المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2025

"رام" قصة قصيرة ، ل: حازم فرجانى

صورة
١ "عصبى، أنانى، متقلب، ربما ملحد!" هكذا وصفوه.  كانت كلمات الزملاء عن "رام" كأنها سهام تُطلق فى الظلام، تحمل تحذيرات غامضة.  "لكنه خبير لا يُضاهى، ستتعلم منه الكثير،"  هذا ما قال لى مديرى، لكن نبرته لم تخفف من الحذر. اختتم أحدهم الوصف كأنه يغلق كتابًا لم أقرأه بعد بقوله: "باختصار، مجنون!" كان ذلك فى الثمانينات، وفى طريقى إلى مقر العمل الجديد، عبرت الحافلة صحراء شاسعة، كثبانها تمتد إلى ما لا نهاية. لم يشغلنى البُعد عن المدينة، ولا الوظيفة المؤقتة التى قبلتها لكسب المال من شركة أجنبية. كل ما شغلنى هو "رام"، الرجل الذى سأشاركه العمل أسبوع كل شهر. أسبوعان فى الصحراء، أسبوع إجازة، راتب مجز، ومدة لا تتجاوز عامًا. بدا كل شىء مثاليًا، حتى ظهر هذا اللغز المسمى "رام". سألت السائق بعد لحظة صمت: "تعرف الأستاذ رام؟"   أجاب بضحكة:  "ومين ما يعرفش "رام"؟ راجل غريب، بس قلبه أبيض!"  طمأننى كلامه قليلًا، لكنه أضاف:  "اسمه "إحسان رامى النشرتى"، لكن الكل بيناديه "رام". واصل الح...

"نجيب محفوظ": السطح الهادئ والأعماق المتوهجة

صورة
 يمكن وصف "نجيب محفوظ" بأنه ضمير المجتمع وسارد التحولات السياسية والاجتماعية فى "مصر". لم يكن "نجيب محفوظ" كاتبًا منعزلًا فى برج عاجى، بل كان منذ بداياته شاهدًا على تحولات المجتمع المصرى الحديث. إمتلك حسًا اجتماعيًا حادًا، وميلًا لتحليل البنية الاجتماعية والسياسية من خلال شخصيات وأحداث يومية. لكنه فى نفس الوقت، لم يقع أبدًا فى المباشرة أو الخطابة، بل جعل من الرواية أداة فهم للتاريخ الاجتماعى والسياسى للبلاد.               أولا: "نجيب محفوظ" والمجتمع المصرى... من الزقاق إلى الطبقة الوسطى: كانت روايات "نجيب محفوظ" الأولى مرآة حية للتحولات الاجتماعية الكبرى.  ففى "زقاق المدق"، يرسم بانوراما طبقة شعبية مسحوقة، تكشف عن تناقضات الحداثة والتقاليد. وفى "بين القصرين"، تظهر شخصية "السيد أحمد عبد الجواد" كرمز مزدوج للسلطة الأبوية والمجتمع المحافظ، فى الوقت الذى كانت فيه رياح التحرر قد بدأت تهب على المجتمع من الخارج والداخل. وكانت "القاهرة الجديدة" ضربة مباشرة للنفاق الاجتماعى باسم الدين والسلطة، حيث يقوم ...

ضربة موجعة لنظرية الارتداد الكبير "Big Bounce Theory"

صورة
يعتقد بعض الفيزيائيين أن كوننا نشأ من ارتداد كبير أعقب انهيار كون آخر. "نظرية الارتداد الكبير" تعنى أن الكون يمر بدورة مستمرة من التمدد والانكماش، بدلاً من بداية مفردة مثل الانفجار الكبير. فى هذا النموذج، يتمدد الكون، ويصل إلى أقصى حجم له، ثم ينكمش، وربما يرتد إلى مرحلة تمدد أخرى، متجنباً التفرد النهائى.  لكن كما تقول "كارميلا بادافيك-كالاجان" هنا، فإن "نظرية الكم" قد تستبعد ذلك. السؤال المطروح هو، هل يُمكن لكوننا أن يتمدد ثم ينكمش إلى نقطة صغيرة، مُعيدًا إحياء نوع من أنواع الانفجار الكبير مرارًا وتكرارًا؟  على الأرجح "لا". فوفقًا للتحليل الرياضى، فإن قوانين الفيزياء تمنع مثل هذا التكرار الكونى الدورى. تُعدّ "نظرية الارتداد الكبير" بديلا عن فكرة "الانفجار الكبير" كبداية للكون الذى نراه من حولنا. وهى محوريةً لتفسير احتمالية نشوء الحياة بهذه الطريقة.  فعلى حين تبدأ نظرية "الانفجار الكبير" بتفرد - حيث تتجمع المادة والطاقة فى نقطة كثيفة لدرجة أن الجاذبية تصبح قويةً بما يكفى لتفادى قوانين الفيزياء كما نفهمها - يلى ذلك تم...