Monday, December 26, 2005

عــــام علــى تســونامـى


تقتضى ظروفى الشخصية التواجد فى آمريكا الشمالية بعض من السنة. و حينما وقعت كارثة التسونامى العام الفائت كنت فى القاهرة, وتابعت ما حدث فى شرق آسيا بمزيج من التعاطف الخافت مع الدهشة لحجم الدمار الهائل وأيضا لهذة الظاهرة التى لم أسمع عنها من قبل.
وبدت مشاهدة هذة الموجة العاتية و هى تكتسح فى طريقها كل شىء بطريقة أسطورية أشبة بأفلام الخيال العلمى منها للحقيقة,مشاهد تجعلك تظن للحظة أن طوفان نوح قد حدث فيما يقترب مما نراه.
لذلك لم أندهش تماما بل لعلى توقعت هذة الهجمة من الدعاة الجدد على الضحايا (لست أدرى لماذا يذكرنى هذا التعبير بالمحاقظين الجدد فى آمريكا و أيضا الفكر الجديد فى مصر, وكأنما أرتبط التجديد فى عصرنا الحالى بالتفكير الرجعى).
على أى حال بدأ الدعاة الجدد و بعض القدامى وعديد من خطباء المساجد فيما يشبة الأوركستراعزفا لكونشرتو الشماتة المكتوم فى الضحايا لمحاولة الإيعاز أن ما حدث فى شرق أسيا هو عقاب من السماء. صحيح أن ما حدث أضر فى أغلبة بأناس غاية فى الفقر بل أن أكثر بلد تضررت هى إندونيسيا المسلمة , ولكن لا يهم فالحدث فرصة لكى يثبت الدعاة أمام مريديهم المغيبين عن وعيهم تماما صدق تراهاتهم وأفكارهم الغيبية, وهى أيضا فرصة للتنفيس عن حقد لا داعى له ولا مكان له على الإطلاق فى الإسلام الحقيقى.
ولكن أى مكان للإسلام الحقيقى يمكن أن يتواجد مع هذة الجوقة الرديئه الى تزعمها الدكتور زغلول النجار متاجرين بأرواح أزهقت و ملايين شردوا جراء كارثة طبيعية, وبدلا أن نظهر روح الإسلام السمح و ندعوا الى مساعدة أخوة لنا فى الإنسانية أو الدين , إكتفينا كالعادة بالمشاهدة بل وللأسف بالتشفى.
بعد أسبوعين كنت فى كنــدا , حيث كانت الصورة مختلفة تماما, فالحديث عن التسونامى فى كل مكان و بين كل الناس إلا أنة حديث لا ينم عن التعاطف فحسب إنما يتخطى ذلك إلى كيفية المساعدة.
وحيثما كنت وفى أى من المتاجر الكبرى سواء سيرز ولمارت أو هدسون باى لا يمكنك إلا أن تسمع كلمة تسونامى من المذيع الداخلى فى دعوة للتبرع للضحايا. و كلما هممت بدفع أى فاتورة فى أى مكان حتى السوبرماركت, تبادرنى البائعة بالسؤال إذا ما كنت أرغب فى تحويل النقاط المجانية التى تمنح عادة فى المحال الكبرى إلى تبرع لضحايا التسونامى, تقول ذلك وهى تستعد بالفعل لتحويلها إلى تبرع , فذلك ما يفعلة الجميع.
حالة من الإثارة و محاولة المساعدة تجتاح الجميع, حتى أن إحدى معارفى أرسل إليها أبواها شيكا بخمسمائة دولار بمناسبة عيد مولدها , فقررت بعد تفكير قصير أن تتبرع بهم للضحايا بدلا من شراء أى شىء.
وأنا هنا لا أتحدث عن هؤلاء المتطوعين الذين يذهبون بأنفسهم الى أماكن الكوارث و الأوبئة و المجاعات مضحيين بوقتهم وجهدهم بل وسلامتهم الشخصية من أجل الأخريين و هم للأسف فى غالبيتهم من الغربيين , بل أتحدث عن التطوع بأى شى يجدى ولو كان مجرد التعاطف.
ولا أتكلم بالضرورة عن مجتمع غربى فالمنطقة التى أتحدث عنها فى كندا هى خليط متساوى من الغربيين والهنود السيخ والأسيويين والجميع يدين بعديد من الأديان ومنها بالطبع الإسلام.

