Friday, July 29, 2011

جمعــــة قندهــار

كنت قد آليت على نفسى أن أتوقف عن الكتابه منذ مارس أو أبريل الماضى ليقينى أن هناك مئات يستطيعون التعبير عن هذه المرحله خير منى. لم أرد أن أكون نغما نشاز وسط طوفان دعوات التوافق التى ملأت الآفاق بين القوى السياسيه الفاعله وبين تيارات الإسلاميين من أخوان لحقوا بركب الثورة بعيد بشائر نجاحها وسلفيين ناهضوا الثورة منذ البدايه وحتى جماعات الإرهاب المسلح الملطخه آياديهم بدماء آلاف المصريين الأبرياء ...
لم أستطع طوال الشهور الماضية أن أن أتجاهل أو أتجنب إحساسى بالكارثه التى نتجه إليها لا محالة إذا إستمرت الأمور على هذا النحو العبثى والغارق فى أوهام اللاوعى التى يقودنا إليها عدم قدرة المجلس العسكرى على فهم و رؤيه الحاضر أو إستلهام الماضى أوإستشراف المستقبل.
وإذا أضفنا إلى ذلك فشل النخبه السياسيه جميعها بمن فيهم المخلصين من رموز هذه النخبه فى اللحاق بركب الثوره وفهم إيقاعها الشاب المنفتح, بل وقيام التقليديين منهم بعمليات تحالف سياسيه رخيصة تدل على إغراقهم فى أوهام تحالفات أربعينيات القرن الماضى لأدركنا سببا إضافيا للكارثه.
أما الإعلام فتطوع بإظهار الإخوان بل والسلفيين كأبطال الثوره الحقيقيين , بينما إرتاح لتكوين صوره نمطيه للثوار الحقيقيين كشباب مشاغب , ثقيل الظل لايمل عن رفع سقف مطالبه.
تجاهلت النخبه ببساطه حقيقة أن تنظيم "الإخوان المسلميين" الحالى هو فصيل شبه فاشى ذو قدرات تنظيميه شبه عسكريه , لا يؤمن بالدوله المدنيه, ويقوم على مبدأ السمع والطاعه المنافيه لروح الديموقراطيه.
تجاهلت النخبه حقيقة أن التحالف مع هذا التنظيم أو الوثوق فى قيامه بالوفاء بأى تعهدات أو إلتزامات سياسيه هو درب من الخيال لم ولن يتحقق.
وعلى طريقه "حماس" الإنتخابات لمره واحده وإلى الأبد , يخادع الإسلاميون الناس وأنفسهم بالقول أن تصويت المصريين على الإستفتاء(الذى هو أساسا مقترح الرئيس المخلوع مبارك) هو تأيدا لهم وليس كما فى حقيقته رغبه من كثيرين فى الإستقرار وتأيدا للمجلس العسكرى نفسه وليس لتيار الإخوان.
إن هذا الوهم القاتل حول تكاتف كل القوى أتاح لتيار السلفيين الذين يمولون بمئات الملايين من الخارج وخاصه من الجزيره العربيه لنشر الوهابيه ومظاهرها فى ربوع النيل , أن يبرز بشكل مريب فى الأونه الأخيره.
وهنا  ربما نصل الى موطن الخطوره الفعليه.
"الجماعه الإسلاميه" بقوادها التاريخين ممن لم ولن يتورعوا عن سفك دماء المصريين بالألاف فى سبيل ما يعتبرونه إعلاءا لكلمة الله على الأرض.
الخطوره هنا ليست مبعثها قواد التيارالسلفى , فهم ليسوا فى الحقيقه إلا مجموعه من المهرجين المتمتعين بأنهار الأموال السعوديه المتدفقه.
الخطوره أن تنتقل قيادة جموع السلفيين الذين شاهدناهم فى مهزلة جمعة قندهار يوم التاسع والعشرون من يوليو فى ميدان التحرير الى قادة الجماعه الإسلاميه.
يومها سيعتبر عبود الزمر وناجح إبراهيم وغيرهم أن عدم وصول تيارهم إلى السلطه لسبب أو أخر هو إعتداء على إراده الأمه يستوجب حمل السلاح والدفاع عن الديموقراطيه. أما الإرتكان الى المراجعات الفقهيه لهذه الجماعات ورفضها للعنف فهو أشبه بالإرتكان الى وعود جماعة الإخوان المسلمين بالتوافق.
إن ما يحدث الأن هو مهزله حقيقيه والجميع مشارك فيها ومدان,
هؤلاء الذين يحاولون إقناع أنفسهم والأخرين بأن الزمر والعوا وبديع والعريان يؤمنون بمصر دوله مدنيه ديموقراطيه.
وهؤلاء الذين يهاجمون بجهل مريب واحده من أشرف الحركات النضاليه فى تاريخ مصر ك6أبريل وكفايه ويتهمونهم بالتمويل الأجنبى متجاهلين الملايين المتدفقه على تياران الإخوان والسلفيين من خارج الحدود.
إن المجلس العسكرى الحاكم فى مصر مطالب بتقديم تفسير للشعب المصرى عن التأييد الغير محدود الذى يلقاه من تيارات الإرهاب المحلى والدولى التى رفعت صور بن لادن فى ميدان التحرير. وهو مطالب بتفسير سماحه بإنشاء أحزاب على أساس دينى , الأمر المخالف بشكل صارخ للإعلان الدستورى.
إن تجاهل ما حدث اليوم فى جمعة قندهار يمكن أن يودى "لاقدر الله" بالبلاد الى كارثه ستعيد مصرنا الحبيبه عشرات السنين الى الوراء.
لقد قاد الشباب الأمه المصريه الى مفترق جديد للطرق  مطالبين بالحريه والكرامه والدوله المدنيه.
وهاهى قوى الظلام تحاول جذبنا الى طريق مخالف ملىء بالجهل والهوان والإستبداد.
فهل نستيقظ قبل أن تصبح جمعة قندهار هى كل أيام الأسبوع

No comments: