عندما قرر بعض العاملون فى محافظة الإسماعيلية أن يتطوعوا بتقديم ما يستطيعون ماديا الى مدرس إبتدائى فى المحافظة مقابل أن يتخلوا عن إرادتهم السياسية وفعلهم الدنيوى الواجب دينيا لهذا الرجل بدأ أخطر مبدأ دينى متطرف فى القرن العشرين. فقد أرسى هؤلاء الرجال وهذا الرجل مبدءا إسلاميا لم يتم إباحته إلا من قبل بعض المذاهب الشيعية منحصرة فى مفهوم الإمامة المتوارثة. ولم يكتفى هذا الرجل بقبول إستلام إرادات الأفراد والتحكم فيها بإسم الدين ,بل شرع فى البحث عن إرادات جديدة يسوقها ويتحكم فيها كما يشاء, مقتنعا إنه إنما يقوم بتنفيذ إرادة الله على الأرض. والأدهى أنهم أيضا أمنوا بذلك. أصبح السمع والطاعة مذهب لا يقبل التشكيك, والقسم على المصحف والمسدس يمين لا فكاك منه. وإحيط الرجل وحتى الأن بنوع من القداسة تقترب به لدى أتباعة إلى منزله هى الى الأنبياء أقرب. قداسة أصبح معها القتل والترويع واجب دينى, والسلب و السرقة ضرورة لتحقيق كلمة الله على الأرض. وإنشاء تنظيمات سرية مسلحة لإغتيال معارضى الجماعة والمرتدين عنها مجرد ضرورة دينية تبيحها الضرورات. أصبح الرصاص هو الرد الإلهى على قاض يتجرأ على الحكم ضد بعض أعضاء الجماعة أو رئيس وزراء تسول له نفسة إتخاذ أى إجراءات ضدها. أصبحت الجماعة ترى فى نفسها كل المسلمين وليس بعض المسلمين وفى زعيمها ما لم يره المسلمون الأوائل فى الصحابة أنفسهم
. وعندما قتل هذا الزعيم أواخر أربعينيات القرن الفائت أصبح لقبه عندهم >الإمام الشهيد< لقب لم ينادى به المسلمون السنة من قبل سوى على إبن أبى طالب رضى الله عنه بالطبع لم يكن هذا الرجل سوى حسن البنا والجماعة التى أنشأها هى الإخوان المسلمين. على أنه وفى أوج قوة هذه الجماعة و حياة مؤسسها و زعيمها ذو الشخصية القيادية و الكاريزمية معا, ظلت شعبيتها محدودة. صحيح أن التنظيم المحكم والميلشيات شبه العسكرية وبالطبع التنظيم السرى الإرهابى الشهير أعطوا للجماعة حضورا واضحا, إلا أن هذه الشعبيه ظلت محدودة. أمر ظل وما زال يزعج أعضاء هذا التنظيم حتى الأن. وهو ربما يفسر بعض مواقف الجماعة التى قد تبدو غامضة فى الوقت الحالى. . وفى هذا الوقت المبكر وجد حسن البنا أنه ورغم جهودة هو وأتباعه ظلت الشعبية الطاغية متركزة فى الوفد المصرى وزعيمه مصطفى النحاس. شعبية جارفة ومتناهية. وبدا منذ ذلك الوقت المبكر أن العلاقة بين المصرى العادى وجماعة الإخوان ليست علاقة حب أو كراهية بقدر ما هى علاقة نفور. نفور تغلغل حتى فى أوساط الطبقات الشعبية الفقيرة . ظل الوفد منذ إنشاء الجماعة 1928 وحتى ثورة يوليو 52 هو صاحب الشعبية الساحقة فى أوساط الشعب المصرى. لم تكن الإجراءات ضد المعارضين السياسين قد توحشت كما حدث فيما بعد, لذلك لم يجد أعضاء الوفد من الموظفين غضاضة كبيرة فى أن يضطهدوا وظيفيا وأن تتأخر ترقياتهم بضع سنوات موقنين أن حقوقهم ستعود وأكثر فور عودة الوفد الى سدة الحكم. لم يكن العمل السياسى شديد .الخطورة فلم يجد المصرى التقليدى المؤثر للسلامة بطبعه حرجا فى ممارسة السياسة أما فترة ما بعد الثورة فقد ساد الإعتقاد وسط صفوف الجماعة أنهم إستولوا على السلطة بالطريقة الفضلى لهم, الحكم من وراء الستار... الإختباء وراء الأخرين لتحقيق المآرب السياسية دون الإضطرار إلى إظهار وجههم السياسى الحقيقى ولو إلى حين. جمال عبدالناصر عضو فى الجماعة,,, أقسم على المصحف والمسدس... رجلهم الذى حل جميع الأحزاب فيما عدا الجماعة. إلا أن حقيقة الأمور كانت مختلفة تماما , فعبد الناصر كان قبل 52و بالإضافة لعضويته فى الجماعة, عضوا ناشطا فى جمعيات شيوعية وصديقا مقربا لبعض أقطاب الوفد المصرى وقبل كل شىء زعيما لتنظيم الضباط الأحرار فى الجيش والذى إستوعب تيارات فكرية عريضة من كافة التوجهات. بإختصار كان طموح الرجل ورؤيتة تتعدى أفق الجماعة بكثير.
كانت صدمة حقيقية حين تكشف وجه عبد الناصر الحقيقى , الثمرة الناضجة التى باتت أقرب إلى المنال من أى وقت , تلاشت إلى سراب يبعث على الأسى
وكان الصدام الشهير بين الجماعة ومصر الثورة والذى إستمر لعقود بدءأ من محاولة إغتيال جمال عبد الناصر فى المنشية. وبروز عبد الناصر كزعيم ذو شعبية طاغية إلتف حولة الفقراء ثم الطبقة المتوسطة بعد عدوان 56 وإضمحل دور الجماعة تدريجيا خاصة مع الإتجاه الى النظام الشمولى والصدام الشديد مع أعضاء الجماعة الذين تفرقوا ما بين السجون والمنفى الخارجى أو الداخلى
لم يكن الإخوان فقط من تعرضوا لذلك بل ربما كل التيارات السياسية بدرجة أو أخرى. على أن ما يعنينا هنا هو أن الثقل الشعبى الساحق للوفد المصرى إنتقل فيما بعد 52 وتدريجيا ليتركز فى شخصية جمال عبد الناصر نفسة, تحول العمل السياسى الى مجرد حلم... حلم راود الملاين وإرتفع بهم الى عنان السماء أحيانا وإلى غاية الإحباط أحيانا أخرى
نشأت تنظيمات سياسية هيكلية وأصبحت ممارسة السياسة خارج هذه الأطر عملية بالغة الخطورة
على أن الحلم الثورى أرضى الأغلبية الصامته التى بدأت فى التشكل بشكل أوضح , أغلبية تحب الرجل وتثق به رغم أنه حجب عنها أغلب وسائل المشاركة السياسية الفعلية سواء بقصد أم لا
وحين بدأت الأوجه الأخرى للأمور تتبدى, كان الخوف قد بات أمضى. . ولعلى هنا أستعير مثالا ربما يوضح ما حدث, وهو مثال الأستاذ نجيب محفوظ. فالأستاذ محفوظ إنتهى من كتابة ثلاثيته الشهيرة حوالى العام 51, شهور قبل قيام ثورة يوليو رغم أنها نشرت متأخرة حوالى العام 56 . ومنذ قيام الثورة ولمدة حوالى الثمانى سنوات فقد الكاتب القدرة على البدء فى أى عمل أدبى جديد, وهو يفسر ذلك بأنه أحس أن الثورة قد بدأت فى تحقيق كل ما كان يسعى إليه فى كتاباتة, العدل الإجتماعى والحرية ومكافحة المستعمر. ومع الوقت بدأت السلبيات فى الظهور وعاد الأستاذ الى الكتابة بروايات تنتقد الأوضاع ولو بالرمز بدءا من اللص والكلاب. الا أن الشعب المصرى لم يعود معه إلى ممارسة السياسة. ظلت الأغلبية صامته حتى ولو كانت مؤيدة للنظام, وبقى العمل السياسى فى أيدى صفوة ليس هذا هذا مجال تحليلها. أما الإخوان المسلمين فحتى شعبيتهم المتدنية أصلا واجهت محنة حقيقية. ومات عبد الناصر وكانت جنازتة إستفتاءا شعبيا لا ينكرة منصف على ما كان يمكن أن يحدث لو إستطاع توظيف هؤلاء الملايين فى عمل سياسى حقيقى.
وجاء إلى الحكم أنور السادات. له معرفة شخصية بحسن البنا وبعض قيادات الجماعة. محترف سياسى حقيقى أكثر منه زعيم أو قائد كسلفه. أراد أن يثبت أركان حكمة وبدء ذلك بتؤده وصبر شديدين. كره الإشتراكية والإتحاد السوفيتى كراهية مطلقة. لكن أركان حكمة يدﱢعون الولاء للإشتراكية .الشارع وخاصة الطلبة والعمال ينفرون من أركان السلطة جميعا وأيضا الإتحاد السوفيتى إلا أن إنتماءتهم فى أغلبها تتراوح ما بين الناصرية والشيوعية. أما الإتحاد السوفيتى فهو الحليف الوحيد الممكن فى الظرف الحالى. موقف شديد الدراماتيكية. إن مشاهدة بعض الأفلام التسجيليه القديمة لأنور السادات وهو يزور موسكو أوائل السبعينيات ويلتقى زعماء الكرملين لهو مشهد غاية فى الطرافة. فالرجل يتقن التمثيل بشكل مذهل فتراه يضحك ملء قلبة ويحتضنهم بحميمية شديدة, إلا أننا نوقن الأن شعوره الحقيقى ذلك الوقت. وأود هنا أن أتوقف قليلا أمام ملحوظة أجدها مثيرة للإهتمام وربما التفكير. فى المرتين التى أحس فيهما عبد الناصر أنه على وشك ترك الحكم سواء بالتنحى كما فى عام 67 أو بإحتمال الغياب عن طريق الإغتيال أو الوفاة أختار لخلافتة شخصين يوقن بكراهيتهم للإتحاد السوفيتى وقربهم العقائدى من الولايات المتحدة, الأول كان زكريا محى الدين والثانى أنور السادات.
على أيه حال ضرب السادات فى مايو 71 عصفورين بحجر واحد, تخلص من أركان حكمة المورثين منذ عهد عبد الناصر وإكتسب بذلك شعبية لا يمكن إنكارها خاصة مع بدء حديثة عن الحريات وإنتهاء عصر المخابرات وسيادة القانون والتى وجدت صدى وترحيبا لدى رجل الشار ع العادى. ولا شك أن حرب أكتوبر 73 أضفت على الرجل مصداقية وشرعية لا جدال فيها. وبعد الحرب بدت الفرصة مواتية للرجل لتثبيت دعائم حكمة مرة واحدة ونهائية. الطلبة والعمال فى أغلبهم مازالوا ناصريين أو يساريين , فكان الحل الذى الذى تفتق عنه ذهنة وأدى فى الحقيقة الى نتائج سيتأثر بها العالم كلة لعقود خاصة حينما أقتفى الغرب إثره فى هذا الحل فيما بعد هو ببساطة إطلاق الإخوان المسلمين ومن يماثلهم لمواجهة هذا المد.
حل يبدو ذكيا , سيقوم كلا الطرفين بالإجهاز على الأخر ويبقى هو فى النهايه من يملك كل أطراف اللعبة. واجهته مشكلة واحدة, جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلاميه عامة أصبحت أضعف مما ينبغى . حسنا..الحل بسيط, سنقوم بدعم الإخوان المسلمين وهذه الجماعات من وراء الستار, ولكننا سنبقى دائما مسيطرين على الأمور. لعبة شدية الدهاء والخطورة فى أن. بدأ شهر العسل بين النظام والإخوان المسلمين ومن والاهم. يمكننا الأن بالطبع ونحن نرصد الأحداث بعد عشرات السنين أن نرى بوضوح الأخطاء المميته فيها , إلا إنه من الإجحاف الظن أن صانع أو صانعى هذة السياسه فى ذلك الوقت قد مر بخلدهم ما سوف تؤول إليه. على أيه حال نحن هنا لسنا بصدد تحليل هذه السياسة أو إظهار تبعاتها ما يعنينا أنه طوال فترة حكم السادات وحتى مقتلة بإيدى روافد هذه الجماعة ظلت الأغلبية الصامتة غير موالية لها وظل شعور النفور هو السائد. حتى الأرض التى تم بلا شك إكتسابها فى أوساط الشباب كانت فى أغلبها الأعم من نصيب مجموعات كالجهاد والجماعة الإسلامية
وجاء إلى الحكم أنور السادات. له معرفة شخصية بحسن البنا وبعض قيادات الجماعة. محترف سياسى حقيقى أكثر منه زعيم أو قائد كسلفه. أراد أن يثبت أركان حكمة وبدء ذلك بتؤده وصبر شديدين. كره الإشتراكية والإتحاد السوفيتى كراهية مطلقة. لكن أركان حكمة يدﱢعون الولاء للإشتراكية .الشارع وخاصة الطلبة والعمال ينفرون من أركان السلطة جميعا وأيضا الإتحاد السوفيتى إلا أن إنتماءتهم فى أغلبها تتراوح ما بين الناصرية والشيوعية. أما الإتحاد السوفيتى فهو الحليف الوحيد الممكن فى الظرف الحالى. موقف شديد الدراماتيكية. إن مشاهدة بعض الأفلام التسجيليه القديمة لأنور السادات وهو يزور موسكو أوائل السبعينيات ويلتقى زعماء الكرملين لهو مشهد غاية فى الطرافة. فالرجل يتقن التمثيل بشكل مذهل فتراه يضحك ملء قلبة ويحتضنهم بحميمية شديدة, إلا أننا نوقن الأن شعوره الحقيقى ذلك الوقت. وأود هنا أن أتوقف قليلا أمام ملحوظة أجدها مثيرة للإهتمام وربما التفكير. فى المرتين التى أحس فيهما عبد الناصر أنه على وشك ترك الحكم سواء بالتنحى كما فى عام 67 أو بإحتمال الغياب عن طريق الإغتيال أو الوفاة أختار لخلافتة شخصين يوقن بكراهيتهم للإتحاد السوفيتى وقربهم العقائدى من الولايات المتحدة, الأول كان زكريا محى الدين والثانى أنور السادات.
على أيه حال ضرب السادات فى مايو 71 عصفورين بحجر واحد, تخلص من أركان حكمة المورثين منذ عهد عبد الناصر وإكتسب بذلك شعبية لا يمكن إنكارها خاصة مع بدء حديثة عن الحريات وإنتهاء عصر المخابرات وسيادة القانون والتى وجدت صدى وترحيبا لدى رجل الشار ع العادى. ولا شك أن حرب أكتوبر 73 أضفت على الرجل مصداقية وشرعية لا جدال فيها. وبعد الحرب بدت الفرصة مواتية للرجل لتثبيت دعائم حكمة مرة واحدة ونهائية. الطلبة والعمال فى أغلبهم مازالوا ناصريين أو يساريين , فكان الحل الذى الذى تفتق عنه ذهنة وأدى فى الحقيقة الى نتائج سيتأثر بها العالم كلة لعقود خاصة حينما أقتفى الغرب إثره فى هذا الحل فيما بعد هو ببساطة إطلاق الإخوان المسلمين ومن يماثلهم لمواجهة هذا المد.
حل يبدو ذكيا , سيقوم كلا الطرفين بالإجهاز على الأخر ويبقى هو فى النهايه من يملك كل أطراف اللعبة. واجهته مشكلة واحدة, جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلاميه عامة أصبحت أضعف مما ينبغى . حسنا..الحل بسيط, سنقوم بدعم الإخوان المسلمين وهذه الجماعات من وراء الستار, ولكننا سنبقى دائما مسيطرين على الأمور. لعبة شدية الدهاء والخطورة فى أن. بدأ شهر العسل بين النظام والإخوان المسلمين ومن والاهم. يمكننا الأن بالطبع ونحن نرصد الأحداث بعد عشرات السنين أن نرى بوضوح الأخطاء المميته فيها , إلا إنه من الإجحاف الظن أن صانع أو صانعى هذة السياسه فى ذلك الوقت قد مر بخلدهم ما سوف تؤول إليه. على أيه حال نحن هنا لسنا بصدد تحليل هذه السياسة أو إظهار تبعاتها ما يعنينا أنه طوال فترة حكم السادات وحتى مقتلة بإيدى روافد هذه الجماعة ظلت الأغلبية الصامتة غير موالية لها وظل شعور النفور هو السائد. حتى الأرض التى تم بلا شك إكتسابها فى أوساط الشباب كانت فى أغلبها الأعم من نصيب مجموعات كالجهاد والجماعة الإسلامية
إننى أذكر تماما كيف أصطف المصريون ممن باتوا لا يعيرون العمل السياسى أى قيمه صفوفا أكبر من أى إستفتاء مماثل أخر لإنتخاب حسنى مبارك خلفا للسادات العام 81.
إنهم لا يعرفون مبارك, إلا أن خوفا كبيرا تحرك بداخلهم من تلك الجماعات الإرهابية المتأسلمة بشكل عام
وكان فشل أحداث أسيوط عام 81 . دليلا أخر على عزوف الأغلبيه الصامته عن هذا الطريق.
وجاء مبارك
وذلك حديث أخر . .
.
وجاء مبارك
وذلك حديث أخر . .
.