Saturday, March 26, 2011

صـــلــــح لى قــلــوعــك يـاريــس

فصل من روايه غير منشوره لى,  تدور أحداث هذا الفصل أثناء مظاهرات السبعينيات
وما أشبه الليله بالبارحه: 

الفصل السادس

تدافع الجميع داخل أسوار الجامعة ... قرع طالب بقوة على أحد الأعمدة المنتصبة بجوار تمثال نهضة مصر منذرا بأن هجوما قد بدأ .. إنتبه آلاف الطلاب المتجمهرين حول التمثال فى مواجهة كوبرى الجامعة الى كميات ضخمة من الأمن المركزى تندفع من جانبى شارع مراد فى أتجاههم .. لقد بدأت لعبة الكر والفر مرة أخرى .. تسابق أحمد ومنير فى الركض نحو مدخل الجامعة .. كانت أول مرة يرى فيها منير .. لا يذكر العام بالتحديد .. 74 غالبا .. أو ربما 72 فمظاهرات 72 كانت الأكبر والأعنف .. حاول لاحقا أن يتذكر السنة ولم ينجح ... كل ما يذكره أن منير حاول أن يعود  حين رأهم يسحلون طالب على الأسفلت .. فمنعه بقوه وجذبه فى الأتجاه الأخر .. 
- لا فائدة من العوده ..لقد أخذوه بالفعل ...
أطرق منير  وهو يلهث ولم يجب
- أتعرفه؟
أشار منير برأسه نافيا .. على حين إندفع الأثنان بسرعه داخل حرم الجامعة وسط الآلاف بينما بدأت القوات فى التمركز خارج أبواب بدأ الطلبة فى إغلاقها... إلتقط أحمد أنفاسه ونظر الى منير 
وأنفجر فى الضحك وهو يقول لاهثا:

- لو أشتركت أولمبياد للعدو الأن لابد أن أحصل على الميدالية الذهبية
- وأنا الفضية
- ذلك فقط لأنك فكرت فى العودة

بدأ الجميع فى الإصطفاف والتجمع مرة أخرى .. نظر أحمد حوله .. لم يستطع إلا أن يرى أعدادا لا نهاية لها من الطالبات والطلاب يبدو على وجه كل منهم إصرار وتصميم لا يدرى من أين أتى به .. إنهم نفس زميلاته وزملاءه الذين يراهم كل يوم, يتضاحكون غالبا ويستهزءون ببعضهم البعض أحيانا... نفس الفتيات اللاتى تجتذبه أجسادهن أكثر من عقولهن ... واللاتى يندفع فى  محاولة لفت أنظارهن كلما أستطاع الى ذلك سبيلا .. ما الذى تغير وجعله يراهم بشكل مختلف ..ما الذى ألهمهم كل هذه القوة, وجعل صدورهم تشتعل  بنار عدوها مقدسة....أهى قدرة الأنسان أن يتسامى فى بعض الأحيان عن كل نوازعة الشخصيه وأن يصبح جزء من هدف سامى ...لا يهتم أن يضرب أو يسجن فى سبيله .. يستمد قوته من كونه جزء من كل .. أو كونه كل بدلا من  جزء .. شعر أحمد أنه  قوى... أقوى مما كان فى أى وقت ... بل أقوى مما يريد ..  
طالما أزعجته فكرة ديكتاتوريه الأغلبيه .... إن رأى الأكثرية ليس بالضرورة الرأى الصائب .. لذا حاول دائما جاهدا أن رؤيه الرأى الأخر ...
 لكنه طرح هذه الأفكار جانبا ...
إننا الأن وفى هذة اللحظات على حق ... إن هذا الغضب النبيل المنبعث من الصدور كأمواج متلألئة تتلاحق فى أرجاء المكان على حق ... وسواء كنا ندافع عن حق الشعب أن يخوض المعركة لاسترداد آراضيه بعد ما مضت ما أطلق عليها سنة الحسم فى 72 , أو كنا نحاول أن ندافع عن نصر هذا الشعب فى أكتوبر من أن يتم إختلاسة فى مظاهرات 74 وما بعدها فإننا  على حق.


*************

أنهت الجموع المحتشدة أستعدادتها .. وبدأ الهجوم المعاكس  .. فتح الطلاب بوابات الجامعة الحديديه المهيبة وإندفعت ألاف الأجساد الفتيه مرة أخرى فى أتجاه الساحة المواجهه للجامعة ... طلاب من كافة الفئات, الكليات والأتجاهات .. الجميع كانوا هناك .. حتى طلاب المدرسه السعيديه.. ورغم أن المبادءه والتنظيم كانت لليسار ... إلا أن التيار الغالب كان تيار من ليس لهم تيار ...
نجح الطلاب فى إحتلال الساحة وبدأوا فى التمركز أستعدادا للهجوم المعاكس الثانى أو إعادة إحتلال الشارع الواصل بين الجامعة وتمثال نهضة مصر... بدا واضحا أن حدود هذا التمثال هى خط  الدفاع الأخير لقوات الأمن, للسلطات, للحكومة و لمصر الرسمية
يمكن التجاوز عن أى شىء الا هذا الخط , بعده لا مجال للتجاوز أو الخطأ ..إذا إندفع الطلاب بعده فقد إندفعوا الى الشارع ..الى الشعب ..
لذا يجب أسرهم خلفه ...
ألقى أجمد نظرة على التمثال الماثل أمامه وبدا له أن نهضة مصر أسيرة معهم فى هذا المكان ....
لم يهتم أحد هذه المرة عندما بدأت القوات فى معاودة الهجوم ... إلتقط أحمد حجرا وألقاه   .. لمح منير ينزع هو الأخر بعض أحجار الرصيف .. وجد الجميع يفعلون نفس الشىء , إنهم يريدون الخروج من هذا الأسر ... مصممون على فك هذا الحصار.. الجميع يحمل الحجارة ويلقونها على الجنود  ....
بدا الأمر غريبا فمنذ أقل من ساعة كان يقف مع نفر من الزملاء فى الصفوف الأولى يتجاذبوا  أطراف الحديث مع جنود الأمن المركزى المصطفين أمامهم كأصدقاء قدامى ويحاول كل طرف بيان وجهة نظره 

