Monday, February 28, 2011

لهذا.. لن أنتخب عمرو موسى

فى مناقشه مع صديق منذ بضعة أشهر, إندفعت قائلا ان النظام المصرى كان من الواجب أن يسلم الحكم إلى حزب الوفد فى أعقاب حرب أكتوبر! بالطبع لم أقصد وفد سيد البدوى أو مصطفى شردى, فعلاقة هذا الحزب بوفد سعد زغلول ومصطفى النحاس تشبه علاقه روز اليوسف إحسان عبد القدوس وأحمد بهاء الدين بروز اليوسف عبد الله كمال وكرم جبر!

قصدت مجازا القوى الإجتماعيه التى تمثل وفد الطبقه الوسطى, من الطلبه والموظفين. وفد التسامح الدينى والليبراليه المعتدله. وفد كبار ملاك الأراضى الوطنيين, ورجال الصناعه ذوى الرؤى الإجتماعيه.

ورغم إختلافى الفكرى مع مبادىء حزب الوفد عامة, إلا أنه كان حزب الأغلبيه الحقيقيه فى البلاد قبل يوليو 52.

أعتقد أن هذا الإنتقال كان من الممكن ومن الواجب أن يتم بسلاسه تامه,لولا الجشع البشرى والأنانيه المفرطه , وإنعدام الوطنيه الحقه.

يمكننا الأن إستخدام مصطلح "الشرعيه الثوريه" بإطمئنان ودون شك أن هناك فهم واسع لمعناه ...

لقد بدأ النظام الرئاسى الحالى رسميا العام 1956 فيما يمكن أن نسميه ب " الجمهوريه الأولى" وقام أساسا على مبدأ الشرعيه الثوريه. ولا شك أن القائمين على هذا النظام ومؤسسيه أدركوا ذلك بوضوح, الأمر الذى دعاهم إلى صياغه نظام للحكم يقوم على أساس دستور مؤقت.

شرعيه ثورة يوليو إستمدت أساسا من التأييد الشعبى لمبادىء الثوره. ومن التأيد الجارف لشخص جمال عبد الناصر والتى على أساسها تشكلت سلطات رئيس الجمهوريه فى إطار هذه الجمهوريه الأولى.

وبمرور الوقت وتوالى الأحداث والتحديات, تأرجحت هذه الشرعيه, ما بين العلامات القصوى والمتوسطه حتى كانت هزيمه يونيو 1967. وهنا حدث تطور بالغ الأهميه, يجب الإلتفات إليه بمنتهى الجديه.

هذه الهزيمه وبصرف النظر عن أسبابها وأهداف القوى العظمى المخططه لها, قد أسقطت بشكل نهائى الشرعيه الثوريه للجمهوريه الأولى.

ملايين المصريين الذين رفضوا الهزيمه وتمسكوا بعبد الناصر, أعطوا الرجل والنظام شرعيه جديده ولكنها مؤقته, مرتبطه بإزاله أثار العدوان ومن ثم إعاده بناء البلاد على أسس مختلفه. ولا شك أن مظاهرات الطلاب والعمال فى 1968 كانت أهم تعبير عن هذا التوجه.

وهى مظاهرات لا تقل وعيا وإدراكا وحيويه عن ئورة الشباب فى 25 يناير, إلا أن هدفها كان إصلاح النظام, الذى عدوه وطنيا, وليس إسقاطه, ولو أرادوا إسقاط النظام فى ذلك الوقت لفعلوا.

وكان إصدار بيان 30 مارس 1968 أول إشاره من ثوره يوليه إلى إمكانيه إنهاء حاله الشرعيه الثوريه, وبدء العوده إلى الحياه المدنيه الطبيعيه, وإن إرتبط ذلك بإزاله أثار العدوان.

وبوفاه عبد الناصر ومجىء أنور السادات, إنتقلت إليه تلقائيا هذه الشرعيه المؤقته, بكل مسئولياتها وإلتزاماتها. إلا أنه بدلا من التعامل الجدى والوطنى على هذا الأساس, قام بإحدى الأفعال الكارثيه والتى أثرت وستظل تؤثر فى مسيره البلاد لفتره طويله. لقد قام بالدعوه لإنشاء دستور دائم للبلاد!

وفى الوقت الذى كانت ترزح فيه مصر تحت الإحتلال الجزئى لقطعه غاليه من آراضيها, وفى الوقت الذى كانت تحكم فيه البلاد طبقا لنظام قائم على شرعيه ثوريه إستبعدت العديد من القطاعات الوطنيه, وفى الوقت الذى تتصارع فيه قوى إجتماعيه عديده تحمل روؤى مختلفه ومتباينه للمستقبل. صدر دستور 1971 الكارثى!

على أنه ومع نهايه حرب أكتوبر بدا واضحا أن هذه الشرعيه المؤقته للحكم أخذة فى التأكل, وأن إلتزامات يجب الوفاء بها تلوح فى الآفاق.

