميع المناصب الحساسة فى الدولة والجيش والمخابرات الى رجال الأقلية العلوية.
وربما يفسر ذلك وصف أجهزة إعلام الرئيس السادات لحزب البعث السورى إبان إشتداد الحملات بين مصر وسورية بعد زيارة القدس الشهيرة بحزب البعث العلوى للتفرقة بينة وبين بعث العراق.
ومنذ أن دخل الجيش السورى لبنان العام 76 بدعوة من الرئيس سليمان فرنجية أثناء الحرب الأهلية ورغم ان إتفاقية الطائف تقتضى إعادة إنتشارة,, الا أن ذلك لم يحدث على الإطلاق وبمرور الوقت وإستمرار هذا النواجد دون مبررات حقيقية. أدى ذلك الى وضع شديد التعقيد.
فالوضع الداخلى اللبنانى ربما لا يوجد لة مثيل فى تميزة وتنوع طوائفة ومذاهبة ودياناتة. الأمر الذى سهل على ديكتاتور سورية السابق حافظ الأسد فى أوقات كثيرة التلاعب بالداخل اللبتانى وإستغلال هذا التباين منتهزا فرصة وجودة فى مركز القيادة لسورية الشقيقة الكبرى أبا وأم للشقيق الصغير لبنان.
وربما لا يعرف الكثيرون أن نظام حافظ الأسد قام وعبر نظامة الأمنى والإستخباراتى داخل لبنان بإغتيال العديد من من زعماء وملوك الطوائف هناك من مختلف ألوان الطيف السياسى والمذهبى والدينى. إلا أنه أيضا إستطاع وبإسلوبه الداهى فى الإدارة ومناوراتة الشبيهة الى حد بعيد بأساليب عرابوا المافيا فى الإبقاء على شعرة معاوية مع الجميع . لم تفقد سورية أبدا نفوذها وهيبتها داخل لبنان إبان حكم الأسد الأب.
ورحل الأب, ليجل مكانه الإبن "بشار" , وكأنما بلادنا العربية بشعوبها وتاريخها وإمكانياتها ليست سوى متاع ومنقولات ثمينة يمنحها بعض مغتصبوا السلطة لأبنائهم كنوع من التقدير لمتعة جسدية مارسوها منذ ثلاثين أو أربعين عاما....
وهكذا وجد هذا الطبيب نفسة وهو فى أوائل الثلاثينيات من العمر على رأس دولة شمولية فى عصر تخطى هذة الأساليب, يخاطب بسيدى الرئيس ومحاط بمجموعة من المنافقين يسبحون بحكمتة ورؤيته الثاقبة وبعد نظره وذكائة الحاد.
وبسرعة أقنعة سدة الفساد فى سراديب الحكم بإنهاء ما سمى وقتها "ربيع دمشق" ساخرين فى سريرتهم من هذا الأبلة القادم بعد سنوات من الدراسة والإقامة فى بريطانيا متوهما بإمكانية للجمع بين أى قدر من الحريات وبين حكم البعث الدموى الحديدى.
وبسرعة أشد إنقلب طبيب العيون النابه الى ألعوبة مخزية فى أيدى سياسى الدرجة الثانية والثالثة فى سورية دافعين به لتحقيق مصالح شخصية ومادية ضيقة. متصرفا على أساس أنة سياسى لا يشق لة غبار ورث الحنكة السياسية والقدرة على المناورة من أبية.
وإنبرى المحللون السياسيون وهم كثر فى سورية فى إستخدام قواميسهم الغير قابلة للنفاذ بكلمات وتعبيرات فخمة مركبة لا ينقصها التصنع مبررين مواقف سياسية هزبلة ليست لها أى قيمة حقيقية. وإستمر النهج السورى الخطابى متعللا بخزعبلات من قبيل الرقم الصعب فى المعادلة, ولا حرب دون مصر ولا سلام دون سوريا وسنرد فى المكان والزمان الذى نختارة لا الذى يختارة العدو لتبرير مواقف متخاذلة تماما خارجيا ومتنمرة تماما داخليا.
والحق أن النظام إستطاع إستقطاب العديد من الكفاءات الوطنية للمشاركة فى بعض أجهزة الحكم والوزارات غير الهامة مستغلا حب السوريين الشديد لبلدهم وغيرتهم عليه, لكن بقيت المناصب الحساسة كلها فى الحكومة والجيش فى يد الطغمة الحاكمة.
ورغم إنتحار محمود الزعبى رئيس الوزراء برصاصتين فى الرأس !!وحتى إنتحار غازى كنعان وزير الداخلية منذ أشهر قليلة _لا أدرى عدد الرصاصات التى إستخدمها فى عملية الإنتحار_ مرورا بإنقلاب خدام على باقى أفراد العصابة, إلا أن إخواننا المحللين ماإنفكوا يبشرونا بثبات النظام وحكمتة الثاقبة.

لبنــان
على أية حال لم يجد بشار الأسد منذ تلقف هدية رئاسة الدولة خير من لبنان لإختبار قدراتة السياسية والتدرب على أسلوب والدة العصابى فى الحكم. تزامن ذلك مع وجود رئيس وزراء قوى فى لبنان , يستند الى عدم وجود خلفية سياسية عائلية له عكس الأغلبية الساحقة من سياسى لبنان. ورغم أصولة المتواضعة الا أنة صعد فى عالم المال والأعمال بسرعة صاروخية أثناء تواجدة فى العربية السعودية وإقترابة من الملك فهد بن عبد العزيز. حصل رفيق الحريرى على الجنسية السعودية وإستغل ذلك إضافة الى ملياراتة فى الوقوف وراء إتفاقية الطائف الشهيرة التى رعتها السعودية وأدت إلى إنهاء الحرب الأهلية فى لبنان. وبعد فترة إنتقل من لعب الأدوار خلف الستار الى الظهور العلنى حيث عاد الى لبنان ممهدا الطريق نحو تقدمة الى منصب رئاسة الوزراء. وبدأ رفيق الحريرى بإدارة عجلة عملية إعادة إعمار لبنان مستغلا علاقاتة الدولية ونفوذة المالى والدعم السعودى الضخم له ولمشاريعة, وتلاقت مصالح النظام السورى برئاسة حافظ الأسد فى هذا الوقت مع هذا التوجه , إضافة الى نقطة هامة للغاية , وهى أنه رغم أن سياسات الأسد الأب أدت مع تغير الأوضاع الدولية والإقليمية الى تراجع حاد فى أهمية الدور السورى, إلا أن حافظ الأسد رغم ذلك لم يفقد وضعة كرجل قوى ولو بحكم التاريخ , لذلك لم يرى فى الحريرى تهديدا حقيقبا لنفوذة.
على أنه لا شك أن هذا الصعود القوى لرفيق الحريرى أوغر صدر رجلا أخر رأى فى هذا الصعود تهديدا حقيقيا لمنصبه ونفوذة وهو بالطبع العماد إميل لحود رئيس الجمهورية اللبنانية. فلأول مرة فى تاريخ لبنان الحديث يوجد رئيس للوزراء يتمتع بهذا القدر من الإستقلالية عن قصر بعبدا بل ويمتلك نفوذا شعبيا وسياسيا أبعد بكثير مما يمتلكة رئيس الجمهورية. رئيسا للوزراء أقوى من رئيس الجمهورية المعين أصلا بمباركة ودعم سورى.
ومع تولى بشار الحكم بدا واضحا أن الكيمياء لم تقم بدور إيجابى فى العلاقة بين الرجلين. وأدت رغبة الحريرى فى الأخذ بلبنان الى طريق مستقل عن نفوذ سورية ولو قليلا كبادرة إستهانة بقدرات بشار السياسية. وبدا واضحا أيضا أن النزاع على النفوذ داخل لبنان بين رئيسى الجمهورية والحكومة محكوم علية فى هذة الفترة بإنتصار لحود وبدعم سورى. وهكذا ترك رفيق الحربرى منصب رئيس الوزراء للمرة الأولى , إلا أنه لم يلبث أن عاد إليه أقوى مما سبق عبر إنتخابات نيابية حقق فيها نجاحا واضحا.
ومع العودة الى كرسى الحكم طفت الصراعات بين لحود والحريرى الى العلن وإنحازت سورية بالطبع الى لحود. إلا أن نفوذ الحريرى الشعبى الداخلى والإقليمى عبر الدعم السعودى لة والدولى عبر علاقاتة الشخصية الوثيقة مع العديد من زعماء العالم ومن بينهم شيراك رئيس الدولة الأخرى ذات النفوذ المعنوى داخل لبنان, مكنة فى النهاية من التصدى لهذة التحديات وإجتيازها.
ولكن ذلك بالطبع أدى إلى تعقيد الأمور مع سورية ,التى تمتلك بالفعل قوات كبيرة داخل لبنان بدأ كثير من اللبنانين يرونها كقوات إحتلال أجنبية, وعلت المطالبات و التظاهرات المطالبة بإنسحاب هذة القوات خارج لبنان خاصة مع خروج القوات الإسرائلية من الجنوب وبدا الحريرى لسورية كمتعاطف مع هذة التحركات ولو بسكل سلبى.
ودعونى هنا أوضح نقطة هامة هى أن التحالفات بين الطوائف داخل لبنان وبين هذة الطوائف وبين سورية هى تحالفات بالغة التعقيد وأيضا سريعة التحول, فأعداء الأمس هم حلفاء اليوم وحلفاء اليوم هم أعداء الغد وهكذا دواليك. بل أن هذا الوضع يمارس أيضا حتى داخل الطائفة الواحدة التى من الممكن أن تنقسم إلى أكثر من تيار متصارع فى بعض الأحيان ثم نجدها تيارا متماسكا أحبانا أخرى. ولقد إعتمد النظام السورى على هذة التناقضات إبان الحرب الأهلية اللبنانية وأيضا على الإغتبال السياسى كوسيلة لدعم نفوذة, على أن الأمانة تقتضينا أن نذكر أن هذة الوسيلة كانت هى المعتمدة من كافة الأطراف الأخرى فى الداخل اللبنانى وبالطبع من إسرائيل التى لعبت دائما دورا نشطا فى إشعال التناحرات بين الجميع. وبالتأكيد لاتزال عملية إغتيال إيلى حبيقة الأخيرة خوفا من إتهام آريل شارون كمجرم حرب نتيجة مذابح صيرا وشاتيللا ماثلة فى الأذهان
على أنه وفى كل الأحوال فإن تصرفات هذا النظام البعثى داخل لبنان ليس إلا إمتدادا لتصرفات أبشع وأكثر إجحافا داخل سورية وضد الشعب السورى نفسة. ولا يجب على الإطلاق أن نغفل حقيقة تميز العلاقات وحتمتها بين الشعبين السورى واللبنانى وأن هذا الحكم الفردى الديكتاتورى هو وبال على الدولتين والشعبين. وليس حقيقيا على الأطلاق ما يدعية هذا النظام من أن الهجوم علية وكشف ممارساتة هو هجوم على سورية فى هذة الأوقات الحرجة. بل هو دفاع عن سورية الحقيقية وشعبها النبيل.

الشرارة
وبدأت الظروف الإقليمية والدولية فى التغير سريعا , غزت أمريكا العراق وبدا لفترة أن سورية يمكن أن تكون هدفا تاليا , إنهمك النظام السورى أكثر فى دعم تشكيلاتة الأمنية الداخلية فى كل من سورية ولبنان. وضع على رأس النظام الأمنى فى لبنان ضابط سورى شره ودموى وإن تميز بمحدودية الموهبة هو رستم غزالة. وبوجود غزالة فى هذا المنصب أصبح تلقائيا المسيطر الأكبر على جميع الأجهزه الأمنية داخل لبنان وداخل الجيش وداخل الحرس الجمهورى.
وبتدهور الأوضاع الأمنية داخل العراق, تراجع الى حد بعيد التهديد بإحتمال غزو أمريكا لسورية وبالطبع إنتفى الإحتمال الأضعف بغزو إيران. ولا أدرى على وجة التحديد هنا ما إذا كان بشار الأسد قد توصل عبر تحليلة الشخصى للأمور أم أنها فكرة سربت اليه من معاونية العباقرة, ,إلا أنه وفى كل الأحوال توصل الى أن وضع سورية قد أصبح قويا للغاية وممهدا لتصفية حساباته. وعليه قرر تقوية نفوذة داخل لبنان وإضعاف سلطة الحريرى عبر فكرة أجدها فى الحقيقة تفتقر الى الحد الأدنى من الحكمة أو الذكاء أو حتى إحتمالية النجاح. لقد قرر التمديد للرئيس اللبنانى إميل لحود لفترة أخرى. إن بشار الأسد لم يثبت فقط بهذة الخطوة قصر نظرة السياسى وعدم أهليتة حقيقة لتولى منصبه, لكنة أيضا أظهر جهلة التام بخصائص وطباع الشعوب التى يعيش وسطها ويحكم إحداها. إن فخر اللبنانى بمقدار الحرية النسبية التى يتمتع بها بلدة و إعتزازة بنظامة ودستورة حتى لو كان طائفيا هو أمر لم يدر _ولا أدرى لماذا_ بخلد الأسد الصغير سنا وفعلا على الإطلاق. وكانت هذة هى الشرارة التى إندلعت بعدها الحرائق فى كل مكان.
الجريــمة
بإستثناء بعض الجهات التى ترتبط مع نظام البعث السورى بروابط ومصالح وثيقة, قوبل هذا التمديد بغضب ورفض شعبى ورسمى كبيرين. وبدا واضحا أن بشار يريد العودة بالعلاقات مع لبنان خطوات الى الخلف, تبعية كاملة بل وإذلال للقادة وللدستور اللبنانى. بالطبع وجد بشار هذا الرفض والدفاع عن الدستور غريبا بعض الشىء , خاصة وأن الدستور السورى تم تعديله فى أقل من خمس دقائق كى يصبح من حقة تولى رئاسة الجمهورية. وتوالت ردود الفعل الرافضة بل والغاضبة من جهات دولية عديدة. وبالقطع نحن لا ندعى هنا على الإطلاق أن كل هذة الجهات بريئة السريرة ومنزهة عن الهوى, الوضع ليس هكذا على الإطلاق. إلا أنه من المؤلم أن يقوم أفراد بيننا بعزة لا يوجد محل لها بإتخاذ قرارات كارثية تتميز بقدر عظيم من الغباء السياسى دافعين مثل هذة القوى الى الإستفادة منها بأقصى حد.
وبعناد وعنجهية لا يستخدمها حكامنا الأفاضل الا مع الداخل, صمم البعثى الصغير على موقفة بعد أن إكتفى بالتمديد للحود ثلاثة سنوات بدلا من ست.
وإستدعى سيادة الرئيس بشار الأسد كما يحلو له أن ينادى زعماء لبنان للتشاور فى دمشق حول هذا التمديد واضعا شرطا بسيطا لمقابلتة , أن تكون الإجابة النموذجية المقررة على زعماء لبنان التلاميذ فى حضرتة هى"نعم, أوافق على التمديد للرئيس لحود".
رفض وليد جنبلاط تماما هذة الإجابة وبالتالى ألغيت مقابلتة مع بشار وأصبح من هذة اللحظة عدو سورية أو بالأحرى النظام السورى الأول. رفيق الحريرى تصرف بشكل مختلف, لقد تصور الرجل أن وضعة السياسى ونفوذة الإقليمى والدولى وتاريخة يعطونة الحق فى مقابلة بشار الأسد والتشاور معة رجل لرجل. ربما لم تستطع كل خبراتة الحياتية وتجاربة أن تلقنة درسا بسيطا , هو أن الصغير القيمة يظل صغيرا مهما تولى من مناصب.,
وكانت المقابلة الكارثة فى 26 أغسطس 2004 بين الحريرى وبشار. روى كثيرون تفاصيل ما جرى فى هذا اللقاء وروى الحريرى لكثيرين ما حدث وإن إحتفظ ببعض الأشياء لم يروها إلا لأقرب المقربين منة وروها هم فيما بعد.
ملخص اللقاء أن بشار صب أولا جام غضبة على وليد جنبلاط لرفضة التمديد للحود مهددا إياه بتحطيم الجبل فوق رأسة خاصة أنه أيضا ومثل جنبلاط لديه دروز فى سورية. إنتقل بعد ذلك على الموضوع مباشرة معلما مضيفة أنه قرر التمديد للحود, أصيب الحريرى بالذهول التام من مجرى الحديث واللهجة التلقينية التى يخاطب بها,وكإنما أتى فقط ليتلقى الأوامر ويستمع الى قرارات تخص بلدة من رئيس دولة أخرى. إنتقل بشار الى الهجوم على الرئيس الفرنسى شيراك مفهما الحريرى "أن لحود هو أنا وأنا إميل لحود" ثم أبلغة أنة مستعد لتكسير لبنان على رأسه بل وملاحقتة هو أفراد عائلتة أينما وجدوا إذا ما قاوم قرار التمديد"
مقابلة تجمع كل المصادر على أنها دامت من عشر الى خمسة عشر دقيقة ووصفتها المصادر السورية فيما بعد وأمام لجان التحقيق بأنها كانت مقابلة ودية!!!!
عاد الحريرى الى بيروت محبطا تماما فأعلن موافقتة على التمديد متبعا ذلك بالإستقالة من رئاسة الحكومة فى إشارة رمزية الى رفضة القراروسبقه فى الإستقالة بعض الوزراء ومنهم مروان حمادة. أثناء ذلك كان مجلس الأمن قد أصدر فى 2 سبتمبر القرار 1559 الشهير الداعى الى إنسحاب سورية من لبنان.
وإعتبر النظام السورى ما حدث مؤامرة وقرر تصفية جميع من تصور أنهم مشاركين أو متعاطفين معها.
وبدأت التصفيات بمحاولة إغتيال مروان حمادة.
وأرسل السعوديون رسالة الى سورية مفادها أن رفيق الحريرى هو خط أحمر ,,, ربما يفسر ذلك غضب السعودية الشديد وتدهور علاقاتها مع سورية بعد إغتبال الحريرى. ونحن هنا نتحدث عن دولة تمتلك جهاز مخبارات قوى وذو إتصالات متشعبة ولا يعتمد على مجرد الأقوال المرسلة.
إننى أجد صعوبة بالغة وحقيقية فى تفهم أمرين: الأول القول بأن تقرير لجنة التحقيق الدولية برئاسة ميليس هو تقرير مسيس. هذا القول فى رأى فى منتهى الغرابة, إن رفيق الحريرى لم يقتل فى الشارع أثناء محاولة أحد اللصوص السطو على حافظة نقودة, لقد قتل فى جريمة سياسية. خطط لها سياسيين. من أجل أسباب سياسية وأدى مقتله الى نتائج وتداعيات سياسية لم تنتهى وستستمر لسنين طويلة قادمة. وأجد من المنطقى والطبيعى أن تحتل السياسة قدر عظيم من أى تقرير محايد أو حتى غير محايد يعنى بتحقيق مقتله.
الأمر الأخر الذى لا أستطيع تفهمه هو القول أنه لا توجد دلائل على تورط سورية فى جريمة الإغتيال!! إننى بصعوبة أستطيع تفادى الإصطدام بهذا القدر من الدلائل على قيام النظام السورى بهذة العملية.
المؤسف أن العملية تم تنفيذها بقدر كبير التعقيد الساذج فى حقيقة الأمر.وإليكم بعض النقاط السريعة:
إن تدبير إنفجار بهذا القدر الهائل من القوة التى تم قياسها بأجهزة قياس الزلازل داخل لبنان لا يمكن أن يتم دون تدخل الجهاز الأمنى السورى اللبنانى المسيطر تماما على الداخل اللبنانى.
· عملية رصد موكب الحريرى بواسطة 10 أجهزة هاتف محمول تم إستخدام بطاقات مدفوعة سلفا لها وثبت لاحقا أنة تم شراءها بواسطة شخص مرتبط بالإستخبارات السورية. وهذه الهواتف العشرة لم تقم منذ شراءها وخلال شهرين سوى بإجراء أحاديث مع بعضها البعض.
هناك الكثير من الإثباتات بأن الفان الميتسوبيشى التى تم إستخدامها فى عملية التفجير قد دخلت لبنان من سورية. وتقول مصادر أن هناك بالفعل لدى أجهزة الإستخبارات صور بالقمر الصناعى لدخول هذة السيارة من الحدود السورية.
التمثلية المضحكة لشريط أحمد أبو عدس الذى يدعى فيه مسئوليتة عن التفجير. وربما يكون هذا الجزء هو أغبى ما قامت به الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية المتورطة فى عملية الإغتيال. لقد أتوا برجل محدود الذكاء والإمكانيات ومعروف تماما صلته بالمخابرات السورية وجعلوه يصور فيديو يدعى مسئوليته عن التفجير نبابة عن منظمة مجهولة أسموها "النصرة والجهاد فى بلاد الشام". منظمة لم يثبت أبدا وجودها قبل الحادث ولم يثبت أبدا وجودها سنة بعد الحادث.
لم يتم أبدا العثور على ال "دى إن أيه" الخاص بأحمد أبو عدس فى موقع الجريمة, وترجح أغلب المصادر أنه تم تصفيته داخل سورية بعد عملية الإغتيال. الغريب فى الأمر أن هذا الشريط الذى تم إرساله الى قناة الجزيرة يوم الإغتيال بقى فى القتاة دون أن تطلب إدارة الأمن الداخلى برئاسة جميل السيد _محتجز حاليا للإشتباه فى تورطة_ الحصول علية, حتى أن القناة إضطرت للإتصال بالسلطات حتى يرسلوا فى أخذ الشريط!!!
قيام العميد مصطفى حمدان قائد الحرس الجمهورى اللبنانى _محتجز حاليا_ بالأمر برفع سيارات موكب الحريرى من موقع الحادث بل وطلب فى اليوم التالى للحادث بردم الحفرة الناتجة عن الإنفجار الهائل وهى أمور تخرج تماما عن دائرة إختصاصاته.
السرعة الصاروخية التى إنسحبت بها سورية من لبنان بعد مماطلة وعناد ورفض إستمر أكثر من تسعة عشر عاما. والتى وصفها الإستاذ هيكل وصفا بليغا موجزا:" إذا لم يكن هذا هو الخوف, فلا أدرى ما الذى يمكن وصفه بالخوف" مطبقين المثل الشهير" يكاد المريب يقول خذونى"

إننى وبحق لا أقصد على الإطلاق النيل من سورية أو شعبها العزيز,, على العكس تماما فإننى أعتقد أننى أريد فقط أن ينتصر هذا الشعب على جلاديه الجبناء.
لقد شاهدت بمنتهى الحزن نقيب المحامين المصريين الذى أكن له الكثير من الإحترام فى دمشق يناصر ديكتاتورا مغتصبا للسلطة أتى عبر عملية توريث كريهة معتقدا أنة يناصر سورية.
إن نصرة سورية ومصر وكل شعوبنا العربية لن تتأتى بمناصرة جلادبهم. إننا لا نستطيع أن نجابهه فساد الحكام فى مصرنا ونكشف مؤمرات التوريث القذرة ونحارب مخططاتهم المسمومة ما لم نعى أننا جميعا كشعوب فى قارب واحد , سواء كنا فى مصر, سوريا, ليبيا أو أى مكان أخر..
وما لا نرضاة لأنفسنا يجب ألا نقبله إطلاقا فى أى مكان أخر , خاصة إذا كان هذا المكان سوريـــا العزبزة..

Saturday, January 28, 2006

مـن الذى يحكــم مصــر الأن؟الجزء الثالث


فى أبريل 1928 ولد محمد حسنى فى كفر المصيلحة قرب شبين الكوم بالمنوفية لعائلة متوسطة الحال يعمل الأب فيها موظفا بسيطا فى محكمة شبين الكوم وينتمى إلى الفرع غير الغنى لعائلة مبارك. والعائلة مثل باقى عائلات هذه المدينة الصغيرة تهتم كثيرا بتعليم أبناءها, حيث أنها المدينة المصريه الوحيدة التى تبلغ نسبة الأمية فيها صفر فى المائة . والمنوفية لمن لا يعلم بخصوصية الداخل المصرى تتميز أو يتميز أهلها بخصائص معينة يعدونها هم غاية فى الإيجابية و التميزحيث لا يمل المنوفى إذا قابلته عن التحدث بفخر عن أصلة المنوفى وإمتيازة بهذا الشرف. إلا أن أغلب المصريين للأسف لا يشاركون هذا الأخ المنوفى نفس المشاعر والأحاسيس ,بل وعلى العكس يتهمون أهل المنوفية أو المنايفة كما بحلوا لهم أن ينعتوهم بقلة الوفاء والخبث والوصولية.
والحقيقة أن هناك مبالغة من الطرفين فالمنوفى فى النهاية ليس إلا فلاح الدلتا المصرى مع إختلاف وحيد حتمته البيئة والظروف. المنوفية هى أخصب أرض زراعية موجوده فى مصر على الإطلاق , الأمر الذى أدى إلى نزوح العديد من الأفراد وخاصة الذين يمتلكون الرؤية والقدرة على تحسس الفرص اليها للإستفادة من هذة الميزة, وبمرور الوقت إزداد عدد النازحين مع ثبات الرقعة الزراعية مما دفع بهم الى إنتهاز وإستغلال أى وسيلة للحصول على أقصى منفعة ممكنة من التواجد فى هذا المكان حتى ولو على حساب الأخرين آحيانا. وربما يفسر ذلك إشتهار أهل المنوفية بقدراتهم على إستخدام الحيل وعدم إهتمامهم كثيرا بموضوع الوفاء أو الولاء للأخر, فالظروف تدفعهم بقوة الى ذلك. ومن ناحية أخرى أدى هذا التكدس والمنافسة الشديدة الى إتجاة الأهالى الى تعليم أولادهم حتى يتسنى لهم اللجوء الى وسائل أخرى للمعيشة كالوظيفة مثلا إذا ما ضاقت الأرض بهم.
من هذة الخلفية نزح الشاب حسنى مبارك من بلده الصغير إلى الكلية الحربية ومنها لكلية الطيران واضعا صوب نظره النجاح فى حياتة العملية كهدف ووسيلة. ساعدة إلتزامة التام وحبة للرياضة بالإضافة إلى نشاطة غير الطبيعى مع خلفيتة سالفة الذكر على التقدم الوظيفى فى سلاح الطيران.
وبدا طموح الرجل واضحا حتى فى قصة زواجة من سوزان ثابت إبنة طبيب مصرى متزوج من سيدة تنتمى إلى ويلز أحد أقاليم بريطانيا, وهى فى نفس الوقت شقيقة أحد الضباط الذين يرأسهم فى سلاح الطيران منير ثابت أو اللواء منير ثابت فيما بعد.
عاش الزوجان حياة مماثلة لأغلب أفراد الطبقة المتوسطة فى ذلك الوقت, مع بعض المميزات الإضافية ربما بسبب الخلفية الأجنبية للزوجة التى جعلت من الطبيعى أن يلتحق ولديها علاء و جمال بمدرسة إنجليزية , وربما أيضا بسبب سكناهم فى حى مصر الجديدة. ومصر الجديدة هو حى الطبقة المتعلمة وخاصة منذ أنشىء فى أوائل القرن الماضى وحتى بداية السبعينيات منه حيث تميز عن غيرة من أحياء القاهرة الراقية مثل الزمالك ,أو جاردن سيتى أو المهندسين فيما بعد بميزة متفردة , فربما كان هو الحى الوحيد من هذة النوعية الذى يتميز بالإكتفاء الذاتى و عدم وجود تداخل حقيقى بينة وبين أى حى شعبى مجاور. فالزمالك يقع ما بين حييى بولاق وإمبابة الشعبيين ,وجاردن سيتى على حدود المنيرة ولا تبتعد كثيرا عن السيدة. أما مصر الجديدة فالوضع مختلف.
وهكذا نشأ علاء وجمال مبارك وسط أبوين محبين, تقوم الأم بمهامها كإمرآة طموحة ومثقفـة ويتشغل الأب بعملة تماما لتوفير أفضل ظروف مواتية لمستقبل أطفالة .
وفى طفولتهم كان طموح الأب الوظيفى كفيلا بإرسالة ككبار العسكريين المميزين فى بعثة إلى الإتحاد السوفيتى , حيث لم يؤلوا جهدا فى إثبات وجودة وترسيخ طموحة الوظيفى ولو حتى من خلال محاولة تعلم اللغة الروسية.
وتستمر مسيرة نجاح الأسرة والتى ربما لم يعكر صفوها فى هذة المرحلة المبكرة سوى الظروف المادية المحدودة وأيضا ظهور أعراض الإنطواء الشديد على الإبن الأصغر جمال فى المدرسة , حيث بدا وعلى العكس من شقيقة مبتعدا عن أقرانة ومتوحدا مع ذاتة بشكل ظاهر. وتقول بعض المصادر أنة تلقى بالفعل نصائح طبية للخروج من هذة الحالة فى تلك المرحلة.
وعلى أية حال و مع إنتهاء فترة الطفولة وبداية مرحلة الشباب للشقيقين عين الأب فى منصب تخطى حتى حدود طموحاته وأصبح حسنى مبارك نائبا لرئيس جمهورية مصر العربية.
ورغم ما حمله هذا التطور من أثار إيجابية للأسرة لا يمكن لعاقل إنكارها إلا أنة وفى نفس الوقت قضى على أى فرصة كى ينشأ الولدان نشأة طبيعية يعاركا فيها الحياة ويكنسبا خبرات حياتية إيجابية وسلبية هامة.
بل ولعلى هنا أدعى أن ذلك ينطبق على جمال أكثر بكثير من شقيقة علاء, فحالة الإنطواء التى أصابته فى طفولتة جعلته لا يختبر مثل هذه المشاعر والتجارب حتى وقت أن كانوا مجرد أناس عاديين.
وهكذا تستمر الحياة بالأسرة التى لم يعرف عنها أى إهتمام جدى أو حتى غير جدى بالسياسة حيث يكبر الولدان ويلتحقان بالجامعة الأمريكية بالقاهرة , وهو ما كان وعلى عكس ما يعتقد البعض نقطة إيجابية حيث أتيح لهما التعامل مع أقراد عاملوهم بقدر كبير من الندية رغم أنهم أبناء نائب الرئيس.
على أن رؤيتهم للحياة إنحصرت بين أصدقاء المدرسة الأجنبية , الجامعة الأمريكية ,بعض جيران مصر الجديدة وخليط من الأقرباء المصريين والإنجليز.
بل أن جمال مبارك إتخذ خطوة بدت غريبة قليلا فى ذلك الوقت وإن كانت متسقة مع ظروفة النفسية , حيث غادر مصر كلها متجها إلى إنجلترا ليقضى فيها حوالى الثمانى سنوات بعد تخرجة من الجامعة, يعيش وحيدا ويعمل فى أعمال مصرفية ثم فى مجال الإستثمار قيما بعد.
ولعل ذلك ما دعا كثيرون لترجيح حصولة على الجنسية البريطانية, فأهل والدتة كلهم إنجليز وقضاء مثل هذة المدة الطويلة فى إنجلترا تجعل مثل هذة الفرضية شبه مؤكدة.
ويعود جمال مبارك الى القاهرة حول منتصف التسعينيات, قاهرة تغيرت كثيرا عما تركها.أدت سياسات الأب الوظيفية وإعتمادة على الأمن بشكل متزايد إضافة الى زيادة أعداد الموظفين الذين يتم إسناد مناصب سياسية هامة لهم إلى إنعكاسات بالغة السلبية على المجتمع.فلقد إنصرف إهتمام غالبية الشعب المصرى تماما عن السياسة,وسط حالة من اليأس المتنامى فى حدوث أى تغيير حقيقى.
إن إنشغال الإنسان بالسياسة وإهتمامه بها يعد أمرا غريزيا, الأمر الذى دفع بعض الفلاسفة الى تعريف الإنسان بأنة حيوان سياسى. وإذا لم يتم إشباع هذه الحاجة بشكل صحى فإن ذلك يؤدى الى ظهور أمراض إجتماعية عديدة.
فإنتشرت النزعات الفردية الضيقة والتقوقع فىالإطار الشكلى للدين سواء الإسلامى أو المسيحيى بشكل مظهرى مبالغ فية. وغاب الى حد بعيد الشعور بالإنتماء أو حتى الفخر بالوطن والإحساس بالمشاركة فى بناءة. وزاد الطين بلة إستمرار مجموعة موروثة من سياسى الدرجة الثاتية والثالثة منذ أيام الرئيس السادات كما أسلفنا فى الجزء السايق إضافة الى الموظفين مدعيي السياسة مكونين حلقة من اليأس أحاطت بالشعب المصرى وتسببت فى تيبس كامل لشرايينه السياسية. ولا أستطيع أن أغادر هذة النقطة قبل أن أشير الى سبب أخر أجده مضحك ساهم فى تفشى هذه الظاهرة, فقد أدى ولع الرئيس مبارك الصبيانى فى إبقاء أسماء من يتولون مناصب سياسية _إذا تحتم إجراء مثل هذة التغيرات_ سرا الى إستعانته بأشخاص لا يخطرون على بال أى شخص لإشباع هذة الرغبة الطفولية. ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك حالة الدكتور عاطف صدقى الذى جاء بة من وظيفة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وهى وظيفة متوسطة الوزن الى منصب رئيس وزراء مصر دفعة واحدة. وما يهمنا هنا أن الرجل لم يعرف عنة أى إهتمام بالسياسة على الإطلاق وهو ما أثارحتى حنق شقيق الدكتور صدقى الذى صرح مرة بأن شقيقة وعلى العكس منه, لم يكن ليهتم حتى بقرأة الصحف, ورغم ذلك فلقد ضرب الرجل رقما قياسيا فى البقاء فى هذا المنصب السياسى الرفيع. ولعل حالة الدكتور أحمد نظبف رئيس الوزراء الحالى هى حالة صارخة أخرى رغم أن ذلك ربما كان موضوعا أخر.
ومع عودة مبارك الإبن الى القاهرة بدأت تطفو على السطح ظاهرة أخرى تبلورت فيما بعد بشكل بالغ الوضوح وهى إنتشار رجال الأعمال الجدد والذين كانو فى سن مقارب لجمال بل أن بعضهم كانوا زملاء لة سواء فى الجامعة أو المدرسة إضافة بالطبع الى النجم الساطع فى هذا المجال شقيقة الوحيد علاء. وقبل أن نتناول هذة النقطة ربما كان من المفيد أن نذكر أنة فى هذا الوقت لم تكن هناك أى فكرة من قريب أو بعيد لتولى أيا من أفراد الأسرة أى مناصب سياسية. نعم كانت الأم نشطة فى المجال الإجتماعى إلا أنة لم يظهر لها أى دور أو طموح سياسى فى ذلك الوقت وتميز نشاطها وقتئذ بالطابع الثقافى الإجتماعى العام.
عاد جمال الى القاهرة ليجد شبابا فى مثل عمره تقريبا يترأسون ويمتلكون مؤسسات صناعية ومالية هامة. ويمكن تقسيم هؤلاء الى ثلاثة فئات رئيسية . الأولى هم أبناء لرجال تجارة وصناعة, قاموا بتطوير مصالح أباءهم ونقلها الى مدارات أكثر رحابة مستفدين إضافة الى مواهبهم من أجواء الإنفتاح الغير مقيد بأى قواعد إقتصادية حقيقية, وإنهيار قواعد وقوانين حماية العمالة وفى بعض الأحيان سهولة الحصول على قروض بنكية هائلة دون ضمانات حقيقية. ويندرج تحت هذة الفئة أشخاص مثل نجيب ساويرس , هشام طلعت مصطفى , شباب آل السويدى, حسام أبو الفتوح وغيرهم. الفئة الثانية هى لشباب لا ينتمون الى عائلات ذات نشاط إقتصادى مميز الا أنهم وعن طريق الإقتراض البنكى عبر شبكة عنكبوتية من مديرى البنوك المرتشين, إستطاعوا دخول الأسواق عبر مشاريع صناعية وتجارية ثبت فيما بعد أن بعضها ليست الا هياكل كرتونية والبعض الأخر يرزح تحت كم هائل من القروض. ومن هذة الفئة أشخاص مثل رامى لكح ,أحمد بهجت وأيضا شخص سيلعب دورا هاما فيما بعد وهو زميل قديم لجمال مبارك عمل والدة بعد خروجة من الجيش فى تجارة الحديد وأنشؤا مصنعا صغيرا للجوارب وحينما تولى هذا الشاب الأعمال الصغيرة للأسرة إستطاع عبر شبكة واسعة من العلاقات المعقدة أن يصبح المحتكر الوحيد لصناعة الحديد فى مصر إضافة الى العديد من المناصب الهامة, وبالطبع هو أحمد عز.
أما الفئة الأخيرة لهذا الشباب المتخم بالمال فهم بالطبع أبناء المسئولين الكبار فى الدولة بدءأ من أبناء رئيس الجمهورية مرورا بأبناء رؤساء الوزراء المتتاليين وحتى نصل الى أبناء الوزراء والمحافظين, وهنا سنجد تخمة فى الأمثلة : فمن علاء وجمال مبارك الى شريف عاطف صدقى مرورا بأشرف صفوت الشريف , أحمد ممدوح البلتاجى وقائمة طويلة أخرى ليست هذة المقالة مجالها فى الحقيقة.
ولا أستطيع أن أذكر فترة تاريخية واحدة تم فيها إستغلال المناصب لنهب ثروات مصر بشكل منهجى منتظم ودون أى قدرمن المواربة أو حتى محاولة الإختباء مثل أخر خمسة عشر عاما من حكم حسنى مبارك. ولاحظوا هنا أننى فقط أتحدث عن فئة الشباب والتى ينتمى اليها جمال مبارك و لم أتخطاها الى كبار المفسدين من المسئولين أنفسهم.
على أيه حال, فى هذا الجو عاد جمال مبارك الى مصر ليجد هؤلاء الشباب لا يتحكمون فى مليارات الجنيهات عبر موسسات إقتصادية وصناعية سواء حقيقية أو مصطنعة فحسب وإنما أيضا يديرونها بطرق فردية تسلطية كاملة.
ففى غيبة أنظمة تسلسل السلطات أو أى هياكل تنظيمية حقيقية فى تلك المنشأت, إضافة الى تراجع قوانين حماية العاملين بصفة عامة , أصبح المالك فى حقيقة الأمرمجرد "مستبد شرقى" أخر فى إطار مؤسستة.
وبعد أن كان إهتمام جمال مبارك منحصر فى كيفية ظهوره على شاشة التلفاز حينما ظهرمصادفة فى أحد المؤتمرات الإقتصادية منتصف العام 98 , تبدلت الأمور تدريجيا وبدأت تدور فى أذهان الأبن ثم الأم ومن بعدهم الأب هذة الفكرة الكارثية البسيطة:
لماذا لا يرث الإبن كالأخرين بيزنس الأب
!أو ليس محمد حسنى مبارك رئيس مجلس إدارة مصر؟
وللحديث بقية

Monday, January 16, 2006

وهكـذا إنتهت المهزلة بمهزلة





وفى مفاجأة غير متوقعة إستقال القاضى الكردى محمد رزكار أمين المنوط بترأس تمثلية محاكمة صدام حسين واضعا نهاية درامية لأى قدر من المصداقية قد تحملة هذة المهزلة المضحكة. وقبل أن تظنوا بى الظنون من أننى ربما أكون من مؤيدى الدكتاتور العراقى الكارثى. أطمئنكم إلى أنى أؤمن بضرورة محاكمته هو وأغلب رؤوس السلطة العرب الذين أجد صعوبة بالغة فى أن أدعوهم رؤساء أو ملوك فما باكم بلفظة زعماء التى تبدو مضحكة إذا نعتوا بها
ولكن هذة قصة ومحاكمة صدام بواسطة نظام قوة إحتلال أمريكية ومسخ حكومة تحوى العديد من عملاء المخابرات المركزية الأمريكية قصة مختلفة تماما.
بل أننى أجد أنه مجرد قيام أشخاص مثل دبليو بوش, تشينى أو رامسفيلد بأخذ زمام المبادرة لبدأ محاكمة صدام فى جرائم ضد البشرية هو أمر غاية فى النفاق. الحقيقة ان ما كان قد يضفى كل المصداقية على هذة المحاكمة هو وجود هؤلاء الأشخاص الى جانب صدام حسين فى نفس القفص. أو أن تقوم بمحاكمتة حكومة شعبية شرعية قوية.
أما أن يقوم اللصوص بمحاكمة لص و القتلة بمحاكمة قاتل, فهذا أمر يفرغ العدالة من أى مدلول حقيقى.

حينما قرر مبارك فى أواخر الثمانيات الإنضمام الى ما سمى وقتها الإتحاد العربى وضم الى جانب مصر العراق واليمن شعرت بشكل شخصى بقدر هائل من الغضب. وكان هذا بسبب إنضمام مصر الى من إعتبرتة دائما قاتل بدرجة رئيس جمهورية والمثال الحى لقمع كل فكر أو رأى أو ضمير حر. كان نظام صدام حسين يمثل الوجة الفج للجهل والتعصب والمصالح الشخصية الضيقة حينما تحكم بإسم التنوير والتسامح وصالح الشعب. نفس الوجة يستدعية الخيال حينما نفكر فى باقى الأنظمة العربية حتى ولو كانت الوجوه الأخرى تبدو أبرع أو أمكر فى وضع المساحيق وإخفاء التجاعيد.
وحينما قامت أمريكا بغزو العراق ورغم تصورى للأهداف الحقيقية للغزو _يمكنكم التفضل بالرجوع الى مقالة "لماذا غزت آمريكا لعراق" الموجودة فى نفس المدونة_ الا أن فكرة التخلص من صدام حسين لاقت فى نفسى وأعترف بذلك هوى .لكن تداعيات ما حدث بعد ذلك جعلت هذا الهوى مشوب بقدر كبير من الشكوك.
فمثلا ورغم مقتى الشدبد لعدى إبن صدام ومعرفتى التامة بجرائمة فى حق الشعب العراقى , الا أن الطريقة التى قتل بها مع أخوة بدت لى بطولية وغير متناسبة مع تاريخة الإجرامى.
و ما بدا أيضا إجراميا هو الطريقة التى عرضت بها جثتى الشقيقين فى أجهزة الإعلام وخاصة تلك ذات التوجة اليمينى الصهيونى فى أمريكا و بهذا القدر الهائل من التشفى والحقد الرخيص.
ولا يسعنا هنا الا ان نعترف ان هناك قدر من عدم المعرفة أو عدم الإهتمام بمعرفة طبيعة الشعب الأمريكى وطريقة تفكيرة فى الأوساط العربية.
فالشعب الأمريكى يمكن تقسيمة سياسيا ودون الدخول بتعمق فى هذه النقطة _وأنا هنا أتحدث عن إنطبعاتى الشخصية ولا أدعى أى تحليل علمى للأمور_ الى مجموعتين رئيسيتين: هؤلاء الذين يأخذون الأمور السياسية بتعمق بإعتبارها تعبيرا عن مصالح إجتماعية وإقتصادية ودينية وعقائدية . وهذة المجموعة يندرج تحتها بشكل تقليدى النخبة المثقفة , الليبراليون وسكان الولايات الخارجية الكبرى كنيويورك ,كاليفورنيا, إلبنوى وغيرها.
أما المجموعة الثانية_ والتى تشكل عددا ضخما من السكان بالمناسبة_ فهم أقل ثقافة وأكثر محافظة ويميلون الى تأييد الحكومة والرئيس الأمريكى بشكل عام وخاصة فى اوقات الحروب. وهم يتميزون عادة بقدر من البساطة الشخصية يدفعهم لتصديق ما تبثة عليهم وسائل الإعلام اليمينية المحافظة والتى تتشابة بشكل يماثل ان لم يفق بعض اكثر اجهزة الإعلام تخلفا فى عالمنا العربى.
وهذة المجموعة الثانية هى فى الحقيقة من أتى بدبليو بوش الى سدة الحكم مرة أخرى وهم فى النهاية سندة الوحيد ويتمركزون عادة فى ولايات الغرب الأوسط والجنوب.
وهكذا تم تسويق صدام حسين لهذة المجموعة بإعتبارة هذا الشرير العربى المسلم الذى يجب القضاء علية وإذلاله لبكون عبرة لهؤلاء العرب المسلمين المتخلفين.
وهنا فى الحقيقة تكمن المشكلة
هذة المحاكمة لا تبغى فى الواقع أى عدالة وإنما هدفها إستعراضى بحت من أجل إسترضاء هذة المجموعات الضخمة من الأمريكيين المضللين وإسعادهم بإذلال حاكم عربى مسلم علنا وعلى شاشات التلفزة.
إننى أرثى لهؤلاء الضحايا من الشهود الذين بعرضون معاناتهم التى لا شك فى مصداقيتها امام محاكمة هزلية لا تروم الا إستغلال معاناتهم لأغراض لا تمت للعدالة بصلة.
على أن هذا القاضى الكردى كاد أن يفسد الإستعراض وبدلا من أن يجعل المشاهدين فى تكساس و ألاباما يستلقون من الضحك على هذا القرد العربى و هو يقفز مهرولا مذعورا على الأسلاك , إذا بهم يرونة يتعامل بلياقة وصبر مع بعض الأسرى السياسيين فى القفص.
لم يعجبهم ذلك, ووصل الأمر الى حد التدخل الفج دون حتى محاولة التظاهر بالإهتمام بأى قواعد للياقة. فإذا برئيس اللجنة القضائية فى الكونجرس الأمريكى ياتى الى بغداد ليوبخ القاضى شخصبا على طريقة إدارتة للمحاكمة!
ويتبارى عملاء للمخابرات الأمريكية بل والإيرانية أيضا فى الهجوم على القاضى وطريقة إدارتة للمحاكمة وتوجيهه عن الكيفية التى يجب علية بها إدارة الإستعراض.
ومما يستلفت النظر فى هذه المحاكمة نقطتين أساسيتين, إختيار القاضى وإختيار القضية.
لقد تم إختيار قاضى كردى ليحاكم رئيس عربى سنى وهى الطائفة التى حكمت العراق منذ تأسيسة وحتى سقوط نظام صدام حسين. الغرض بالطبع هو محاولة إهانة العرب السنة وزيادة الإستقطاب بين الطوائف كوسيلة لتحقيق الهدف النهائى وهو تقسيم العراق. لذلك كان أسلوب القاضى الكردى الهادىء والمهذب غير متماشى مع هذه الأهداف.
أما إختيار القضية فمسألة غريبة, فمن كل القصص عن جرائم صدام ومجازرة الجماعية بل وإستخدامة لأسلحة محرمة دوليا, يتم إختيار حادثة وقعت منذ أكثر من عشرين عام لمحاولة لإغتيالة على أيدى أهالى بلدة تدعى الديجيل.
أطلق علية الرصاص وتم القبض على أعداد من الأهالى وتنفيذ حكم الإعدام فيما قدرة البعض بثمانى عشر أو أكثر.
حسنا ولكن ما هى المسئولية الجنائية لصدام هنا؟ أنه صدق على أحكام الإعدام؟ حتى ذلك ربما يعد ضعيفا من الناحية القانونية البحتة.
أما لماذا لم يتم إختيار أى من الجرائم الأخرى الأبشع والأكثر وضوحا ليتم محاكمة صدام عليها؟
فالجواب واضح__ ببساطة أمريكا شريك إيجابى فى معظم هذة الجرائم بل وبدأت مؤخرا فى ممارسة هذة الجرائم بنفسها وعلى نطاق واسع كتعذيب المعتقلين مثلا.

لقد إستقال القاضى الساذج الذى لم يستوعب مهمته وكيف يجب عليه أن يؤديها
وسيأتى قاضى بمرتبة لاعب للقرود كى يدير هذا الإستعراض الهزلى
ولتتوه العدالة وسط صيحات الشماتة والسخرية على هؤلاء العرب الذين تركوا مهرجى السيرك يقودوهم.
وهى عقوبة أعتقد أننا نستحقها.

Sunday, January 08, 2006

كم أفتقدك

إرتشفت من الكأس قطرات أخرى على أطفىء بعض أشواقى اللامتناهية"
لا أستطع أن أحول عنها نظرى
الثوب القرمزى يزيد من فتنتها وهى تتحدث مع نفر من الحاضرين
ينسدل شعرها الكستنائى المموج على كتفيها فيعريهما تاره ويخفيهما تارة أخرى ,,, ملهبا الخيالات
وعندما تتحدث
يخيم الصمت
تكف الأزهار عن الحركة ,, وتسترق الرياح السمع , كى تحمل فى الأثير صدى همساتها
ينتشى الجميع بسكرة صوتها المنبعث كترانيم سماويه لا يمكنك أن تدرك كنهها
ويهيم الجميع فى الخيال
لا يزعجهم الا يقينهم أن الحديث لابد منتهى
تتناقل بين الحاضرين فتثب معها القلوب وأنا أتبعها مشفقا أن تفوتنى ولو همسة
وفى الهزيع الأخير من الليل تترك المكان مثقلا بالسكارى
"وقلبى مثقل بالأشواق

ملهمتى
كم أفتقدك