- إنما نفعل ذلك من أجلكم أنتم
- يابيه إحنا عبد المأمور

إنتابت أحمد مشاعر مختلطه، إنهم مضطرون الى مواجهة هؤلاء رغم شعوره أنهم جميعا فى نفس الخندق...
وعندما نظر أحمد الى أعلى خيل إليه أنه لا يستطيع أن يرى السماء... فالحجارة المتبادله أخفتها تماما.. ولوهلة بدا أن رؤية هذا المشهد قد ألهاه عن مواصلة ما يفعل ... أو لعلها الدموع التى أنهمرت بشدة مع بدء سماع إنفجارات .. إنهم يلقون الأن بالقنابل المسيلة للدموع .. لم يضطرب الجمع كثيرا .. أمسك بعض الطلاب بالعبوات الملقاه عليهم وبدأوا فى إعادة إلقاءها فى الإتجاه الأخر  ..... وبمرور الوقت بدأ التراجع نحو الجامعة مرة أخرى , ولكنهم هذه المرة تركوهم فى الساحة, لم يحاولوا اجبارهم على التراجع أكثر... يبدو أنهم أعجبوا بشجاعتهم أو هكذا أرادوا أن يقنعوا أنفسهم.......
 تجمعت القوات فى ثلاثة مراكز... بمحازاة كلية الهندسة وبجوار كلية الزراعة و قرب حديقة الأورمان , تم حصار الطلاب الذين قرروا الأعتصام فى الجامعة داخل هذا الحيز, على حين تدافع طلاب وطالبات كلية العلوم حاملين القطن وزجاجات النشادر لمساعدة من اصابه الأعياء جراء القنابل المسيلة للدموع...
لم يدرى أحمد كم من الوقت مضى منذ بدات هذه المعركة .. ولم يدرك أنه أصيب بعدة جروح إلا عندما نبهه الى ذلك منير, لم يهتم كثيرا , بل لم يهتم على الأطلاق,  ولعله شعر بالسعادة ...

وفى طريق عودتهم هذا المساء .... قافزين من الأسوار الخلفية للجامعة ..عبر مزارع كلية الزراعة ومنها الى شارع السودان – احس أحمد ومنير أن كل منهما قد وجد صديقا حق اليوم....


صـــلــــح  لى قــلــوعــك يـاريــس
هــيـــــلا هــــوب هـيــــــــــــــــلا

Tuesday, March 22, 2011

قبل أن يفوت الأوان

فى غمار أحداث ومعارك الفتنة الكبرى, سأل بعضهم الإمام "على بن أبى طالب": أيمكن أن يجتمع طلحه والزبير وعائشه على باطل؟
كان رده البليغ الموجز أنه "لا يعرف الحق بالرجال, ولكن يعرف الرجال بالحق"
قاعده ذهبيه أرساها الرجل وهو يتحدث عن الصراع بينه وبين بعض الصحابه والذى أدى فى النهايه إلى مصرع طلحه والزبير.
مما يدعوا للأسى أن نرى الأن  من يضفى قداسه ومهابه مصطنعه على آحاد من الناس لا توجد لهم أى قيمه فكريه دينيه  حقيقيه من أى نوع.
ففى زمن الإفلاس الكامل تبوء بعض المدعين مكانه متوهمه, أدوا من خلالها أدوار المشرعين والمتفقهين الدينيين كأسوء ما يكون الأداء. وأضفى أنصاف الجهلاء بل والمتعلمين دون ثقافه حقيقيه قداسه وألقاب مضحكه على بعضهم, فصرنا نسمع عن الشيخ حسان رضى الله عنه والسلفى حسين يعقوب حفظه الله. وسايرت وسائل الإعلام والصحافة هذه الموجه فقررت بدلا من القيام بدورها التنويرى, أن تساير آهواء هذه الجماعات, لتحتل صورهم وأخبارهم صدارة الصحف.
المحزن أن بعض هؤلاء المدعين يتجرؤن بل ويسيؤن بتقولاتهم بالغ الإساءة إلى أحد أعظم الأديان على الأرض وعبر التاريخ الإنسانى. فالإسلام والحضارة الإسلاميه أسهموا بشكل حاسم فى مسيرة التقدم البشرى, بل يمكنا القول بإرتياح أن الحضارة الغربيه المهيمنه على مناحى الحياه فى القرون الخمس أو الست الماضيه, هى فى الحقيقه الوريث الشرعى لمسيرة الفلسفه والعلم الإسلاميين.
لقد كثر الحديث عن الماده الثانيه للدستور المعطل والتى تنص على : " الاسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع"
والواقع أن لهذه الماده عيب رئيسى وعيوب فرعيه ليس بينها فيما أرى ما يتعلق تحديدا بالشريعه الإسلاميه. أما العيب الرئيس فهو القول أن الإسلام دين الدوله, فالدوله كائن معنوى مجازى ليس له دين. والقول بأن دين الدوله هو الإسلام هو أشبه بالقول أن هذه البنايه مسلمه, وأن هذا المبنى مسيحى. والصحيح أنه يمكن القول أن أغلب سكان أو كل سكان هذه البنايه من المسلمين وأن أغلب سكان أو كل سكان هذا المبنى مسيحيون. وعليه كان من الواجب أن يكون النص: " مصر دولة يدين أغلب سكانها بالإسلام" وهو توصيف غير ضرورى لواقع لم ولن ينكره أحد. أما الجزء الخاص بالشريعه الإسلاميه فكان من الواجب أن يكون " الشريعة الإسلاميه مصدر رئيسى للتشريع" وإزالة أدة التعريف تعنى ضمنيا وجود مصادر أخرى للتشريع وهو ما لا يتناقض بل يتلاقى مع حقائق الفكر الإسلامى.
إن الشريعة طبقا للمفهوم الدينى للإسلام هى النبراس لطريقة الحياه والمبادىء التى يريدنا الإله أن نلتزم بها ونحن نقوم بعملية إعمار الأرض طبقا لمشيئه. وحيث أن الله  قد وضع لنا القواعد العامه فقد إجتهد المفكرون والعلماء منذ فجر الإسلام على وضع القوانيين المختلفه المنظمه لتطبيق هذه الشريعه. وظهرت الحاجه الى ذلك بإلحاح مع توسع الدوله الإسلاميه وإحتكاكها بدول وثقافات جديده, الأمر الذى أدى الى تبنى قوانين تساير إحتياجات ومعضلات لم يتعرض لها الإسلام فى بداياته.
هكذا نشأت المذاهب الفقهيه المختلفه فى التاريخ الإسلامى, وإختلفت وتنوعت فيما بينها ,،حاولت جميعها الوصول إلى أفضل القوانين الوضعيه من وجهة نظرهم لتطبيق شريعة الله على الأرض. إختلفت الرؤى وتباينت بين مذاهب تضع العقل فى مقدمة وسائل الإنسان للوصول إلى حقيقة الشريعه كالمعتزله, وأخرى تستخدم القرأن والسنه وثالثه تعلو بالقياس وأخرى بالإجماع. ظهرت المذاهب السنيه المختلفه والتى وصل عددها إلى المئات, وإستقر أخيرافى فقه الأئمه الأربعة الكبار.
ظهرت المذاهب الفقهيه الشيعيه المختلفه وتباينت فى رؤيتها للقوانين وتميزت بتجددها وإستمراريتها حتى هذه اللحظه, على حين أغلق أهل السنه باب الإجتهاد منذ مئات السنين مكتفيين بما وصل إليه الأئمه الأربعه!
ولعل مقوله الامام الشافعى الشهيره " مذهبى صواب يحتمل الخطأ, ومذهب غيرى خطأ يحتمل الصواب" توضح بجلاء عدم وجود قدسيه لأى من هذه المحاولات الفقهيه لتفسير الشريعه, فكلها إجتهادات تحتمل الإختلاف عليها.
أما ما إجتمعت عليه الأغلبيه الساحقه من فقهاء وعلماء الدين من مختلف المذاهب والمشارب فهو ما يطلق عليه "مقاصد الشريعه الإسلاميه" وهى خمس:
حفظ الدين
حفظ النفس
حفظ العقل
حفظ النسل
حفط المال
هذه ببساطه أغراض الشريعه الإسلاميه, والتى بمقتضاها يتوجب حماية معتقدات البشر جميعا وحقهم الأصيل فى إعتقاد ما يريدون. كما يتوجب الحفاظ على النفس البشريه وحمايتها من أى إعتداء أو ترويع, ومن المؤسف أن نرى الأن من يطالب مثلا بإحراق البهائيين, أو ترويع الآمنين بإسم الإسلام أو بإسم أى دين.
كما أن حفط العقل من الأولويات القصوى للشريعه الإسلاميه, وآيات الحض على إستخدام العقل والتدبر والتفكير فى القرآن, أكثر من أن تحصى. بل أن بعض المذاهب الفقهيه وضعت العقل فى المرتبه الأولى للوصول إلى حقيقة شريعة الله, فالإنسان يمكنه الوصول إلى الحقيقه بالتفكير والفطره, على حين أن دور الدين بشكل رئيس هو بيان الحلال والحرام.
ويكون حفظ النسل وضمان إستمرار عمليه التزاوج بين البشرالضمانه الأساسيه لإستمرار مهمة إعمار الأرض المنوط بها الإنسان. ويرتبط بذلك تقديس حق الإنسان فى الحفاظ على ماله من أى سوء أو سرقه أو تهديد بصرف النظر عن دينه أو عرقه أو لونه.
هذا هو المتفق عليه من مبادىء الشريعه الإسلاميه وإن إختلفت الوسائل والقوانين والمذاهب الفقهيه.
إن من يستغلون الإسلام كوسيله للوصول إلى مآرب شخصيه أو سياسيه أوماديه هم أكثر من يسيئون الى هذا الدين العظيم ومبادئه.
لقد إنتشرت مظاهر التعصب والجهل وضيق الأفق فى مصر إنتشارا واسعا فى الفترة الأخيره, ومواجهتها لن تكون بأنصاف الحلول أو التغاضى عنها, أو اللجوء الى بعض المدلسين المعتدلين لمواحهة المدلسين المتطرفين.
الحل هو بيان سماحه وإنسانيه وسعة أفق هذا الدين العظيم الذى ظلمناه جميعا.
هذا الدين الذى يدعونا ليل نهار للتدبر والتفكير.
هذا الدين الذى يقوم يشكل كامل على العدل والشورى والمساواه.
هذا الدين الذى إرتضينا أن يمتهنه أصحاب فتاوى غزوه الصناديق, و محترفى التشخيص من من يسمون أنفسهم الدعاة الجدد.
هذه الثوره المصريه الحديثه هى ثوره ضد الفساد والزيف والتدليس ...
فلننتبه
قبل أن تسرقها منا  هذه الجماعات
وبإسم الدين

Sunday, March 20, 2011

المرحله التاليه


جميل أن يخرجوا للنور كى نراهم
هكذا علق الأستاذ نجيب محفوظ  على إمكانيه إنشاء الإخوان لتنظيم سياسى علنى. ورغم أن هذه الجماعه نشأت وعاشت لوقت طويل جدا فى أحضان الظلام. وتعد الدوائر العليا فيها سراديب محكمة الإغلاق ذات تركيبات معقده. إلا أن ما نراه من إيحاءات و تسريبات يعد كافيا لرسم صوره أقرب إلى حقيقة تفكير هذه الجماعه.
نظام داخلى شديد الإحكام يخضع لمعايير صارمه يجعل الإختلاف بين رؤى صانعى القرارداخل الجماعه منحصرا فى إختلاف الوسائل. الولاء الشديد والتام لمفكرى الجماعه ومنظريها وخاصه حسن البنا وسيد قطب. إستخدام أساليب المهادنه و التحالفات حينا والهجوم الشرس حينا مع الإحتفاظ دائما بنظرية توزيع الأدوار كقاعده ذهبيه سارت معلما للجماعه.
من أمثله ما سبق. أن إنتخابات مكتب الإرشاد الأخيره دفعت بشخصيات مجهوله إعلاميا إلى مراكز الصداره كالدكتور بديع المرشد العام والتلميذ المخلص لسيد قطب. حيث فوجىء كثيرون أن شخصيات شهيره إعلاميا من الجماعه لا يمثلوا فعليا أى ثقل حقيقي داخل هذه القياده. أما أساليب المهادنه والتحالفات الوقتيه فتاريخهم ملىء بالعديد من أمثلته. ولعل ما ذكره موقع الإخوان من أن معارضى التعديلات الدستوريه هم عملاء وأصحاب أجنده أمريكيه صهيونيه, ثم إعتذار المرشد عن ذلك لاحقا هو أحد أمثلة عملية توزيع الأدوار الشهيره.
المشكله التى تواجهها الجماعه الأن والتى أرجوا أن لا تواجهها مصر معهم, أن أفكار وأساليب وفلسفة الحكم لهذه الجماعه فى الوقت الحالى هى عينها أساليب وأفكار وفلسفة حكم الحزب الوطنى ولكن بغطاء دينى.
 هذه ببساطه طريقه حكم أى نظام شمولى يرفض الأخر أو بعض الأخر, ويتشدق بشعارات زائفه عن الحريه والديموفراطيه لا يؤمن فعليا بها, نظام يضع قياداته فى مرتبه التنزيه والقداسه معتقدا فى الوقت نفسه أنه يمتلك الحقيقه المطلقه.
ومثل هذه الأنظمه والجماعات تفقد مع الوقت القدره على رؤية الواقع خارج إطار عقائدهم وأيدلوجياتهم. والتاريخ متخم بالأمثله الموحيه بدءا من النظم الشيوعيه إلى الأحزاب النازيه والفاشيه مرورا بطالبان والقاعده وصولا إلى مبارك وبن على, وبالطبع العقيد القذافى.
فروق شاسعه بين الخلفيات الدينيه والمرجعيات العقائديه لهذه النظم ولكن يبقى القمع ووسائله أداة الحكم الوحيده.
إن أمام جماعة الإخوان فى مصر مثلين لفريقين خرجا فعليا من كنف فكر جماعة الإخوان المسلمين,
أولهما مثال حكومة حماس فى غزه. الوصول إلى الحكم عبر صناديق الإقتراع. تغيير قواعد اللعبه تماما بعد ذلك بما يجعل اللجوء إلى صناديق الإنتخاب مره أخرى عمليه مستحيله. التفرغ لوضع قواعد حكم شمولى كامل تحت قناع الدين وإتخاذ ذلك زريعه لتبرير الإعتقالات والتضييق الإعلامى الكامل. البدء فورا فى عملية إستبدال قوات الشرطه والأمن بالمليشيات الخاصه بالجماعه.
وهكذا نصل لوضع قطاع غزه, حيث تكثف حكومة حماس جهودها لمنع السيدات والفتيات من ركوب الدرجات البخاريه والإهتمام بضرورة ظهور المحاميات بالحجاب.  فى حين تحتل قضية الإحتلال الإسرائيلى للقدس أهميه ثانويه, فالقدس ظلت محتله من قبل بالفعل و لمدة ثمانمائه عام  ويمكنها  إذن الإنتظار قليلا!!....
المثال الثانى هو حزب العداله والتنميه فى تركيا بقيادة أردوغان ومن قبله نجم الدين أربكان. مثال لحزب مدنى ذو مرجعيه إسلاميه يؤمن بالحريات العامه والمساواه. يصل إلى السلطه بشكل سلمى ويتركها فى أى وقت طبقا لمبدأ تداول السلطه. يعتقد يقينا أن الديموقراطيه بكل مظاهرها وليس فقط صندوق الإقتراع هى الوسيله المثلى للحكم.
هذا هو المثال الذى نريد أن تصل إليه جماعة الإخوان المسلمين , ولكن الطريق للوصول بهم الى هذا الهدف يبدوا للأن عصيا عسيرا..
لقد صوت المصريون ب "نعم" للتعديلات الدستوريه الأخيره
إعتقدت الأغلبية من المصريين أن هذا هو طريقهم نحو الإستقرار, وهو إختيار يجب أن نحترمه جميعا وأن نتفهم دوافعه. كما أن الملايين التى طالبت برفض التعديلات, قد أوضحت رفضها التام لإحياء دستور 71 ورغيتها فى دستور جديد. ولا شك أن الإعلان عن وضع المواد المعدله ضمن إعلان دستورى جديد هو إدراك لموضوعية وعدالة مطالب الرافصين.
إن مصر وكالعاده فضلت أن تنطق بصوت واحد ضم كل أطيافها وطوائفها....
ولعل جماعة الإخوان تدرك كما لأى مراقب للأحداث أن يدرك, أن هذه الأغلبيه ضمت جميع فئات الشعب, المتدينين وغير المتدينين.. الرجال والنساء.. السلفيين والعلمانين .. المسلمين والمسيحيين ..
أما إذا إعتقدت الجماعه أن نسبة ال 78% المؤيده للتعديلات أو أغلبهم  هم من المؤيدين لها, فسيكون ذلك تأكيدا لما يظنه البعض, من أن قلب وعقل الجماعه موجود هناك فى غزه.
لقد إنتهى هذا الفصل من فصول الثوره المصريه, ونحن الأن نستعد لبدء مرحله تاليه من النضال لتحقيق أهداف الثوره. ولا يجب فى هذه المرحله أن نسمح لأى جماعه أو مجموعه أن تعرقل تقدمنا لأسباب ذاتيه أو أوهام عالقه بآذهانهم.
إن الملايين الذين شاركوا فى الإستفتاء وأيا كانت أراءهم قد شكلوا هم أنفسهم بالفعل إستفتاءا منفصلا على نجاح الثوره المصريه.
إن دماء الشهداء المقدسه تستصرخنا أن نواصل العمل بلا كلل وبكل جهد, وأن نواجه أى قوى تحاول دفعنا إلى الوراء بكل قوه وحسم.
ولن نكون جديرين بتضحياتهم قبل أن نحقق ما إستشهدوا من أجله..
كرامه, حريه وعداله إجتماعيه... فى دولة مدنيه يتم تداول السلطه فيها بطريقه سلميه...   

Thursday, March 17, 2011

د. عصام العريان...عار عليك

فى الوقت الذى لا نجد فيه أى ظهور حقيقى لقوى الشباب المفجر لثورة المصريين فى يناير, تتسابق أجهزة الإعلام بإستضافة عاشقى الأضواء من رموز النظام السابق. وأقصد هنا هؤلاء الذين وإن بدوا متناقضين مع نظام مبارك, إلا أنهم شكلوا معا منظومه متكامله واحده لتغييب أو بالأحرى محاولة تغييب وعى هذا الشعب.
لعبوا دورا فى تجميل صورة النظام عبر ديكور الأراء والرؤى المتباينه, وكانوا نتاجا طبيعيا لنظام متسلط مريض, أغلق مسام البلاد, فإنتشرت البثور والقروح فى كل مكان.
وجد من سموا أنفسهم الدعاة الجدد, أرضا ممهده وطريقا يسير للثروه والشهره عبرأراء شديدة السطحيه لا تكلف أصحابها أى تفكيرأو جهد, معتمدين فى ذلك على إتقان فن التحكم فى الصوت والحركه  ومكللين ذلك بتوليفه منتقاه من الأزياء المتباينه والمختاره بعنايه... تباروا فيما بينهم, فإشتعلت نار الغيره المستعره, وتنافسوا كنجوم الفن, أيهما أكثر شعبيه وشهره,  فإنطبق عليهم المثل الشهير "ضجيج بلا طحن". وها هم الأن يملؤون شاشات التلفاز ووسائل الإعلام كأنهم مفجروا الثوره!
وفى نفس الوقت تسلل الفكر السلفى الوهابى, بمظاهره البعيده عن جوهروروح الأمه المصريه ووجدانها. فأشاعوا مظاهر و تقاليد البداوه فكرا وشكلا فى قطاعات عريضه من المجتمع. إستغلوا الخواء الثقافى والعاطفى فى وجدان العديد من البسطاء من الذين حطم نظام مبارك مسيرة أحلامهم وطموحاتهم , فإستسلموا لأفكار غريبه وغيبيه تبعدهم عن حقائق الواقع. أفتوا بحرمة الخروج على الحاكم ولو جلد ظهرك بالسوط. وها هم بعد نجاح الثوريحتلون صدارة الصحافه ووسائل الإعلام, كأنهم المفجر الرئيسى للثورهنهم المخر الرئيسى للثورهأا!!.
ويبدو أن وسائل الإعلام لم تكتفى بهؤلاء, فإستقبلت إستقبال الفاتحين أقطاب جماعة الجهاد والجماعه الإسلاميه!!.
أما هؤلاء, فهم لم يكتفوا بمجرد إبداء الأراء السطحيه, والتنقيب عن أفكارغيبيه أو غريبه, بل أن الفكر والمصدر عندهم جلى واضح. إنهم الورثه الشرعيون لجماعات الخوارج فى التاريخ الإسلامى. وكأسلافهم لم يكتفو بمجرد التكفير أوالفكرالأعوج  الذى عد "الإمام على بن أبى طالب" كافرا لقبوله التحكيم, إنما قرنوا ذلك بعمليات قتل وذبح واسعة النطاق عانى منها ولا يزال العالم الإسلامى بل والعالم كله حتى الأن. وها هم يخرجون علينا الأن كمبشرين بالثوره وملهمين لها, مع الوعد بقرب عصر عودة المرأه إلى غياهب ودهاليز الحريم, وفرض الجزيه على الأقباط!!.
أما أصدقائنا من جماعة الإخوان المسلمين فهم الأكثر وضوحا, والأعم إنتشارا والأعلى صوتا. يتعاملون بتعالى الفاتحين, ومنطق العالمين ببواطن الأمور. يتقضلوا على الناس بإكتفائم بترشيح عدد محدود فى الإنتخابات القادمه. ويمنوا على العباد عدم رغبتهم فى تسمية مرشح لرئاسة الجمهوريه. يتصرفون كأنهم القاده الحقيقين للثوره, وهم الذين تعالو عليها مسبقا قبل إندلاعها. يتناسوا الأن رفضهم الإنضمام الى طليعه الثوار فى 25 يناير, مستنكرين لجوء أصحابها إلى القيس بوك وغيرها من وسائل الإتصال الحديثه. ويتمسحون فى بعض شباب جماعتهم الذى رفض الإنصياع للأوامر وشارك فى الثوره منذ اليوم الأول. وبدلا من أن يفسحوا المجال لتيار الشباب للظهور وإبداء الرأى, ما تزال نفس الوجوه والأفكار الجامده, تشنف آذاننا بإطروحاتهم العتيقه.
إن ما نراه الأن هو إنعكاس حقيقى لعدم تحقيق الثوره أهدافها بعد. فهذه القوى الشعبيه الجباره التى إستطاعت بتصميمها ورؤيتها ودماء شهدائها إسقاط هذا النظام الإرهابى العاتى, لم تمنح بعد المجال أو الوقت لإنشاء التشكيلات المعبره عنها. هذه الأغلبيه الساحقه من المصريين الذين صمتوا ثلاثين عاما ثم أطلقوا  صيحتهم المدويه فى 25 يناير , هم القوه العاتيه القادمه والتى تزلزل قلوب وعروش أقطاب النظام السابق وإفرازاته.
ذلك هو ما يفسر تسرع وعصبيه بعض أركان النظام وبعض القوى كجماعة الإخوان من أجل تجميد الأمور عند هذه اللحظه, وقطع الطريق على أى تشكيلات سياسيه حقيقيه تعبر عن الروح السلميه المدنيه لثورة الشعب.
رهان خاسر لا محاله...... لقد خرج المارد من القمقم ليعيد كل إلى حجمه الطبيعى. وسواء كانت نتيجة الإستفتاء بالسلب أو الإيجاب. فهى لن تمثل أى عثره على طريق بناء مصرنا الحديثه.
كرامه, حريه وعداله إجتماعيه عبر ديموقرطيه سلميه تبنى الدوله المدنيه.
لقد تحدثت فى المقاله السابقه عن أن جماعة الإخوان تضم فى صفوفها بعض أنقى الأشخاص, وتبادر إلى ذهنى وقتها كل من الأستاذ محمد عبد القدوس والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح.  ولكم أسعدنى أن أقرأ اليوم أن الإثنين سيصوتان ب "لا" فى الإستفتاء على التعديلات, رغم الرأى الرسمى للجماعه.
أما السيد عصام العريان المتحدث الرسمى بإسم جماعة الإخوان والذى يقضى وقته كله متحدئا لوسائل الإعلام عن الثوره وكأنه ملهمها,
أريد فقط أن أذكره بحديثه قبل الثوره بأيام مستنكرا خروج الشباب فى 25 يناير ومتفصلا ببيان أن هذا ليس أسلوب أو طريق الإخوان.
لا أملك إلا أن أخاطبه الأن قائلا:
د. عصام العريان...عار عليك
    

Tuesday, March 15, 2011

لا

هذه الجماعه هى أسوء شىء حدث لمصر خلال المائة سنه الأخيره
ليس هذا من قبيل المبالغه, أو الأحكام الإنفعاليه
بل هى الحقيقه ناصعه وواضحه
مشكلة هذه الجماعه أنها لا تضم فى صفوفها فريقا متجانسا واحدا, بل يمكن أن تجد فيها بعض أفضل الأشخاص خلقا, مع بعض أكثر الناس دهاءا ومكرا.
دعوه جاذبه لبعض أصحاب السريره النقيه, ومرتع خصب للأفكار الملتويه الملتبسه....
تضم بعض من صدقوا بنقاء سريرتهم مخلصين فى إجتهادتهم ما ظنوه الحق, مع بعض من يستخدمونها قاطره لأفكار سوداء ومنافع أنانيه دنيئه.
يقدسون حسن البنا كنبى أو صحابى على أقل تقدير, وهو فى الحقيقه تجسيد حى للروح الملتبسه للجماعه, خلط أعمالا صالحه ببعض أشر ما تعرضت له البلاد والعباد.
هادنوا جميع الحكام والحكومات والقوى الأجنبيه ما إستطاعوا,, وإستخدموا أحط الوسائل والحيل إن لم يستطيعوا...
وقفوا أمام أنظمه وطنيه وأعاقوا تقدمها إن لم تهادنهم, وأزروا نظم فاسده مستبده إن ساير ذلك مصالحهم..
إستخدموا البسطاء محاولين خداعهم بشعارات زائفه, ونافسوا أعتى النظم إستبدادا فى وسائلهم وطرقهم..
حاربوا المنشقين عنهم بأقسى الوسائل, وجعلوا السمع والطاعه واجب على من رضخ لنوياهم
خرج من كنفهم آلاف من من إتخذوا من الإرهاب نبراسا....
وإنشق عنهم الألاف من من ظهر لهم جليا حقيقة ما تروج له النخبه الحاكمه داخل الجماعه
رغم إيمانى الشديد بروح الثوره المصريه الفتيه النقيه
ورغم إيمانى بأن الموافقه على التعديلات الدستوريه أو عدم الموافقه ليست هى بيت القصيد ولكنه الإنتقال إلى دوله مدنيه عصريه ودستور حديث 
ورغم إيمانى أن رهان هذه الجماعه على إختطاف الثورة بحكم كونهم القوة المنظمه الوحيده الأن هو رهان خاسر.
إلا أننى أدعو الجميع إلى التصويت ب "لا" على التعديلات
لقد وضع الإخوان أنفسهم كالعاده فى الموقف المقابل للقوى الشعبيه والوطنيه
أما هؤلاء الأنقياء داخل الجماعه من من لم يكتشفوا الحقيقه بعد, فقط أرجوا ألا يشاركوا فى عمليات التزوير الواسعه التى ستقوم بها الجماعه عبر التصويت المكثف لعديد من المرات لنفس الأشخاص.
أسلوب ضمن بعض الأساليب التى نقلوها عن الحزب الوطنى فتفوقوا عليهم بل وإجتازوهم إبداعا أحيانا, كجريمة إدعاء أن الموافقه على التعديلات هى واجب شرعى !!...
رجاء العوده إلى المقاله المرفقه

http://masrbalady.blogspot.com/2008_11_01_archive.html

Sunday, March 13, 2011

عن التعديلات والثوره.... والمسكوت عنه

هل يجب أن  يجرى الإستفتاء على التعديلات الدستوريه؟
إذا تم إجراء الإستفتاء هل نشارك فيه؟
إذا شاركنا فى الإستفتاء هل نؤيد التعديلات أم نرفضها؟
إذا رفضنا التعديلات فهل يعنى ذلك البدء فى عمل دستور جديد؟ أم تعديل التعديلات؟
فى كلا الحالتين, من سيقوم بذلك؟
 لجنه تأسيسيه؟ أم لجنه قضائيه؟
معينه أم منتخبه؟
إذا كانت معينه, فمن سيعينها؟
 وإن كانت منتخبه, فما هى آليه وقواعد الإنتخاب؟
وأثناء ذلك كله, هل تجرى إنتخابات تشريعيه ورئاسيه؟
وأىهما يجب أن تسبق الأخرى؟
وإذا أجريت إنتخابات تشريعيه, من يضمن أنها ستكون إنعكاس حقيقى لنبض الشارع؟
ربما قفزالإخوان الى الحكم ....
إذا أجريت إنتخابات رئاسيه فى ظل الدستور الحالى مع نعديلاته,
من يضمن ألا يستغل الرئيس الصلاحيات الواسعه فى الدستور ويصبح ديكتاتورا جديدا؟


إذا أردنا الإجابه على الأسئله السابقه كلها إجابه حاسمه, قاطعه ,وافيه,  يتفق عليها الجميع ... فيجب أن نتحلى إما
 بحكمه شامله مطلقه أو بقدره فائقه على معرفة ما سيحدث فى المستقبل.
وبما أنه من المستحيل تخيل حدوث أيهما, لذا وجب أن نتعامل مع الواقع كما هو وبما يمكنا من الإنتقال من الثوره 
الى تحقيق الأهداف الأساسيه للثوره, والتى يجب ألا تغيب عن أذهاننا أبدا:


خبز                   حريه            عداله إجتماعيه
وهناك مبدأين هامين أكدت عليهما الثوره لتحقيق أهدافها:      سلميه   و   مدنيه


 ببساطه يمكن أن تكون هذه هى المرجعيه فى الإجابه عن الأسئله السابقه ....
التعديلات الدستوريه  سواء تم الإستفتاء أم لم يتم, وسواء تمت الموافقه عليها أم لم يتم, يجب أن تفضى إلى إنتخاب جمعيه تأسيسيه تقوم بوضع دستور جديد تتفق عليه الأمه المصريه.
يجب أن يعكس هذا الدستور مبادىء هذه الثوره
الحريه والكرامه والعداله عبر دوله مدنيه يتم إنتقال السلطه فيها بشكل سلمى.
هذا ما إستشهدت من أجله سالى زهران و زياد بكير ومئات الشهداء
وهذا هو الأمر الغير قابل للنقاش..
أما القول بأن الرئيس المنتخب قد لا يدعوا إلى تأسيس دستور جديد, فهو فى رأيى  مجرد إضاعه للوقت...
الدستور الجديد أمر حتمى ومنصوص عليه صراحه فى التعديلات المقترحه.
ولو أن دماء شهداء الثوره المقدسه, هم الضمانه الأقوى والأهم من أى نص...
إن أهم دستور ديمقراطى فى العالم والذى ورثته أكبر ديموقراطيات الغرب عبر مئات السنين, هو الدستور الإنجليزى غير المكتوب.
إن دماء الشهداء قد سطرت بالفعل دستورا غير مكتوب, ويجب علينا جميعا ألا نتحمل وزر خيانته مهما كانت الأسباب.


نأتى الأن إلى نقطه مفصليه وهامه ...
لماذا يجب علينا الإسراع فى الإنتقال إلى حكم مدنى؟ وماذا لو إستغلت جماعة الإخوان هذه السرعه للقفز على الحكم؟
الإجابه على التساؤل الأول ربما تدعونا لبحث "المسكوت عنه"


دور الجيش
لقد قام الجيش بدور وطنى وحاسم فى المساعده على إنجاح الثوره.
لقد كان واضحا منذ البدايه إنحياز الجيش إلى المطالب المشروعه للشعب. بل لعلى أبالغ وأقول أن بيان الجيش عن تفهم هذه المطالب, كان إشاره للثوار بالأتجاه الى القصر الرئاسى وإسقاط النظام.
ولاشك أن هناك العديد من الأسباب التاريخيه والنفسيه, التى دفعت بالجيش إلى إعلان رغبته فى تسليم السلطه إلى إداره مدنيه فى أقرب وقت ممكن. وهذه الأسباب التاريخيه والنفسيه نفسها هى ما تدعونى إلى الإندهاش من رغبة بعض القوى المدنيه فى إستمرار المجلس العسكرى, سواء بوضعه الحالى, أو عبر مجلس رئاسى. 
ولا يحتاج الأمر إلى عميق تفكير كى نستنتج أن ممثل الجناح العسكرى فى  المجلس الرئاسى(ومهما كان عدد وقيمة المدنيين فيه) سيكون هو صاحب النفوذ الأقوى. كما أن مد فتره حكم المجلس العسكرى تحتوى على مخاطره لا يستهان بها, ولو من جانب بعض من يستمرؤون نظريه حكم المستبد العادل!.
وفى نفس الوقت, لا يمكنا تخيل أن وضع الجيش المصرى فى ظل التشكل الجديد لنظام الحكم فى مصر, والذى يمكن أن نطلق عليه بإطمئنان "الجمهوريه الثانيه", سيبقى كما هو.
 هذا تبسيط مخل للأمور.
لا يوجد عندى شك فى أن الجيش سيدين بالولاء لرئيس وحكومه منتخبه من الشعب. إلا أن الأحداث الأخيره, تجعل من العسير تصور السيد القائد العام  ورئيس المجلس العسكرى الحاكم فى دور وزير أو نائب رئيس وزراء فى الحكومه المصريه المقبله. والأمر نفسه ينطبق على السيد رئيس الأركان نائب رئيس المجلس العسكرى وأيا كانت أسماء شاغلى هذه المواقع.
إن التشكيل الجديد للجمهوريه المصريه الثانيه يجب أن يطرح وبقوه دور القوات المسلحه المصريه فى الحفاظ على أسس وروح هذه الجمهوريه والتى لابد وأن تعكس روح وأهداف ثورة 25 يناير. لقد أصبح للجيش المصرى دورا إضافيا يتمثل فى حمايه الدستور والحفاظ على الدوله المدنيه (بما يعنيه ذلك من حريه الإعتقاد والتعبير والإعلام) وضمان الإنتقال الديموقراطى السلمى للسلطه عبر إنتخابات حره تتم بشكل دورى فى البلاد.


وهو ما ينقلنا إلى التساؤل الثانى :  وماذا لو إستغلت جماعة الإخوان هذه السرعه للقفز على الحكم؟
الواقع أننى بشكل شخصى لا أميل لهذه الفرضيه. ودليلى على ذلك هو التاريخ! لم يحدث أن نالت هذه الجماعه منذ إنشائها 1928 وحتى الأن إجماعا شعبيا حقيقيا.
حتى فى ظل حكم مبارك الكارثى الطويل, لا يمكننا القول أنهم قد تمكنوا من تمثيل أغلبيه الشعب المصرى. نعم, بالقطع إستفادوا تنظميا وشعبيا من مقت عموم المصريين للنظام الفاسد. ولكن الثوره الحقيقيه إندلعت فقط حين قرر ملايين المصريين والغير منتمين لأى تيار سياسى إستعادة كرامتهم وحريتهم بيدهم.
وهوالأمر الذى عجز تيار الإخوان والمتعاطفين معهم عن القيام به طوال ثلاثين عاما.


الواقع أن الصحافه والإعلام المصرى الخاص والعام يقوم بدور غريب ومحير فى هذا المضمار. فهم يتسابقون فى دعوة أقطاب الإخوان والسلفيين ورموز من الدعاه الجدد وأخيرا أقطاب الجماعه الإسلاميه بشكل مبالغ فيه.
لم يكن هؤلاء من قام بالثوره أو أرسى مبادئها, بل رموز من هذه التيارات إلتحقت متأخره بركب الثوره. والإعلام هنا يذكرنى بتفاوض السيد عمر سليمان مع كل القوى السياسيه, فيما عدا الثوار الحقيقيون فى الشارع.
ولكن حتى لو إفترضنا جدلا وصول جماعة الإخوان إلى الحكم عبر إنتخابات حره, فتجربه حماس فى غزه غير قابلة للتكرار فى مصر. 
لقد أرسى الشعب المصرى دستوره غير المكتوب, والذى سيكون مصدرا لإلهام شعوب المنطقه كلها.
حريه وكرامه وعداله إجتماعيه عبر دوله مدنيه يتم إنتقال السلطه فيها بشكل سلمى.
مبادىء سيظل يراقبها ويحميها الجيش المصرى... والشعب المصرى..

إننى على يقين من أن الملايين الذين تسابقوا لبذل أرواحهم من أجل إستعاده كرامتهم وكرامة بلادهم, والذين أدهشوا العالم كله وأدهشوا أنفسهم, بصلابتهم ورؤيتهم العميقه, وإصرارهم على تحقيق أهداف بدت لكثيرين مستحيله. سيدهشوننا مره أخرى بتشكيلات وقوى سياسيه شابه حديثه, تمحوا من ذاكرتنا أطياف أى أحزاب كرتونيه أو جماعات تحلم بماضى لم يتحقق أبدا إلا فى رؤوس أصحابها.  

Friday, March 04, 2011

من أنتم!!!؟؟؟

هناك عشرات الآلاف ممن لم يغادروا ميدان التحرير لأكثر من ثلاثه أسابيع أثناء الثوره, ظلوا باقين تحت وطء أشد المعارك البدنيه والنفسيه والمعنويه ضراوه. عشرات الآلاف من من واجهوا الرصاص, والقنابل الحارقه وووابل الحجاره وقطع الرخام القاتل المنهمر فوق رؤوسهم ليل نهار. فتحوا صدورهم للرصاص الحى والرصاص المطاطى غير مبالين بشىء إلا إستعادة عزة وكرامه كل مصرى.                      
تسابقوا مواجهين فى إيثار نادر رصاصات قناصه العادلى وباقى عصابات الداخليه وأمن الدوله ....
 سالت دمائهم العزيزه على أرض الوطن.. لتنحت لمصر طريقا جديدا, تكلله مشاعر العزه والكرامه والفخر.       
واجهوا الأكاذيب الرخيصه, وحملات التشويه من الإعلام الرسمى المتواطىء مع نظام فاسد وعميل, ربما لم يزد عنه إنحطاطا إلا بعض وجوه الإعلام الخاص, وأشباه الفنانين والفنانات, الذين لم يفهموا أن أى فنان حقيقى, عليه أن يكون ملتصقا بنبض الشعب, وإلا كان ببساطه مجرد مدعى..
وإلتحم مع هؤلاء الثوارمئات الألالف من المصريين الذين تحولوا فى بضع ساعات إلى ملايين. هبطوا مصر كلها, لينفسوا عن غضب عميق محمل بذكرى عشرات السنين من  المهانه والتعالى والإستخفاف لحفنه من أشباه الرجال واللصوص والقوادين, مكنهم من أؤتمن على الوطن,  كى يبسطوا نفوذهم المحمل بحقارتهم على مقدرات البلاد كغنيمه إجتمع حولها عتاه اللصوص.
لقد ثار الشعب المصرى, ثوره غيرت بالفعل  وليس مجازا مجرى التاريخ.
السبب ببساطه, أن هذا الشعب أخذ مصيره فى يده, وقرر تحدى أعتى القوى, غير مبال بأى تضحيات فى سبيل تحقيق غاياته كلها فى إصرار وعناد نادرين.
وربما هذه هى النقطه التى أريد أن أتوقف عندها قليلا. كيف ولماذا إستمدت هذه الملايين الثائره, وبدون أى قائد حقيقى هذا الوعى العميق والرؤيه الثاقبه, والحس البالغ ببوصلة الإتجاه الصحيح.
ربما خليط من الإلتصاق الشديد بالوطن, وميراث طويل من الثقافه والحضاره, ألهمها وأشعل جذوتها تضحيات الشهداء, الذين وهبوا أرواحهم بتلقائيه وشجاعه فائقه, ليحملوا زملائهم أمانة نجاح الثوره.
يقودنا هذا مباشره إلى الطرف الأخر من الصوره. هذه المجموعات المقابله , النافذه الصبر من عدم عوده الحياه الرغده سريعا, القليله الحيله, المفتقده لأى رؤيه موضوعيه. لا أقصد فلول النظام السابق من الفاسدين المفسدين, أو فلول الحزن الوطنى أو أمن دوله مبارك, أو الإعلاميين المنتفعين...  بل أقصد بعض الأفراد العاديين الذين يشجوننا منذ بدء الثوره, سواء فى المداخلات الإعلاميه, أو عبر إنشاء صفحات محدوده التأثير على الإنترنت.
بدؤا أولا يتسائلون فى تعجب ودهشه ... ماذا تريدون أكثر من ذلك؟ الرجل عين عمر سليمان نائبا وأتى بأحمد شفيق رئيسا للوزراء, ما هو المطلوب أكثر من ذلك؟!! فلتخلوا الميدان!
طبعا كان من الواضح أن مبارك أتى بأخلص معاونيه فى محاوله يائسه للتملص من الموقف بأكاذيب سأمها الناس.
بعدها, الرجل سيستمر حتى سبتمبرو لن يرشح نفسه مره أخرى. ألا تكفيكم هذه التضحيه أنه حتى لن يرشح إبنه!! لماذا لا تتركون التحرير؟ّ!  
طبعا أى ساذج يمكنه أن يعرف الأن أنها كانت مجرد مناوره من مبارك, لمحاوله البقاء فى السلطه, أو إن لم يتمكن, فللتصرف بهدوء فى المليارات المنهوبه فى الداخل والخارج.
ثم أنهارت دفاعتهم مع أعصابهم وهم يصرخون.. لقد فوض سليمان سلطاته, ألم يكن ذلك ما تطالبون به؟؟ , لماذا لا تخلوا التحرير؟؟ وتناسى هؤلاء أن ذلك كان مطلب الأحزاب والشخصيات العامه التى تفاوض معها عمر سليمان, دون أن يلاحظ أو بالأحرى متعمدا ألا يلاحظ أن هؤلاء الذين قرر التفاوض معهم لا يمتلكون أى صفه أو مرجعيه. فالثوار موجودين فى الشارع وقد رفضوا منذ البدء التفاوض قبل الرحيل.
ثم تهاوت حصون صبرهم تماما , عند الرحيل ....
الثوار يرفضون خيانه دماء الشهداء. هذا النظام يجب أن يرحل بالكامل وأولهم شفيق.
لخص د علاء الأسوانى الموقف بمنتهى البساطه. لقد ثار الشعب من أجل إسقاط النظام وإقامه نظام جديد يقوم على الحريه والكرامه والعداله الإجتماعيه. ولا يمكن لأحمد شفيق الممثل لنظام مبارك المخلوع و تلميذه النجيب أن يكون على رأس هذا النظام الجديد وأن يقود التغيير الثورى. وبالنسبه لعوده الحياه الطبيعيه, فهى مرهونه بالأمر المثير للريبه الخاص بعدم عوده قوات الأمن وليس بتوقف المظاهرات.
منطق واضح وبسيط ولا يمكن مجادلته بأى منطق أو حجه على الإطلاق..
إلا أن حجه الفريق شفيق كانت لطيفه للغايه ... أنا تاريخ (نحمد الله أنه لم يقل أنه مجد!) أنا حاربت ... أنا قتلت وإنقتلت!!! مصحوبا بإطلاق بعض الإتهامات من نوعية : أنت تلبس ثوب الوطنيه.. ويبدو أن أسلوب الأسوانى فى الرد لم يلائم هذه المجموعات الرقيقه المشاعر!.... فثارت ثورتهم على هذا الروائى الذى لا يعرف أداب الحديث (مع أنه بالعوده الى شريط اللقاء سنجد أن الفريق شقيق هو  فى الحقيقه من بدأ الهجوم).
وإنشئت بضعه صفحات على الفيس بوك يرتادها بضعه مئات لمهاجمه الأسوانى والدفاع عن شفيق بل وترشيحه لرئاسه الجمهوريه,,, والواقع أننى وجدت هذه الصفحات ممتعه ومسليه للغايه , بل أن مشاهدتها لا تقل إمتاعا عن مشاهده مقاطع خطابات العقيد القذافى.
على أن الملايين من الثوار ولحسن الحظ , لا يهتمون كثيرا بهذه الصغائر.. 
فهم يسيرون فى طريقهم بإصرار .... وهاهى وزاره وطنيه تمثل روح الثوره الحقيقيه تتشكل.
و تطالعنا فى نفس الوقت أنباء عن أن شقيق يفكر مع بعض أعضاء الحزب الوطنى فى إنشاء حزب جديد!! ليثبت الثوار مره أخرى مدى وعيهم ورؤيتهم الثاقبه لحقائق الأمور.
هدفهم المقبل هو جهاز أمن الدوله الكارثى,
 ولا أظنه أنه سيمر كثير وقت, قبل أن يسقطوه.
أما هذه المجموعات المناوئه فستظل لبعض الوقت عاجزه عن الفهم أو التصرف.
ولست أدرى لماذا يذكروننى حين يخاطبون ثوار مصر, بالقذافى فى خطابه الشهير مخاطبا الثوار فى بلده فى حضور بضعه عشرات من الأفراد مقابل ملايين من الثائرين ضده صارخا:
 "من أنتم؟؟!!!!!!"