وبدلا من القيام بما هو واجب وضرورى, والبدء فورا فى بناء أسس الجمهوريه الثانيه, بدأ السادات عمليات وهميه لكسب الوقت .... إنشاء منابر مع وعد بتطويرها إلى أحزاب (أمر لم يتحقق أبدا)...بدء الحديث عن شرعيه أكتوبر .. وأى مؤرخ أو دارس للتاريخ يمكنه بسهوله إستنتاج أن القيام بحرب تحرير محدوده لا يمكن أن تضفى أى شرعيه حقيقيه أومستمره على أى نظام للحكم. ومع نهايه عصر السادات, بدأت الجمهوريه الأولى فى التآكل تماما...

ليأتى مبارك , الرئيس الموظف (أخشى أن اللقب الذى سيذكره التاريخ أكثر سيكون الرئيس اللص). إستمد صلاحياته أساسا من شرعيه مهلهله ومؤقته , نابعه من لحظه قلق عميق أعقبت حادث المنصه. شرعيه كان من الممكن أن تبقيه فتره رئاسيه واحده على أقصى تقدير, ولكنه يستمرلثلاثين عاما من القشل له وللبلاد, حتى كان السقوط المريع.

ومن هنا كان إندفاعى بالقول وأنا أرى حال البلاد المزريه قبل سقوط النظام أنه كان من الواجب إعاده تسليم البلاد لحزب الوفد, بعد حرب أكتوبر..... أعنى عوده الحياه الحزبيه والمدنيه الحقيقيه. الإعلان عن إنتهاء فتره حكم ثوار يوليو, وإعاده تسليم البلاد إلى أصحابها الحقيقين "الشعب".

خطوه كان من الممكن أن تجنبنا الكثير من الألام والنكسات. وأن تضع مصر فى مصاف دولا حققت عبورا حقيقيا للمستقبل.

على أيه حال , حان الوقت الأن لبدء هذه المرحله والتى إما ستنقلنا إلى مستقبل رحيب, أو ستكون مجرد خطوه للأمام.

خطوه للأمام, من الممكن أن ينقلنا إليها بسهوله السيد/عمرو موسى .. فهو رجل ذو مواقف وطنيه معتدله.. يتميز بحس سياسى لا بأس به, يتفوق فيه بمراحل عن السيد/مبارك. يمتلك حضورا واضحا.

بدا دائما حريصا على الوصول إلى منصب رئاسه الجمهوريه إن أمكن, ولكنه ترك ذلك للظروف والقدر دون أن يقوم ببذل أى جهد حقيقى لدعم هذا الحرص. بدا فى أحيان كثيره كجزء من نظام مبارك ولو بنكهه مختلفه, حتى أنه حين واتته الحماسه للنزول إلى المتظاهريين فى ميدان التحرير أثناء الثوره, أتبع ذلك ببيان يوضح أن تواجده كان لتهدئه المتظاهرين!

بالتأكيد يمتلك رؤيه خاصه, ولكنها بالتأكيد أيضا ليست رؤيه شامله أو متكامله للتغيير. بالقطع يمكنه أن يكون رئيسا جيدا, إلا أن رؤى التغيير فى عهده ستكون فى أغلب الظن محدوده ومحدوده للغايه.

أما التطور الحقيقى إلى غد أكثر رحابه, ونظام حكم إنتقالى يوصلنا الى جمهوريه ثانيه حقيقيه , ففى رأى أن هناك شخص واحد يمكنه وفى الوقت الحالى القيام بهذه المهمه بأفضل طريقه ممكنه.

بالطبع أقصد الدكتور محمد البرادعى. هذا الرجل هو أحد أهم المحركين الرئيسيين لثوره 25 يناير. ويمكننى القول أنه لولا ظهور أطروحات الدكتور البرادعى ونشاطاته, بالإضافه غلى حادث مقتل الشاب خالد سعيد, لما أمكن لهذه الثوره (رغم حتميتها) النجاح فى هذا التوقيت وبهذا الشكل.

إن رؤيه البرادعى البالغه الوضوح لمستقبل البلاد وكيفيه إداره التغيير, وخلفيته القانونيه الليبراليه, وخبراته كرجل دوله ورجل قانون عالمى, تجعله الإبن الشرعى الأوضح لروح حزب الوفد الحقيقيه.

كما أن رؤيته الثاقبه للأحداث و نشاطاته عبر الجمعيه الوطنيه للتغيير, وجمعه لحوالى المليون توقيع على بيان التغيير قبل قيام الثوره, وزهده غير المصطنع فى السلطه, وأيضا تصديه للعديد من المضايقات والسخافات, دون كلل أو إستسلام كان مصدر للإلهام ولروح التحدى التى إنبثقت فى وجدان الكثير من الشبان.

إننى أثق أن الدكتور محمد البرادعى هو الشخص المؤهل لقياده مصر عبر فتره إنتقاليه نحو الجمهوريه الثانيه.

ولهذا السبب سوف لن أنتخب عمرو موسى

ولهذا السبب

سأنتخب البرادعى......

No comments: