الشىء الخطأ، فى المكان الخطأ، والزمان الخطأ!

 تضمنت بعض الصور الأولى التى التقطها تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى فى أعماق الفضاء مجموعة من الأجرام المجهولة. 

كانت هذه الأجرام غريبة للغاية، لدرجة أنها أثارت الجدل حول حقيقة فهمنا للكون. 

والآن، يعتقد علماء الفلك أنهم ربما بدأوا يعرفوا ماهية هذه الأجرام.

لقد بدأت المشكلة بست نقاط حمراء صغيرة. 

ست نقاط صغيرة ضبابية، من بين آلاف النقاط الأخرى، والتى كانت كافية لإثارة الشكوك بشكلٍ مفاجئ حول كل شىء.

ظهرت تلك النقاط فى الصور التى التقطها تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى (JWST)، ورأى علماء الفلك والفيزياء الفلكية ببساطة انها ليست منطقية. 

لقد بدا أن كل شىء يتعلق بهذه النقاط كان خاطئًا - سواء من حيث لونها، أو أطوال موجات الضوء التى تُصدرها، أو كثرتها. 

باى حال، لم يكن وجودها متوافقًا مع فهمنا القياسى لطبيعة الكون.

ومع ذلك، كانت تلك الست نقاط الصغيرة موجودة، وواضحة كوضوح أنفك فى صورة شخصية. 

لقد كانت تتوسط صورًا التقطها أحدث تلسكوب بنته البشرية على الإطلاق. التلسكوب القادر على النظر إلى الفضاء البعيد، ما يسمح له أن يرى الماضى بفاعلية تصل تقريبًا حتى فجر الكون.

لم يكن هناك سوى ثلاثة تفسيرات محتملة لوجود هذه النقاط الست المقلقة: أولًا، وجود مشكلة فى التلسكوب.

ثانيًا، وجود مشكلة فى تفسيرات الخبراء للبيانات. 

أو ثالثًا، وجود مشكلة فى فهمنا للكون.

إنها معضلة ضخمة جدًا لدرجة يصعب تفسيرها.

كان الدكتور "إيفو لابى"، الأستاذ المشارك فى الفيزياء الفلكية ب"جامعة سوينبرن للتكنولوجيا" فى "أستراليا"، وزملاؤه هم أول من رصدوا هذه النقاط الغريبة وبدأوا بدراستها. وكلما دققوا النظر، ازدادت الحيرة.

بدت النقاط وكأنها ست مجرات ضخمة - ضخمة جدًا لدرجة يصعب تفسيرها.

كانت المجرات أكبر حجمًا مما يمكن تفسيره بكمية الغاز المتوفرة فى الكون وقت تشكلها. وحسب فهمنا، لم يكن من الممكن وجود مجرات بهذه الضخامة فى مثل هذا الوقت المبكر. ومع ذلك، فقد كانت هناك، ظاهرة بوضوح فى صور تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى، تتجاهل تمامًا حقيقة أنها تتناقض مع كل ما كنا نعتقد أننا نعرفه عن الكون.

يتمكن تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى من رؤية الفترات المبكرة جدًا من عمر الكون حيث ظهرت هذه النقاط الحمراء الصغيرة "التى حطمت كل تصوراتنا عن الكون" بسبب طريقة انتقال الضوء. فمع تمدد الكون، تتباعد المجرات فيه لمسافات شاسعة، لدرجة أن الضوء يستغرق وقتًا ليقطعها.

عندما يستخدم العلماء أداةً فائقة الحساسية مثل تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى، فإنهم يتمكنون من رؤية أجسام تبعد مليارات السنين الضوئية. 

يسافر ضوء هذه الأجسام لمليارات السنين، لذا عندما نراه، نشعر وكأننا ننظر إلى الماضى. كلما كان الجسم أبعد، كلما كانت رؤيته أبكر فى الوقت. 

ويستطيع تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى الرؤية عبر مسافات شاسعة، إذ يكتشف أجسامًا تكونت فى ملايين السنين الأولى من بعد الانفجار العظيم.

رصد تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى تلك النقاط فى البداية باستخدام كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة (NIRCam)، ولكن أصبح المشهد أصبح مختلفًا تمامًا عندما أطلق "ويب" جهازًا آخر من أدواته: ليست كاميرا هذه المرة، بل مطياف.

يرصد هذا الجهاز، المسمى NIRSpec (مطياف الأشعة تحت الحمراء القريبة)، الضوء القادم من المجرات البعيدة ويمرره عبر منشور، مما يؤدى إلى تقسيمه إلى ألوان الطيف. إلا أن الطيف سيكون غير مكتمل، لأن العناصر المختلفة تمتص أطوالًا موجية مختلفة من الضوء. ومن خلال تحديد الأطوال الموجية المفقودة، يمكن للخبراء تحديد العناصر الموجودة فى مصدر هذا الضوء.

يقول البروفيسور "آندى بانكر"، عالم الفيزياء الفلكية ب"جامعة أكسفورد": "يُعد التحليل الطيفى أمرًا أساسيًا، لأنه يعنى أننا نستطيع فهم طبيعة المجرات، وفهم العناصر التى تتكون منها".

يوضح "بانكر" أن هذا النوع من البيانات يمكنه أن يدلنا على مجرة بعيدة بأكثر بكثير مما يمكن أن تخبرنا به الصورة فقط. 

نحن مهتمون بمسافاتها، وانزياحاتها الحمراء (المرتبطة بأعمار المجرات)، وتركيبها الكيميائى، وقوة أيونات الانبعاث التى تُمكّننا من تحديد معدل تكوّن النجوم. كما أنها ربما قد تُخبرنا بوجود ثقب أسود فائق الكتلة هناك. ولهذا السبب، يُمكننا إجراء العديد من الأبحاث العلمية باستخدام الأطياف، وهو ما قد لا نتمكن من إجرائه باستخدام التصوير.

عندما تمكن الباحثون أخيرًا من استخدام "NIRSpec" للنظر إلى هذه النقاط الكونية الستّ التى تُشكّل فارقًا كبيرًا، اتضح فورًا أن التصوير قد ضللهم. لم تكن هذه مجرات على الإطلاق، بل بدت أشبه بثقوب سوداء هائلة.

هل تم حل المشكلة؟

لفهم سبب نشوء هذا الالتباس، من المفيد معرفة شكل بيانات تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى. فمع الأجسام البعيدة جدًا، لا يحصل العلماء على صورة واضحة ومفصلة يمكنهم دراستها، بل ما يحصلون عليه هو شىء أشبه ببقعة ضبابية. يمكنهم ذلك من رؤية لون - فى هذه الحالة، الأحمر - وبيانات تُسمى الأطياف، والتى تُظهر أطوال الموجات الضوئية المختلفة المرسومة على رسم بيانى. وهذا هو كل شىء.

الشىء المثير للاهتمام فى هذه النقاط الحمراء الصغيرة هو أن لها طيفًا ذو شكل غير عادى. لم تكن تشبه المجرات تمامًا، لكنها أيضًا لم تكن تشبه الثقوب السوداء التى نعرفها اليوم .

يقول "لابى": "هذه ليست ثقوبًا سوداء عادية. بالتأكيد هذه ليست ثقوبًا سوداء عادية".

الإجماع الناشئ الآن هو أن التفسير الأكثر ترجيحًا لهذا الشكل الغريب هو أنه مجرة صغيرة فى طور تكوين النجوم، مع ثقب أسود فائق الكتلة فى وسطها.  هذا يعنى أن هذه الأجسام لا تُشكّل خرقًا للكون كما نعرفه، بل هى شىء جديد وغريب. 

كان "لابى" وزملاؤه قد حدّدوا بشكل صحيح وجود شىء غريب في هذه الأجسام، لكنهم افترضوا خطأً أنها مجرات، فى حين أنها شىء مختلف تمامًا.

يقول "لابى": "إما أن يكون لديك شىءٌ ما يخالف قوانين علم الكون (لديك خيار أن تكون نماذجك [للكون المبكر] غير صحيحة). أو أننا تكون أمام ظاهرة جديدة كليًا. ولقد اتضح أنه الاحتمال الثانى".

افتراض أن هذه الأجسام ثقوب سوداء يحل بعض المشكلات - فهو يعنى أن علم الكون سليم، ولا توجد مجرات ضخمة بشكل لا يُصدق فى الكون المبكر. ومع ذلك، فإنه يقوم بخلق بعض المشكلات الأخرى.

ويعود ذلك جزئيًا إلى أنه حتى لو كنت تعلم (أو تشك) فى أن جسمًا ما هو ثقب أسود، فإن استنتاج خصائصه ليس بالأمر السهل.

يقول البروفيسور "ستيف فينكلشتاين"، الباحث فى الثقوب السوداء ب"جامعة تكساس" فى مدينة "أوستن": "هناك خاصية واحدة يمكننا قياسها للثقب الأسود، وهى كتلته، وحتى هذه الخاصية غير مؤكدة إلى حد ما".

 اكتشف تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى العديد من الأجرام فى الكون المبكر التى تبدو كثقوب سوداء - فى الواقع، لقد اكتشف عددًا من الثقوب السوداء يفوق توقعاتنا بكثير. ولكن، كما هو الحال مع المجرات التى ظنّها البعض خطأً فى البداية، تبدو هذه الثقوب السوداء المبكرة ضخمة جدًا.

يقول "فينكلشتاين": "أعتقد أن الشىء الوحيد المثير للدهشة الذى نكتشفه هو أنه إذا كانت كتل الثقوب السوداء التى نقيسها صحيحة، فهى ضخمة جدًا مقارنةً بمجراتها المحيطة".

عندما ننظر حول الكون اليوم، نجد أن كل مجرة نراها تقريبًا تحتوى على ثقب أسود فائق الكتلة فى مركزها، وكلما زادت كتلة المجرة، زادت كتلة الثقب الأسود. هذه العلاقة خطية إلى حد ما، وقد رُصدت فى جميع أنحاء الكون.

مع ذلك، لا يبدو أن الثقوب السوداء التى نرصدها فى الكون المبكر باستخدام تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى تعمل ضمن هذا الفهم. 

يقول "فينكلشتاين" إن هذه الثقوب السوداء "أكبر بعشرة أضعاف، وربما حتى مئة مرة، مما نتوقعه"، بناءً على كتلة المجرات التى تستضيفها.

ورغم غرابة هذا الاكتشاف، إلا أنه قد يساعد أيضًا فى الإجابة على سؤال مطروح منذ فترة طويلة حول تطور المجرات. 

إذا كان لكل مجرة ثقب أسود فائق الكتلة فى مركزها، فهل ذلك لأن الثقوب السوداء تتشكل أولًا ثم تتشكل المجرات حولها؟ أم أن المجرات تتشكل من عناقيد النجوم، مما يُهيئ بطريقة ما الظروف لتكوين ثقب أسود؟

وفقًا لفينكلشتاين، فإن الكتلة الكبيرة لهذه الثقوب السوداء المبكرة تُشير إلى أن التفسير الأول هو الأرجح، لأن الثقوب السوداء ضخمة جدًا لدرجة أنها قد تكون قد تشكلت أولًا. لكن هذا ليس مؤكدًا على الإطلاق. ومن المحتمل تمامًا أن تكون طريقة قياسنا لكتلة الثقوب السوداء خاطئة، مما يزيد الأمور تعقيدًا.

علامات دالة:

إذا كان هناك شىء واحد يعرفه الجميع عن الثقوب السوداء، فهو أنها مظلمة، مظلمة للغاية. جاذبيتها هائلة لدرجة أنها تجذب أى شىء يقترب منها، حتى الضوء. لذا قد تتساءل: كيف نرصد الثقب الأسود؟

الجواب هو أن علماء الفلك لا يرصدون الثقوب السوداء نفسها، بل الغاز المحيط بها. هذه المنطقة، المسماة قرص التراكم، تجذب الغاز والغبار، اللذين يبدأن بالدوران بفعل قوى الجاذبية الهائلة، ويدوران أسرع فأسرع حتى تمر المادة بنقطة تُسمى "أفق الحدث"، وتُسحب إلى داخل الثقب الأسود، فلا يمكن رؤيتها مرة أخرى.

عندما يدور الغاز حول الثقب الأسود، فإنه يسخن بسبب الاحتكاك، ويصبح ساخنًا جدًا لدرجة أنه يتوهج، منتجًا إشعاعًا عالى الطاقة يمكن رصده على شكل أشعة سينية.

 هذه الأشعة السينية الدالة على وجود ثقب أسود، بتم إنتاجها من مادة شديدة الحرارة لدرجة أنها لا تُرصد إلا على شكل قرص تراكمى سريع الحركة، لذا فإن رصد هذه الانبعاثات دليل واضح على وجود ثقب أسود.

ولكن مع أن النقاط الحمراء الصغيرة الغريبة التى رصدها تلسكوب "جيمس ويب" تبدو أكثر منطقية إذا افترضنا أنها ثقوب سوداء، إلا أن ذلك لا يزال يتركنا نواجه مشكلة كبيرة: إنها لا تُصدر أشعة سينية.

يوضح "لابى" أن الأشعة السينية هى السمة التعريفية المستخدمة لتحديد الثقوب السوداء الهائلة، لذا فإن عدم العثور عليها يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأجسام ثقوبًا سوداء أصلًا. 

وإذا لم تكن مجرات وليست ثقوبًا سوداء هائلة، فماذا يمكن أن تكون أيضًا؟

يقول "بنكر": "إننا ام نرَ شئ مثل هذا من قبل، وهذا يجعل من الصعب تفسير ما يحدث. ولكنه مثير للاهتمام، حيث أنه لم يتم التنبؤ بهذه [الأجسام] مسبقًا".

على الرغم من عدم وجود الأشعة السينية، إلا أن الباحثون يعتقدون أن هذه الأجسام لا بد أن تكون ثقوبًا سوداء لأن الضوء الذى تُصدره يُظهر سمة تُسمى خطوط الانبعاث العريضة. يحدث ذلك عندما يدور الغاز حول نقطة مركزية، لذلك عندما ننظر إليه، يبدو أن بعض الغاز يتجه نحونا بينما يبتعد عنه البعض الآخر. 

تتميز أطياف الغاز المتجه نحونا بانزياح أحمر أقل قليلاً، بينما يتميز الغاز المتجه بعيدًا عنا بانزياح أحمر أعلى قليلاً (بسبب تأثير دوبلر).  

لذا، عند النظر إلى الجسم ككل، يمتد طيف الضوء المنبعث منه على أطوال موجية أوسع.

ولكى يكون قابلاً للرصد بهذه الطريقة، يجب أن يتحرك الغاز بسرعة آلاف الكيلومترات فى الثانية، والثقب الأسود الهائل هو الشىء الوحيد الذي نعرفه والذى يمكنه أن يجعل الغاز يتحرك بهذه السرعة. هذا يعنى أن شيئًا غريبًا لا يزال يحدث.

غريبٌ ومتعدد:

يُقرّ "لابى" وزملاؤه بأنه ايا كانت هذه النقاط الحمراء الصغيرة الست، فهى بلا شك أجسام غريبة. والآن، بعد أن عرفوا ما يبحثون عنه، فقد اكتشفوا المزيد - ربما المئات منها. 

يبدو أن هذه الأجسام موجودة بكثرة فى جميع أنحاء الكون المبكر.

يقول "لابى": "يبدو أننا ننظر إلى مجموعةٍ من الثقوب السوداء فى معظمها [ولكنها لا تشبه أى] ثقوب سوداء رأيناها من قبل".

إحدى النظريات التى يعمل عليها العلماء هى أن هذه الثقوب السوداء تُشبه فى الواقع تلك التى نراها اليوم - لكن الصور التى نراها باستخدام تلسكوب "جيمس ويب" تُظهر الثقوب السوداء وكأنها "وليدة"، وقد تشكلت مؤخرًا فقط، وكانت الظروف فى الكون المبكر مختلفة تمامًا عن حال الكون الحالى، مما يجعلها تبدو مختلفة.

كان الكون المبكر أصغر بكثير وأكثر كثافة مما هو عليه اليوم. كان هناك الكثير من الغاز العائم الذى لم يُضغط بعد لتكوين النجوم والكواكب والأجرام الأخرى.  ربما تحجب هذه السحب الغبارية الأشعة السينية القادمة من هذه الأجسام، مما يُخفف من إشعاعها ويجعلها تبدو مختلفة.

يستخدم العلماء حاليًا نماذج حاسوبية لمعرفة ما إذا كانت جيوب الغاز الكثيف قادرة على امتصاص الأشعة السينية وتفسير هذا الغياب الغريب لها، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه نظرية قابلة للتطبيق.

لكن بالنسبة ل"لابى"، يُعدّ هذا المجهول جزءًا من جاذبية هذا العمل: "إنها متعة العمل على شىء غير مفهوم. أعتقد أنه من أكثر الاكتشافات إثارة التى نتجت عن تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى - هذا الكمّ الهائل من الأشياء التى لا نفهمها تمامًا."

لا يزال علماء الفلك يتجادلون حول طبيعة هذه النقاط الحمراء الصغيرة، وبعض الأسئلة التى يطرحها وجودها - هل هى حقًا ثقوب سوداء من بدايات الكون؟ أم أنها نوع مختلف من الأجرام؟ هل تتشكل الثقوب السوداء أولًا، ثم تتشكل المجرات حولها؟ أم تتشكل المجرات أولًا، ثم تُولّد بطريقة ما ثقبًا أسود فائق الكتلة فى مركزها؟

مع المزيد من بيانات تلسكوب "جيمس ويب" الفضائى، سيتمكنون من البدء فى الإجابة على هذه الأسئلة.

"إنه وقت مميز جدًا لعلماء الفلك. كلما حدثت قفزة كبيرة كهذه فى التقدم التكنولوجى، كان ذلك وقتًا مميزًا للغاية."


 عن: "جورجينا توربيت". الكاتبة المستقلة فى مجال العلوم والتكنولوجيا، متخصصة فى استكشاف الفضاء وعلم الكونيات. وهى حاصلة أيضًا على درجة الدكتوراه فى علم النفس.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل نحن اذكى مما ينبغى؟

كم أفتقدك - "بقلم: حازم فرجانى"

الأنبياء - قصة قصيرة