Sunday, March 13, 2011

عن التعديلات والثوره.... والمسكوت عنه

هل يجب أن  يجرى الإستفتاء على التعديلات الدستوريه؟
إذا تم إجراء الإستفتاء هل نشارك فيه؟
إذا شاركنا فى الإستفتاء هل نؤيد التعديلات أم نرفضها؟
إذا رفضنا التعديلات فهل يعنى ذلك البدء فى عمل دستور جديد؟ أم تعديل التعديلات؟
فى كلا الحالتين, من سيقوم بذلك؟
 لجنه تأسيسيه؟ أم لجنه قضائيه؟
معينه أم منتخبه؟
إذا كانت معينه, فمن سيعينها؟
 وإن كانت منتخبه, فما هى آليه وقواعد الإنتخاب؟
وأثناء ذلك كله, هل تجرى إنتخابات تشريعيه ورئاسيه؟
وأىهما يجب أن تسبق الأخرى؟
وإذا أجريت إنتخابات تشريعيه, من يضمن أنها ستكون إنعكاس حقيقى لنبض الشارع؟
ربما قفزالإخوان الى الحكم ....
إذا أجريت إنتخابات رئاسيه فى ظل الدستور الحالى مع نعديلاته,
من يضمن ألا يستغل الرئيس الصلاحيات الواسعه فى الدستور ويصبح ديكتاتورا جديدا؟


إذا أردنا الإجابه على الأسئله السابقه كلها إجابه حاسمه, قاطعه ,وافيه,  يتفق عليها الجميع ... فيجب أن نتحلى إما
 بحكمه شامله مطلقه أو بقدره فائقه على معرفة ما سيحدث فى المستقبل.
وبما أنه من المستحيل تخيل حدوث أيهما, لذا وجب أن نتعامل مع الواقع كما هو وبما يمكنا من الإنتقال من الثوره 
الى تحقيق الأهداف الأساسيه للثوره, والتى يجب ألا تغيب عن أذهاننا أبدا:


خبز                   حريه            عداله إجتماعيه
وهناك مبدأين هامين أكدت عليهما الثوره لتحقيق أهدافها:      سلميه   و   مدنيه


 ببساطه يمكن أن تكون هذه هى المرجعيه فى الإجابه عن الأسئله السابقه ....
التعديلات الدستوريه  سواء تم الإستفتاء أم لم يتم, وسواء تمت الموافقه عليها أم لم يتم, يجب أن تفضى إلى إنتخاب جمعيه تأسيسيه تقوم بوضع دستور جديد تتفق عليه الأمه المصريه.
يجب أن يعكس هذا الدستور مبادىء هذه الثوره
الحريه والكرامه والعداله عبر دوله مدنيه يتم إنتقال السلطه فيها بشكل سلمى.
هذا ما إستشهدت من أجله سالى زهران و زياد بكير ومئات الشهداء
وهذا هو الأمر الغير قابل للنقاش..
أما القول بأن الرئيس المنتخب قد لا يدعوا إلى تأسيس دستور جديد, فهو فى رأيى  مجرد إضاعه للوقت...
الدستور الجديد أمر حتمى ومنصوص عليه صراحه فى التعديلات المقترحه.
ولو أن دماء شهداء الثوره المقدسه, هم الضمانه الأقوى والأهم من أى نص...
إن أهم دستور ديمقراطى فى العالم والذى ورثته أكبر ديموقراطيات الغرب عبر مئات السنين, هو الدستور الإنجليزى غير المكتوب.
إن دماء الشهداء قد سطرت بالفعل دستورا غير مكتوب, ويجب علينا جميعا ألا نتحمل وزر خيانته مهما كانت الأسباب.


نأتى الأن إلى نقطه مفصليه وهامه ...
لماذا يجب علينا الإسراع فى الإنتقال إلى حكم مدنى؟ وماذا لو إستغلت جماعة الإخوان هذه السرعه للقفز على الحكم؟
الإجابه على التساؤل الأول ربما تدعونا لبحث "المسكوت عنه"