ترى ما الذى حدث وجعلنا نبتعد عن روح الإسلام الحقيقية ونتمسك بقشور لا طائل منها نخفى وراءها إبتعادنا المخزى عن حقيقة الإسلام.
وسلاما الى شهداء التسونامى من جميع الأجناس والألوان والأعراق فى ذكراهم الأولى.

4 comments:

Admin said...

كلامك صح..بس المسلمين معذورين برضو...انظمة حكم ديكتاتورية علي اعلام تافه مغيب للعقول علي دعاة طالعين يغسلوا مخهم...و ان يذكر بالخير عمرو خالد لانه اول من بدأ بحملة لجمع المساعدات و التبرع في دارفور و مكتفاش بدور المتفرج...نتمني ان عدوي الايجابية تتنتقل للعرب و شكرا علي مقالك و السلام

حازم فرجانى Hazem Fergani said...

أكيد عندك حق ...الديكتاتورية والفسـاد والإعلام التافه كلها أشياء محبطة لأى نشاطات إيجابية ولعلى أضيف إليهم أيضا طريقة التعليم التلقينىالمتبعة عندنا.
وأنا لا أقصد عمرو خالد تجديدا إلا بإعتبارة واجهه لظاهرة أجدها سلبية.
ظاهرة أن عدد هائل من الشباب فى سن من المفترض أن يدفع بعقولهم الى التفكير الجدى والبحث بشغف عن الحقيقة, أجدهم بدلا من ذلك يسلمون مقاليد عقولهم بمنتهى السلاسة إلى مجموعة من الدعاة الجدد الذين لا تزيد معلوماتهم الدينية كثيرا عن معلومات هؤلاء الشباب.
لذلك أضفت طريقة التعليم عندنا, فيبدو أننا إعندنا على الحفظ, البحث عن الملخصات , حل الإجابات النموذجية دون عناء البحث فى حقيقة ما ندرس.
أليس ذلك ما يفعلة الدعاة الجدد , يقدمون ملخص مبسط _من وجهة نظرهم طبعا_ , يلقنون أفكارهم والتى أجد أغلبها للأسف مسطح ولا تقترب حتى من الجوهر الحقيقى للدين. ثم فى النهاية يقدمون ما يعتبروه الإجابات النموذجية والتى تضمن لهؤلاء الشباب النجاح ودخول الجنة.
إتتى أخشى أننا بإنتهاج هذا الطريق نبتعد عن الدين بدلا من أن نقترب منه.
أخيرا أود أن أشكرك على تعليقك وأراءك القيمة
شكرا

ايمان said...

تعرف يا مصري ما هو أكثر حزنا و بؤسا من تسطيح الأفكار التي يمارسها هؤلاء الدعاة الجدد!!! الذين يسيطرون علي عقول الجميع و ليس فقط الشباب الغض عديم الخبرة و الثقافة و الهوية، إنهم جعلوا لأنفسهم هالة من القدسية تقترب من تذييل اسماء بعضهم بالصلاة و السلام، أو علي أقل تقدير برضي الله عنه و كرم الله وجهه، حتي أصبح كل ما يقولونه ليس فقط الصحيح الوحيد في الدين و لكن الصحيح الوحيد في كل شيء ابتداء بأرائهم في الحياة و العلاقات الشخصية إلي الاقتصاد و السياسة و الفن و العلم
لا يدرك الجميع المنومين بمدي تجاريتهم
they are so commercial
بل يتلقي الجميع كل ما يلقونه علينا من تهاويمهم بكل إجلال
أهناك أقسي من أن تجرد مشاعر البشر من إنسانيتهم و تربي فيهم وحوش صغيرة تتغذي علي حمد الله علي مصائب الأخر أيا كان هذا الأخرو بعد ذلك لا نندهش من منظر الرؤؤس المذبوحة و كأن رقينا الأنساني لم يبرح العصور الظلامية
صدق دكتور زكي نجيب محمود عندما قال اننا نعيش العصور الوسطي الخاصة بنا
رحمه الله تنبأ بهذا منذ أكثر من عشرين عام

حازم فرجانى Hazem Fergani said...

إيمان
هذا توصيف دقيق للغاية لحالتنا
لقد تحول هؤلاء الدعاة الى ما يشبه بائعو صكوك الغفران
ويبدوا أننا فى حاجة الى مارتن لوثر مسلم