دور الجيش
لقد قام الجيش بدور وطنى وحاسم فى المساعده على إنجاح الثوره.
لقد كان واضحا منذ البدايه إنحياز الجيش إلى المطالب المشروعه للشعب. بل لعلى أبالغ وأقول أن بيان الجيش عن تفهم هذه المطالب, كان إشاره للثوار بالأتجاه الى القصر الرئاسى وإسقاط النظام.
ولاشك أن هناك العديد من الأسباب التاريخيه والنفسيه, التى دفعت بالجيش إلى إعلان رغبته فى تسليم السلطه إلى إداره مدنيه فى أقرب وقت ممكن. وهذه الأسباب التاريخيه والنفسيه نفسها هى ما تدعونى إلى الإندهاش من رغبة بعض القوى المدنيه فى إستمرار المجلس العسكرى, سواء بوضعه الحالى, أو عبر مجلس رئاسى. 
ولا يحتاج الأمر إلى عميق تفكير كى نستنتج أن ممثل الجناح العسكرى فى  المجلس الرئاسى(ومهما كان عدد وقيمة المدنيين فيه) سيكون هو صاحب النفوذ الأقوى. كما أن مد فتره حكم المجلس العسكرى تحتوى على مخاطره لا يستهان بها, ولو من جانب بعض من يستمرؤون نظريه حكم المستبد العادل!.
وفى نفس الوقت, لا يمكنا تخيل أن وضع الجيش المصرى فى ظل التشكل الجديد لنظام الحكم فى مصر, والذى يمكن أن نطلق عليه بإطمئنان "الجمهوريه الثانيه", سيبقى كما هو.
 هذا تبسيط مخل للأمور.
لا يوجد عندى شك فى أن الجيش سيدين بالولاء لرئيس وحكومه منتخبه من الشعب. إلا أن الأحداث الأخيره, تجعل من العسير تصور السيد القائد العام  ورئيس المجلس العسكرى الحاكم فى دور وزير أو نائب رئيس وزراء فى الحكومه المصريه المقبله. والأمر نفسه ينطبق على السيد رئيس الأركان نائب رئيس المجلس العسكرى وأيا كانت أسماء شاغلى هذه المواقع.
إن التشكيل الجديد للجمهوريه المصريه الثانيه يجب أن يطرح وبقوه دور القوات المسلحه المصريه فى الحفاظ على أسس وروح هذه الجمهوريه والتى لابد وأن تعكس روح وأهداف ثورة 25 يناير. لقد أصبح للجيش المصرى دورا إضافيا يتمثل فى حمايه الدستور والحفاظ على الدوله المدنيه (بما يعنيه ذلك من حريه الإعتقاد والتعبير والإعلام) وضمان الإنتقال الديموقراطى السلمى للسلطه عبر إنتخابات حره تتم بشكل دورى فى البلاد.


وهو ما ينقلنا إلى التساؤل الثانى :  وماذا لو إستغلت جماعة الإخوان هذه السرعه للقفز على الحكم؟
الواقع أننى بشكل شخصى لا أميل لهذه الفرضيه. ودليلى على ذلك هو التاريخ! لم يحدث أن نالت هذه الجماعه منذ إنشائها 1928 وحتى الأن إجماعا شعبيا حقيقيا.
حتى فى ظل حكم مبارك الكارثى الطويل, لا يمكننا القول أنهم قد تمكنوا من تمثيل أغلبيه الشعب المصرى. نعم, بالقطع إستفادوا تنظميا وشعبيا من مقت عموم المصريين للنظام الفاسد. ولكن الثوره الحقيقيه إندلعت فقط حين قرر ملايين المصريين والغير منتمين لأى تيار سياسى إستعادة كرامتهم وحريتهم بيدهم.
وهوالأمر الذى عجز تيار الإخوان والمتعاطفين معهم عن القيام به طوال ثلاثين عاما.


الواقع أن الصحافه والإعلام المصرى الخاص والعام يقوم بدور غريب ومحير فى هذا المضمار. فهم يتسابقون فى دعوة أقطاب الإخوان والسلفيين ورموز من الدعاه الجدد وأخيرا أقطاب الجماعه الإسلاميه بشكل مبالغ فيه.
لم يكن هؤلاء من قام بالثوره أو أرسى مبادئها, بل رموز من هذه التيارات إلتحقت متأخره بركب الثوره. والإعلام هنا يذكرنى بتفاوض السيد عمر سليمان مع كل القوى السياسيه, فيما عدا الثوار الحقيقيون فى الشارع.
ولكن حتى لو إفترضنا جدلا وصول جماعة الإخوان إلى الحكم عبر إنتخابات حره, فتجربه حماس فى غزه غير قابلة للتكرار فى مصر. 
لقد أرسى الشعب المصرى دستوره غير المكتوب, والذى سيكون مصدرا لإلهام شعوب المنطقه كلها.
حريه وكرامه وعداله إجتماعيه عبر دوله مدنيه يتم إنتقال السلطه فيها بشكل سلمى.
مبادىء سيظل يراقبها ويحميها الجيش المصرى... والشعب المصرى..

إننى على يقين من أن الملايين الذين تسابقوا لبذل أرواحهم من أجل إستعاده كرامتهم وكرامة بلادهم, والذين أدهشوا العالم كله وأدهشوا أنفسهم, بصلابتهم ورؤيتهم العميقه, وإصرارهم على تحقيق أهداف بدت لكثيرين مستحيله. سيدهشوننا مره أخرى بتشكيلات وقوى سياسيه شابه حديثه, تمحوا من ذاكرتنا أطياف أى أحزاب كرتونيه أو جماعات تحلم بماضى لم يتحقق أبدا إلا فى رؤوس أصحابها.  

No comments: